جريمة العصر
بلال غيث كسواني
وسط خيمة كبيرة مقامة في ساحة مدرسة قرية الخان الأحمر شرق القدس المحتلة، تزينها صورة قديمة للقرية التقطت في العام 1948، تحتشد الوفود المتضامنة التي جاءت من مختلف محافظات الوطن، بهدف التصدي لقرار هدم القرية.
تظهر الصورة غير الملونة عشرات الخيام لبدو الخان الأحمر في ذات المنطقة التي قرر الاحتلال هدمها بذريعة قربها من شارع أريحا القدس الرئيسي، في حين أن الهدف الحقيقي هو ربط مستوطنة كفار أدوميم مع أمها مستوطنة معاليه أدوميم.
لافتات تؤكد على الصمود والتحدي حتى في حال هدم القرية، معلقة على جدار خيم الاعتصام التي يتواجد فيها عشرات البدو والعشرات من نشطاء المقاومة الشعبية، وأبناء حركة فتح خصوصا من إقليم القدس المحتلة.
ويهدف الاحتلال من وراء هدم القرية إلى استكمال حزام استيطاني يمتد من القدس إلى غور الأردن، ويستعد قاطنو تلك القرية الذين شردتهم إسرائيل في عام 1948 من جنوب فلسطين إلى مواجهة نفس المصير الذي واجهه آباؤهم وأجدادهم.
وكانت المحكمة العليا الإسرائيلية رفضت الأربعاء الماضي التماسا تقدم به أهالي القرية لإلغاء قرار المحكمة الذي كان صدر في أيار الماضي بهدمها حيث يعيش فيها نحو 200 فلسطيني، وتضم مدرسة تقدم خدمات التعليم لـ170 طالبا، من عدة أماكن في المنطقة.
وقال رئيس مجلس قروي الخان الأحمر عيد أبو داهوك، إن البدو هنا هُجِّروا من تل عراد عام 1948، ولن نكرر أخطاء التهجير السابقة وسنبقى فوق أرضنا، فنحن أصحاب هذه الأرض ولا يحق للمستوطنين الوافدين من الدول الغربية أن يسيطروا على أرضنا.
وأضاف أن معركة القرية مع الاحتلال بدأت في سبعينيات القرن الماضي، وهي معركة متواصلة منذ تلك السنوات، والسكان هم من سيحددون قواعد اللعبة، السكان اتخذوا قرارا بالبقاء فوق أرضهم حتى لو هدمت قريتهم.
وأضاف سنعيد بناء الخان الأحمر في حال هدمها، وسنبقى في أرضنا ولن نرحل عنها، وأن جريمة العصر التي يرتكبها الاحتلال لن تمر.
من جانبه، قال عضو المجلس الثوري لحركة فتح عبد الإله الأتيرة، إن سيادة الرئيس محمود عباس مهتم بشكل كبير في قرية الخان الأحمر، وسيتواصل العمل لدعم صمودها، وسنعمل على بنائها في حال قيام الاحتلال بهدمها.
الوزير وليد عساف رئيس هيئة مقاومة الجدار والاستيطان أكد أن منظمة الاحتلال متكاملة قضاء وتشريعا وتنفيذا، ولم تستطع محكمة الاحتلال أن تحافظ على جزء من مكانتها كمحكمة عليا بل سقطت سقطة كبيرة إلى منحدر سحيق يكاد يوازي ما يفعله المستوطنون، والمحكمة الإسرائيلية شرًّعت رسميا جريمة الحرب، بعد أن كانت تتستر على ما يجري.
وأضاف أن ما يختلف في قرية الخان الأحمر أن محكمة الاحتلال منحت جيش الاحتلال حق هدم القرية بهدف تقسيم الضفة الغربية إلى أكثر من 100 جزء معزول عن بعضه البعض، وإذا نجح مشروع هدم الخان الأحمر فستفصل شمال الضفة عن جنوبها، وعلينا أن ندرك خطورة ما يحدث هنا.
ويرى عساف أننا على مقربة من يوم الحسم خلال ثلاثة أيام، وإذا فشلنا في الخان الأحمر سنعرض 225 تجمعا بدويا في الضفة لمصير مماثل، لذلك علينا إفشال المشروع لإسقاط أية مشاريع مشابهة قد تتبعه.
إلى ذلك، قال عضو المجلس الثوري لحركة فتح جمال حويل، إن المطلوب البقاء في خيمة الاعتصام بشكل دائم، والخان الأحمر هو أرث للشهداء والأسرى الابطال، وأن ما يطبق اليوم هو مقدمة لما سيجري في القدس في إطار صفقة القرن التي يسعى الاحتلال بدعم من ترمب لتنفيذها.