الاحتلال يلاحق المياه الفلسطينية في الأغوار
الحارث الحصني
اعتقد أهالي قرية كردلة بالأغوار الشمالية، امس الثلاثاء، خطأ، أن قوات الاحتلال الاسرائيلي أنهت عملية تجريف أحد خطوط المياه بالقرب من مدخل القرية؛ بحثا عن فتحات مياه ادعت أنها "غير قانونية"، بعدما جاءت القوات ذاتها ناسفة ذلك الاعتقاد بتجريف خطا آخر عند مدخلها.
ووصف مواطنون من قريتي بردلة وكردلة الزراعيتان، شهدوا عملية التجريف، انتقال جرافات الاحتلال من خط مياه لآخر بأن الاحتلال "يلاحق مياههم".
وخلال الشهرين الماضيين جرفت آليات الاحتلال خطوط المياه في القريتين المتلاصقتين، أكثر من أربع مرات؛ بحجج مسبقة بأنه يبحث عن فتحات يدعي الاحتلال أنها "غير قانونية".
واستولى أيضا خلال الفترة ذاتها على خطوط مياه من بردلة، وتدمير بركة مياه في منطقة الفارسية بالأغوار الشمالية.
يقول الناشط الحقوقي عارف دراغمة : "بحسب الاتفاقيات مع الاحتلال الإسرائيلي بعد احتلاله لكافة فلسطين التاريخية عام 1967، أن يعطي المواطنين في قريتي بردلة وكردلة (240 ) كوب مياه في الساعة".
لكن مع تقادم السنين قلص الاحتلال تلك الكمية لأكثر من النصف تقريبا عندما أصبح يعطي المواطنين هذه الأيام (140) كوب مياه في الساعة.
وخلال أكثر من ثلاث ساعات من نهار يوم أمس، جرفت آليات الاحتلال التي ترافقها قوات احتلالية، خطي مياه في المنطقة؛ بحثا عن فتحات "غير قانونية".
في الصيف الذي ترتفع فيه درجات الحرارة، يحتاج المواطنون المياه بشكل مضاعف عن باقي أيام السنة، لتكون المياه معوضا للحرارة المرتفعة، لكن سكان من تلك المناطق قالوا إن الاحتلال يختار الصيف متعمدا لتجريف تلك خطوط المياه بشكل مستمر .
يقول إبراهيم فقها، أحد سكان قرية كردلة: " في الشتاء لو ظلت محاصيلنا دون مياه لأيام تتأثر بشكل ضئيل، لكن في الصيف يجب أن تُروى يوميا كي لا تموت ".
ويضيف الرجل الذي يشغل منصب رئيس الجمعية الخضراء التعاونية الزراعية في كردلة: "عندما تقل كميات المياه في الصيف يقل معها كل شيء(..)، لا يعد الإنتاج كما لو كانت المياه كافية".
بين أحد حقول الجوافة التي دخلت مثل غيرها من محاصيل الفاكهة، إلى سوق الزراعة الفلسطينية في السنوات الأخيرة في مناطق الأغوار، تجرف إحدى آليات الاحتلال أحد خطوط المياه بحثا عن فتحة يدعي الاحتلال أنها "غير قانونية".
وهذه المرة كانت مشابهة للمرة التي سبقتها عندما أدخل الاحتلال كاميرات في خطوط نقل المياه الرئيسية؛ للبحث عن تلك الفتحات التي يدعيها.
قال نبيل فقها واحد من الذين يزرعون أراض في الأغوار: " هدفهم واضح يريدون افراغ الأغوار من سكانها الأصليين على حساب توفير الراحة للمستوطنين".
وتشير الأرقام أن معدل استهلاك المستوطن القاطن في الأغوار الشمالية يبلغ 8 أضعاف ما يستهلكه المواطن الفلسطيني،حسب دراسة سابقة أعدها مركز عبد الله الحوراني بعنوان:" الأغوار الشمالية بين مطرقة الاحتلال وسندان عصابات المستوطنين، تعطيش الاغوار.. جريمة ضد الإنسانية.
وهذا الرقم يدل على أن الاحتلال بالرغم من عدم وجود توازن في كميات المياه التي يستهلكها الفلسطيني مقابل المستوطن، يعمل بأساليب واضحة على سلب كميات إضافية من مياه المواطنين لصالح مستوطنيه.
وفي السنوات القليلة الماضية كثفت إسرائيل وهي السلطة القائمة بالاحتلال، من حربها على المياه في مناطق الأغوار الزراعية، وصار مسلسل تجريف خطوط المياه الذي تقوم بها سلطات الاحتلال سنويا؛ للهدف ذاته.
ولا تمشي الحياة في الأغوار الشمالية دون وجود مياه كافية تكفي المواطنين وزراعتهم، والتي تفرض نفسها كواحدة من مقومات الحياة الأساسية في هذه المناطق.
قال نبيل :" الاحتلال يلاحق مياهنا ويسلبها، لا نستطيع أن نزرع مساحات الأراضي التي كنا نزرعها في الماضي، أيضا نحن البشر نحتاج لكميات أكثر في الصيف".
وتعد الأغوار الشمالية واحدة من أكبر الأحواض المائية في فلسطين، وهذا سبب أساسي في جعل تلك المناطق تزخر بالزراعة المروية، التي باتت في السنوات الماضية متواصلة حتى في أيام الصيف.