ينابيع أريحا رَوَت ولا تزال أقدم مدنِ التاريخ
عبد الرحمن القاسم
لآلاف السنين روت عين الديوك، يجاورها نبع النويعمة، ونبع أصغر يسمى الشوصة، التي تتدفق من مصدر واحد ولا يفصلها عن بعضها سوى جدران حجرية أقدم مدينة في التاريخ (أريحا)، عيون لكل منها مسار مختلف لتجمعات سكانية استقرت في المنطقة منذ آلاف السنين.
والديوك قرية تقع أسفل الجبال المطلة على اريحا والى الشمال الغربي من المدينة، حيث تقيم ختام ارميلية التي تحفظ كل ما يدور حول تلك الينابيع من قصص وأساطير، ومتى ينخفض منسوب مياهها ومتى يشتد تدفقها، والى اين ينتهي مسار كل منها.
ومن تلك القصص، ان أحد الفلاحين أراد ان يجامل احدهم، لمناسبة خِتان بِكره، فأهداه إحدى تلك العيون التي اطلق يطلق عليها اسم نبعة "البيك"، والواقعة في أراضي قرية الديوك.
وتقول ارميلية التي لا تزال جاهزة للرد على أي استفسار لأي زائر لهذه الينابيع رغم سنوات عمرها الستين، "يوجد في القرية عدة عائلات، لكل منها حصتها من المياه تقسم بعدد الساعات طوال العام، حيث تشرف البلدية على شبكة المياه الحديثة ونظام الري الخاص بالأراضي".
ويشير مدير عام وزارة السياحة والاثار في محافظة اريحا إياد حمدان، الى تاريخ نشأة الحضارات والتجمعات المرتبطة بالعيون، التي منها من عين الديوك، والنويعمة، وعين السلطان، والقلط.
ويقول حمدان: "تلك العيون هي أساس الحضارات، وبداية تدجين الحيوانات، وإنشاء المدن والعمران، وتلك الكهوف المنتشرة على التلال قرب عين الديوك، دليل على ذلك التاريخ منذ 16 ألف عام".
ويضيف: "ان هذه المنطقة هي ند لحضارة ما بين النهرين، فيما اخترع من انظمة زراعة، وري...وبعد ان تطورت حياة الناس آنذاك، وتركوا الكهوف وعاشوا في تجمعات حضرية".
ويتابع حمدان: ان تلك الينابيع استمرت في انعاش الحضارات في هذه المنطقة، مدللا على ذلك بالحضارة العربية الاسلامية، والعمائر التي انشأتها مثل قصر هشام الأموي، ذو اللوحة الفسيفسائية الأجمل والأكبر المرتبطة بنبع النويعمة، وتل السلطان ونبعه، والقصور الرومانية.
ويضيف: "عين الديوك كانت مصدرا أساسيا للأراضي المزروعة بقصب السكر، التي كانت في أوقات سابقة أكبر مصدر للسكر في الشرق الاوسط، الذي وصفه المؤرخ ياقوت الحموي بـ"سكر أريحا الأطيب وبأنه سلعة الملوك".