التدريبات العسكرية تُبقي مواشي "يرزة" دون راعٍ
الحارث الحصني
عندما تبدأ قوات الاحتلال الإسرائيلي، تدريباتها العسكرية في مناطق الأغوار، فإن سكان تلك الخيام المنتشرة فيها يعرفون أن مصيرهم الطرد ومغادرة مساكنهم، تاركين وراءهم كل ما يملكون.
يقول فيصل مساعيد وهو أحد سكان خربة "يرزة" شرق طوباس، التي تجري فيها قوات الاحتلال من مساء اليوم الثلاثاء، حتى صباح يوم غد الأربعاء، تدريبات عسكرية، "صحيح تركنا الخيام والماشية لوحدها لكن قلبي ظل هناك".
في الفاتح من الشهر الحالي، أخطرت ما تسمى "الإدارة المدنية" أربع عائلات يسكن بعضها بالقرب من خربة "يرزة" شرق مدينة طوباس، وأخرى تأتي يوميا لمتابعة شؤون ثروتها الحيوانية، بالطرد من خيامها في ثلاثة أيام متفاوتة من هذا الشهر، بحجة التدريبات العسكرية.
في المرات الثلاث التي خرجت فيها بعض تلك العائلات المقيمة بشكل دائم من خيامها، كانت تترك خلفها أغنامها وأبقارها في حظائرها تحت رصاص وقذائف التدريبات.
وسيبيت فيصل وعائلته هذه الليلة عند أقربائه في قرية تياسير القريبة من المنطقة.
في هذه المناطق الجبلية يلتصق الناس بالأرض لأسباب كثيرة يضعون في مقدمتها الصمود على أرضهم في وجه الاحتلال وآلياته العسكرية التي تلتهمها خلال التدريبات.
ويعتمد معظم سكان خربة يرزة والمناطق القريبة منها على تربية الماشية كخيار أولي في حياتهم، مستغلين الجبال المفتوحة التي تكتسي في فصل الربيع بالأعشاب، والصيف بالقش.
يقول مساعيد: "أثناء خروجنا كانت آليات ثقيلة للاحتلال متوقع أن يستخدمها في التدريبات العسكرية ... كل مرة نسمع صوت القذائف ليلا حتى أننا عند عودتنا صباح اليوم التالي نجد بعضها ما زال ساخنا".
الناشط الحقوقي عارف دراغمة بدوره قال: "في الوقت الذي تطرد فيه قوات الاحتلال العائلات الفلسطينية من خيامها، تجلب بدلا منها آلياتها الثقيلة لتبدأ مسلسل التدريبات العسكرية".
ونصّ الإخطار الذي وزع على المواطنين بداية الشهر الجاري على أن يكون الإخلاء والطرد في أيام التدريبات من الساعة الرابعة من مساء كل يوم، حتى السادسة من صباح اليوم التالي.
ويقول مساعيد: "خرجت مع عائلتي المكونة من ستة أفراد باستخدام جرار زراعي، هناك عائلات خرجت باستخدام مركبات خاصة بها"، لكن ظل ورائي عشرات رؤوس الماشية في حظائرها.
يضيف: "تركتها على أعصابي تحت حماية الله والقدر، لم نحمل غير بعض أرغفة الخبز، وبعض أنواع الخضراوات لنأكلها".
كان الخروج بالنسبة لمساعيد من خيامه اليوم بفعل التدريبات العسكرية، سببا كافيا بأن يطعم ماشيته عصرا في وقت يسبق الوقت المعتاد في الأيام العادية.
على أية حال فإن الروح البشرية هي الأغلى بالنسبة لمواطنين يسكنون في مناطق يجري الاحتلال فيها بشكل دوري تدريبات بالذخيرة الحية، والقذائف المدفعية.