مشغل يتيم في مهد المسيح
وعد الكار
في مشغل صغير في شارع الصف ببيت لحم، تضج الحياة بين مقتنياته المفعمة بالألوان.. تحف فنية رسمت بدقة، أوان خزفية تلألأت لتُشغِل الفكر دهشة، إكسسوارات نسائية، شُكلت بأيادٍ لم تعرف الكسل أو الملل.
فكرة المشغل الذي يعد الوحيد من نوعه في بيت لحم، ابتدعتها الشابة الثلاثينية بسمة المصو، بشراكة تلميذها صالح كنعان، الذي علمته المهنة خلال عملها كمعلمة لحرفة الخزف والسيراميك في مدرسة السالزيان الصناعية، قبل أن تقرر إدارة المدرسة إلغاء هذه الحرفة من برنامجها الدراسي، نظرا لقلة الإقبال عليها.
المصو قالت: إن الخزف يصنف خزفا فنيا إذا اشتغل يدويا في كل مراحله، تشكل العجينة بالشكل المطلوب وتترك حتى تجف، ثم توضع في فرن على درجة حرارة 1000 مئوية، ويتم تنظيف القطعة، وترسم عليها الألوان ثم تغمس بمادة زجاجية خاصة، وتوضع مرة أخرى في الفرن وتترك حتى تبرد، أما النوع الآخر من الخزف فهو الصناعي، الذي تطبع عليه الرسومات من خلال طابعات ويطلق عليه التجار أيضا اسم الخزف التجاري فهو يحتاج وقت وجهد أقل.
وتحدثت عن صعوبات كبيرة تواجه صناعة الخزف في بيت لحم، حيث البضائع الصينية التجارية تغرق الأسواق وتباع بأسعار زهيدة، الأمر الذي جعل الخزف الفني أقل طلبا في الأسواق ما جعل المردود المالي للعمل المحلي ضئيلا جدا، "حاولنا تسويق البضائع عند تجار التحف الشرقية، ولكن هم يفضلون البضائع الأقل ثمنا".
وبالرغم من أن واقع حرفة الخزف غير مبشر، لكن المصو ترى أنه عمل استثنائي، تستكشف خلاله أسرار فن جميل وحبه يضاهي كل شيء..
بعيون لامعة وبسمة مشرقة تحدثت عن طموحها الذي يلامس عنان السماء، وقالت "أحلم بأن يكبر هذا المشغل ويصبح معملا ضخما يعمل فيه كل تلاميذي وننجز فيه ماركة عالمية".
الرئيس السابق لنقابة التحف الشرقية قسطي قنواتي، قال: إن هذه الصناعة تشكل أحد الروافد الداعمة لترويج السياحة الفلسطينية دون إخفاء حقيقة الصعوبات التي تواجهها، والتي تتمثل في غزو المنتج الصيني الذي أصبح يشكل كابوسا أمام آمال وطموحات أصحاب المهنة.
وأشار إلى أن مدينة الخليل هي الرائدة في صناعة الخزف، معربا عن تخوفه من المستقبل الذي ينتظر هذه الصناعة والذي يتهددها خطر الاندثار.