قمح لم يحصد بعد
بسام أبو الرب
......
فوق إحدى التلال المطلة على السهول المزروعة بالقمح، في قرية جالود جنوب نابلس، يقف المواطن محمد فوزي الحج محمد، يناظر من بعيد ما زرعه من حبات القمح قبل شهور، وفات على حصاده اكثر من اربعين يوما، وقد انحنى من حمله الثقيل وتناثر على الأرض مرة أخرى.
المواطن الحج محمد (32 عاما)، وصل الى قمة التلة من الجهة الشرقية للبلدة، برفقة اثنين من المزارعين الشباب، تحت أشعة الشمس الحارقة، وأخذ يشرح عن مساحات الاراضي المزروعة بكروم العنب التي استولى عليها المستوطنون، وحرمت العائلة من دخولها، رغم قرارات المحاكم الاسرائيلية باستعادتها واقتلاع ما زرع فيها.
الطريق الواصل بين بلدتي جالود وقصرة، يقطع المنقطة الى نصفين، الاراضي على الجانب الايسر منه مصنفة (ب)، والاراضي من الجانب الايمن مصنفة (ج) وبحاجة الى تنسيق لدخولها والتي قد تستغرق شهورا.
هجوم المستوطنين والتصدي لهم، اثناء العمل في الاراضي الواقعة اسفل التلال التي اقيمت عليها بؤرتا "احيا" و"يش كودش"، ذكريات الحج محمد مع والده الذي وافته المنية قبل عام، والتي لا يستطيع نسيانها أبدا.
"رغم كل ما نتعرض له من مضايقات وهجوم من قبل المستوطنين وجيش الاحتلال، الا اننا نعود الى الاراضي في كل عام، بعد انتزاع قرار من المحاكم الاسرائيلية في العام 2013، ونزرعها رغم تأخر في حراثتها وبذارها"، يقول الحج محمد.
وأضاف "منذ سنوات نزرع القمح بعد مضي اكثر من شهرين على موعد البذار، ورغم التنسيق لذلك نجد مضايقات من قبل المستوطنين والاستيلاء على المعدات الزراعية بحجة عدم الترخيص، وعند موسم الحصاد الذي يتأخر بفعل التنسيق لدخول الاراضي، نواجه الافعال ذاتها".
اكثر من 300 ألف شيقل خسائر العام الحالي في محاصيل القمح، نتيجة المماطلة في التنسيق لدخول الاراضي وحصاد القمح؛ الامر الذي ادى الى تلفه وبالتالي حراثة الاراضي مرة اخرى دون الاستفادة منها، أكد الحج محمد.
جالود كانت مساحة اراضيها نحو 20 ألف دونم، وصلت اليوم الى اربعة آلاف دونم، بعد قرارات بالاستيلاء لصالح الاستيطان واغلاق لما يقارب 16 ألف دونم بحجة انها مناطق عسكرية.
رئيس مجلس قروي جالود عبد الله الحج محمد، قال لـ"وفا"، إن 12 مستوطنة، وبؤرة استيطانية وموقع عسكري اجزاء كبيرة منها مقامة على اراضي القرية، بما فيها المستوطنة الجديدة "عمحاي".
وقال، قبل العام 2000 كانت اعداد المستوطنين قليلة، واليوم تضاعفت كثيرا مقارنة مع عدد المواطنين في القرية، ورحيل الكثير منهم بسبب مضايقات الاحتلال، والاستيلاء على اراضيهم.
وتابع، انتهاكات الاحتلال واعتداءات المستوطنين اثرت بشكل مباشر على المحاصيل الزراعية خاصة القمح منها، الذي كان من المفترض حصاده قبل اربعين يوما، بسبب عدم السماح للمزارعين بالوصول الى الاراضي، التي يمتلكها الفلسطينيون وفيها اوراق تثبت صحة ذلك.
وأكد أنه في كل عام يتكبد المزارعون خسائر كبيرة؛ بسبب سياسة المنع، وتحت ذريعة ما يسمى بالتنسيق الأمني، لدخول الاراضي التي تقدر مساحتها بـ250 دونما، ناهيك عن الاستيلاء على المعدات التي تستخدم في مواسم الحراثة والحصاد.
يتحرك المزارعون بحذر فوق التلة، ويحذرون طاقم وكالة "وفا"، من التواجد مطولا في هذه المناطق رغم انها فلسطينية، ما قد يشكل خطرا عليهم، لان المستوطنين يهاجمون كل من يحاول الاقتراب من الاراضي او حتى النظر اليها.
يهبط الجميع من فوق التلة، وتبقى مركبات المستوطنين تصول وتجول فوق سنابل القمح، التي يحلم الفلسطينيون بحصادها منذ شهور.
ha