بيان رحلت قبل أن ترى شقيقها
تنبعث رائحة الموت والدماء من منزل عائلة أبو خماش، وتناثرت بقع الدم وأشلاء إيناس أبو خماش (23 عاما) التي كانت تنتظر وضع جنينها، ورضيعتها بيان، ابنة العام ونصف العام، على الجدران بعد أن اخترق صاروخ إسرائيلي سقف منزلهم في مدينة دير البلح جنوب مدينة غزة فجر اليوم الخميس، بينما لا يزال رب الأسرة محد أبو خماش (25 عاما) يرقد في قسم العناية الفائقة في مستشفى شهداء الأقصى في المدينة.
سرير بيان المصنوع من الخيزران بات خاويا إلا من الغبار وبعض الردم، أما حصانها وسيارتها وعرائسها البلاستيكية فقد تمزق جزء منها وتناثر في البيت الذي لم يستطع محمد أن يسقفه بشكل كامل بالباطون فأكمل تغطيته بألواح "الاسبست".
بيان التي زينت حياة والديها لسنة ونصف، تزينت قبل أيام بطوق ورد وقليل من أحمر الشفاه ووقفت أمام كاميرا هاتف والدتها لتلتقط لها صورة، لكنهما لم تكونا تعلمان أنها الصورة التي ستتناقلها بعد أيام صفحات الأخبار ومواقع التواصل الاجتماعي للطفلة الشهيدة.
وقال شهود عيان من جيران العائلة إن صاروخا استهدف المنزل بشكل مباشر في نفس توقيت استهداف مسجد محاذ للبيت، مخترقا الجزء المكون من الباطون ومخلفا فتحة يبلغ قطرها نحو المتر وأشلاء ودماء وغبارا.
أحمد أبو خمّاش (50 عاما) ابن عم الشهيدة، قال إن مواطنين توجهوا لتفحص مكان الانفجار فسمعوا أنين محمد. خلعوا الباب ودخلوا ليجدوا إيناس وطفلتها فارقتا الحياة ومحمد مضرج بدمائه.
"تناثرت أشلاء الأم وطفلتها داخل أرجاء المنزل. حمل المسعفون محمد إلى المستشفى ولملموا أشلاء الطفلة وأمها من على الجدران وصحن البيت".
واستأجر محمد أبو خماش البيت ليؤسس حياته الجديدة بعد أن تزوج منذ أكثر من عامين، محاولا أن يبنى حياة جديدة بعمله الحر غير المستقر، وفقا لابن عمه.
في منزل الشهيدتين نادى مناد جميع من تواجد في البيت بالمغادرة فورا، "بدنا ندفن البنت وأمها والجنين". خرج الجيران والصحفيون للجنازة فيما بقي محمد في المستشفى يتلقى العلاج ولم يعلم بعد مصير عائلته.
وقالت مصادر طبية إن 3 مواطنين استشهدوا ليلة أمس وفجر اليوم منهم علي الغندور (30 عاما)، في مخيم جباليا شمال غزة، فيما أصيب 12 مواطنا على الأقل.
وكشفت مصادر محلية أن آبار مياه في مدينة بيت لاهيا شمال غزة، وقرية المغراقة جنوب غزة، قد دُمرت بالكامل، ما أدى لأزمة في تزويد المواطنين بمياه الشرب.