عهد وناريمان التميمي: حكاية يوم الحرية
إيهاب الريماوي
الساعة الرابعة فجرا توجهت عائلة عهد التميمي والمتضامنون مع اسرى الحرية، إلى حاجز جبارة جنوب طولكرم، حيث كان من المفترض أن يتم الافراج عن عهد التميمي ووالدتها ناريمان عند هذا الحاجز الساعة السادسة والنصف صباحا، حسبما أبلغوا من قبل المحامين.
خلال طريقهم إلى الحاجز المذكور الذي يبعد عن قرية النبي صالح نحو 50 كم، أبلغوا بأن الإفراج عنها سيتم على حاجز رنتيس غرب رام الله، واضطرت العائلة للعودة مجددا بعد أن قطعوا مسافة طويلة، وخلال عودتهم أبلغوا مرة ثانية بأن الافراج سيتم عند حاجز جبارة.
مرة أخرى، يعاد إبلاغهم بأن الإفراج سيكون عند حاجز رنتيس.
وصلت العائلة وعدد كبير من الصحفيين إلى أقرب نقطة من حاجز رنتيس، قطع الاحتلال الطريق، ومستوطنون رفعوا علم دولة الاحتلال، وشرعوا باستفزاز الأهالي والصحفيين، ورددوا شعارات عنصرية.
لم تفلح استفزازات المستوطنين في مواصلة توافد الحشود استعدادا لاستقبال عهد وناريمان، الكل يترقب لحظة الافراج، ولا يكل ولا يمل والد عهد من النظر إلى كل مركبة قادمة من الحاجز، علّ إحداها تحمل زوجته وابنته، شوق طال انتظاره، ثمانية أشهر من الترقب.
في لحظة تمر دورية عسكرية إسرائيلية مسرعة، وأحدهم يلمح عهد داخل الدورية ترفع شارة النصر، مرت الدورية مسرعة، بالكاد تم رؤية عهد.
أسرعت السيارات خلف الدورية العسكرية لمعرفة وجهتها وأين سيتم إطلاق سراحها.
تعمد جنود الاحتلال الاسرائيلي إفساد فرحة الافراج عن عهد، لا يحبون مشاهدة الصور الاولى للإفراج عنها، ولا مشاهدة التضامن الكبير معها، هو الاحتلال هكذا يحاول حتى آخر نفس تنغيص كل فرح فلسطيني.
محاولات الاحتلال هذه لم تنجح، وأخيرا يطلق سراحها على مدخل قريتها النبي صالح شمال غرب رام الله.
هذا كل ما استطاعت سلطات الاحتلال فعله، أن تؤخر فرحة الإفراج قليلا، لكن عهد أصبحت حرة وصورها ملأت كل شاشات العالم.
عهد أفرج عنها في المكان الذي احتجز فيه جثمان الشهيد عز الدين التميمي الذي ارتقى في شهر رمضان، وقبله الشهيد رشدي التميمي خال عهد، وصولا إلى الشهيد مصطفى التميمي، ومن هنا اعتقل العشرات أيضا.
كلمات عهد الأولى عقب الافراج عنها: لدي رسائل عديدة من الأسيرات داخل سجون الاحتلال.
توجهت عهد نحو البوابة الحديدية المغلقة منذ سنوات على مدخل قريتها، وعنوة على الاحتلال فتحتها، في صورة رمزية تعبر عن استمرارها في المقاومة الشعبية.
أول زيارة لها ولوالدتها كان لمنزل الشهيد عز الدين التميمي، وطلبت والدتها أن تحظى بخصوصية مع والدة الشهيد، وقالت: أريد أن أبكي وحدي معها، لا أريد أن أبكي أمام عدسات الكاميرات.
عهد اعتقلت في 19 كانون الأول 2017، بعد انتشار مقطع فيديو تظهر فيه مع ابنة عمها نور التميمي، تقتربان من جنديين إسرائيليين يستندان إلى جدار في باحة ببلدة النبي صالح شمال غرب محافظة رام الله والبيرة، وتطلب الفتاتان من الجنديين مغادرة المكان، وتقومان بركلهما، وصفعهما، وفي اليوم التالي لما توجهت ووالدتها للاطمئنان عليها، تم اعتقالها.
أصبحت عهد التميمي بعد اعتقالها مثالا للشجاعة في وجه جرائم الاحتلال الاسرائيلي في الاراضي الفلسطينية المحتلة.
أمس اعتقل الاحتلال 3 رسامين إيطاليين كانوا يرسمون جدارية لعهد التميمي على جدار الفصل العنصري بمدينة بيت لحم.
ولعل الرسائل التي تحملها عهد من الأسيرات تروي قصة نحو 60 أسيرة، بينهن خمس قاصرات دون سن الثمانية عشر عاما.
ha