بعد وقف مساعداتها للأونروا.. أميركا تسعى لاختزال عدد اللاجئين
محمد عواد
أكد خبراء ومسؤولون، أن سعي أعضاء من مجلس الشيوخ الأميركي لسن قانون جديد يعترف فقط بـ40 ألف لاجئ فلسطيني بدلا من 5.2 مليون، لن يغير شيئا على أرض الواقع، كون حقوق اللاجئين مكفولة بموجب قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة، خاصة القرارين (194، 302).
ورأى الخبراء في تصريحات منفصلة لـ"وفا"، اليوم الاثنين، أن هذا التحرك الأميركي يتساوق مع السياسات الإسرائيلية، التي تسعى لشطب حق العودة للاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم التي هجروا منها قسرا، وهو أيضا ما تختزله "صفقة القرن"، التي تبحث عن مسوغات لفرضها.
وفي هذا السياق، قال أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية صائب عريقات، إن المشروع الأميركي لسن قانون جديد يعترف فقط بـ 40 ألف لاجئ فلسطيني بدلا من 5.2 مليون؛ أمر مرفوض وغير قانوني ولا يمكن أن يؤثر شيئا على الوضع الراهن.
وأضاف عريقات أن هذا التحرك الذي بادر إليه النائب الأميركي داغ لامبوران "هو جزء لا يتجزأ من صفقة القرن، التي تهدف لإسقاط حق اللاجئين، ويتوافق مع قانون القومية العنصري، الذي يعتبر الحجر الأساس للصفقة المشبوهة".
وأكد أن حقوق اللاجئين محمية بموجب القرار الدولي الصادر عن الأمم المتحدة رقم (194)، ولا يمكن تجاوزه، ولا يحق لمجلس الشيوخ أو الكونغرس الأميركيين، تجاوز القانون الدولي، وفرض قوانينهما على دول العالم.
القرار (194) ينص على "إنشاء لجنة توفيق تابعة للأمم المتحدة وتقرير وضع القدس في نظام دولي دائم وتقرير حق اللاجئين في العودة إلى ديارهم في سبيل تعديل الأوضاع بحيث تؤدي إلى تحقيق السلام في فلسطين في المستقبل".
وأوضح عريقات أن إدارة الرئيس ترمب أكملت خطوتها الأولى بقطع المساعدات عن الأونروا بشكل كامل، بالسعي لسن قانون جديد يختزل عدد اللاجئين الفلسطينيين، في معركة تشنها ضد الشعب الفلسطيني سعيا منها لإلغاء حق العودة.
وكانت الولايات المتحدة، أعلنت سابقا عن قطع مساعدتها للأونروا بذريعة أسباب تتعلق بالخدمات التي تقدمها الوكالة، خاصة المناهج التعليمية، ما أدى لعجز مالي كبير لدى الأونروا، اضطرت بسببه الى تسريح مئات الموظفين العاملين في صفوفها، وتقليص بعض خدماتها الأساسية.
وأشار عريقات إلى أن الإدارة الأميركية تدعم بشكل أعمى وغير مسبوق ما تقوم به حكومة الاحتلال من انتهاكات مستمرة ضد أبناء شعبنا من قتل واعتقال وهدم المنازل والاستيلاء على الأراضي والتوسع الاستيطاني، الذي رفضه العالم أجمع باستثناء أميركا.
وشدد على أن التحرك الأميركي خارج عن القانون الدولي ومرفوض جملة وتفصيلا، ولا تستطيع أميركا فرض قراراتها وقوانينها علينا.
وبادر النائب داغ لامبوران الى حشد عشرة أعضاء آخرين في مجلس الشيوخ للتقدم بمشروع قانون جديد، يتعلق بالمساعدات الأميركية لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الاونروا"، بحيث يتم اعتماد عدد جديد للاجئين الفلسطينيين الذين تتولاهم الوكالة، وعليه سيتم تحديد المساعدة المالية وفقا لعدد هؤلاء اللاجئين المعترف بهم رسميا.
ويشير الاقتراح المطروح لمشروع القانون الى ان عدد اللاجئين الفلسطينيين الحالي والمقدر وفقا لوكالة الاونروا بـ5.2 ملايين لاجئ فلسطيني تتلقى الوكالة مساعدات لهم، بينما عدد اللاجئين الحقيقي وفقا لمشروع القانون الجديد لا يتعدى الأربعين ألفا، وهو عدد اللاجئين الفلسطينيين الذين هجروا إبان نكبة عام 1948.
من جهته، قال المحلل السياسي غسان الخطيب إن مشروع القانون الأميركي لا يؤثر على القانون الدولي، لأن الدول يجب أن تسوي قوانينها مع القانون الدولي وليس العكس، والأصل في الموضوع هو القانون الدولي.
وأضاف أن السبب وراء هذا المشروع واضح، وهو أن أميركا تسير في سياسة إخراج موضوعين من طاولة المفاوضات، هما: (القدس، واللاجئين)، عبر الاعتراف بالقدس عاصمة موحدة لإسرائيل ونقل سفارتها إليها، واللاجئين عبر إنهاء الأونروا من خلال وقف المساعدات المقدمة لها وكذلك القوانين كهذا الجديد، وهو جهد أميركي إسرائيلي مشترك.
ورأى الخطيب أن مجمل ما سيقوم عليه القانون في حال تم المصادقة عليه، الانسجام مع تقليص المساعدات الأميركية للأونروا.
وأشار إلى احتمالية سعي إسرائيل لتسويق القانون دوليا، لكنها لن تنجح بذلك، خاصة أن الاعتراف الأميركي بالقدس عاصمة لدولة الاحتلال، لم يجد قبولا لدى دول العالم، خاصة أوروبا.
من ناحيته، قال المحلل السياسي والخبير في شؤون الأمم المتحدة عبد الحميد صيام، إن أساس الولاية وإصدار القوانين والقرارات الدولية، يأتي من الأمم المتحدة والجمعية العامة، كما هو حال القرار (302) الذي أنشئت الأونروا بموجبه، وينص على أن "أبناء اللاجئين هم لاجئون، وفي حال لم يعودوا إلى ديارهم يبقون كذلك".
وأضاف صيام أن أي دولة لا تستطيع ان تقرر في الاتفاقيات الدولية، وهذا يسمى في السياسة الدولية "عنجهية القوة" والاستخفاف بالقانون الدولي.
وأشار إلى أن مشروع القرار الجديد ينفذ السياسة الإسرائيلية من خلال الإدارة الأميركية.
وأوضح أن مشروع القانون سيفشل كما فشل الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، وستسعى إسرائيل وأميركا إلى تسويق الموضوع ضمن "صفقة القرن"، لكن من الصعب تمريره خاصة بعد فشل تسويق الاعتراف بالقدس عاصمة إسرائيل.