الجريمة في فلسطين: القوانين الرادعة هي الحل
إيهاب الريماوي
منذ بداية العام الجاري قتل 20 مواطنا بجرائم قتل في مناطق مختلفة بمحافظات الضفة الغربية، رغم أن معدل الجرائم في مثل هذا الوقت العام يعتبر أقل من العام الماضي.
وخلال الستة الأشهر الأولى من العام الجاري وقعت 8 جرائم قتل، وتمكنت الشرطة من انجاز 7 منها، وألقت القبض على مرتكبيها، فيما سجلت الشرطة وقوع 15 جريمة قتل في نفس الفترة من عام 2017 تم انجاز معظمها.
ووفق بيان للشرطة صدر مطلع الشهر الماضي، فإن الجرائم الكبرى في فلسطين (القتل والانتحار) انخفضت 47% في النصف الأول من العام الجاري عما كانت عليه بنفس الفترة من العام الماضي.
ورأت الشرطة أن هذا الانخفاض يعود للنمو في الثقافة القانونية بالمجتمع الفلسطيني، وتوجه المواطن إلى الشرطة والجهات القضائية لحل الخلافات والحصول على الحقوق، ولسرعة الاستجابة من قبل الشرطة والاجهزة الأمنية وتنفيذ شكاوى المواطنين والوصول الى اماكن وقوع الشجارات بسرعة قياسية ساهم في تقليل وتخفيض جرائم القتل.
لكن مؤخرا وخلال مدة قصيرة قتل 4 مواطنين، اثنان منهم زوجان من الخليل، ويسكنان في بلدة يعبد بمدينة جنين، وشاب في عربونة بجنين، وآخر في قرية بتير بمدينة بيت لحم.
غير أن جرائم الانتحار التي أدت إلى الوفاة انخفضت بنسبة 8% خلال النصف الأول من العام 2018 بالمقارنة بنفس الفترة من العام 2017، ووقعت 12 حالة انتحار في الستة أشهر الاولى من العام، فيما وقعت 13 حالة في نفس الفترة من العام الماضي.
هذه الجرائم رفعت الأصوات عاليا من أجل المضي قدما في تطبيق القوانين الرادعة لمرتكبي الجرائم، خاصة في ظل قوانين وصفت بأنها بالية ما زالت سارية في القانون الفلسطيني.
في عام 2014 ألغى رئيس دولة فلسطين محمود عباس عام 2014 بمرسوم رئاسي ما عرف بـ"العذر المخفف" في قضايا قتل النساء على خلفية "الشرف".
وصدر القرار وقتها بقانون معدل للمادة 98 من قانون العقوبات الأردني رقم 12 لسنة 1960. وتنص المادة التي صدر القرار بتعديلها أنه "يستفيد من العذر المخفف فاعل الجريمة الذي أقدم عليها بصورة غضب شديد ناتج عن عمل غير محق وعلى جانب من الخطورة أتاه المجني عليه".
ونص المرسوم على ان "يستفيد من العذر المخفف فاعل الجريمة الذي أقدم عليها بصورة غضب شديد ناتج عن عمل غير محق على جانب من الخطورة أتاه المجني عليه، ولا يستفيد فاعل الجريمة من هذا العذر المخفف إذا وقع الفعل على أنثى بدواعي الشرف".
ووفق الخبير القانوني حنا عيسى لـ"وفـا" فإن القوانين السارية حاليا لا تتماشى كليا مع التطورات والتغيرات الجارية، حيث إن أحد قوانين العقوبات الذي ما زال يطبق هو قانون رقم 74 لسنة 1936، والقانون الأردني رقم 16 لسنة 1960.
وأضاف ان هذه القوانين كانت تتبع لجهات معينة ولم تكن لفلسطين خالصة، خاصة أن جميعها جاءت قبل قدوم السلطة الفلسطينية عام 1994.
وحسب عيسى فإن قوانين العقوبات تطبق أحيانا، وأحيانا لا تطبق نظرا للطبيعة العشائرية السائدة في الوطن.
ورأى بأن قوانين الإعدام ألغيت عرفيا وتم استبدالها بالحكم المؤبد، لكن لا بد من أخذ الطبيعة الاجتماعية للبلد الذي نعيشه فيه، حيث إن هناك مجرمين لا يمكن التسامح معهم، لذلك فإن العقوبة تكون رادعة لهم.
وقال "الطبيعة القانونية المتشابكة للقوانين الفلسطينية تعيق التطور القانوني واتخاذ الاجراءات العقابية اللازمة، خاصة في ظل الأوضاع السياسة القائمة والانقسام الحاصل وعدم وجود مجلس تشريعي يقوم بمهامه".
وتابع ان المنظومة القانونية غير متطورة ومتأخرة وبحاجة إلى تشريعات، لكن ذلك يتوفر بوجود السيادة الكاملة على الأرض، حيث لا يمكن للسلطة إلا التصرف في مناطق (أ، ب)، وحتى أن هذا المناطق منتهكة من جانب الاحتلال الاسرائيلي الذي يدخل ويخرج منها متى يشاء، وحتى أن بعض المجرمين يهربون إلى داخل أراضي 48، فيما توفر سلطات الاحتلال الحماية لهم.
ودعا عيسى إلى تفعيل المجلس التشريعي، والمعالجة الاجتماعية العاجل التي تكفل منع ارتكاب الجرائم، إضافة إلى الاستعانة بخبراء وحكماء في القانون من أجل إقرار قوانين مناسبة ورادعة للجرائم.