"السويدة".. خربة محرمة على أصحابها
الحارث الحصني
لم تعهد خربة "السويدة" بالأغوار الشمالية، منذ زمن طويل وجود منازل أو مساكن فيها لأسباب تتعلق بسياسة الطرد والتهجير بالقوة التي مارستها وما زالت سلطات الاحتلال الاسرائيلي.
بيد أن المنطقة المطلة بجبالها وتلالها على الحدود الأردنية، بدأت تظهر فيها، منذ سنتين تقريبا، غرفا متنقلة "كرفانات" آخذة بالتوسع، وضعها مستوطنون على مرأى وتحت حماية جنود الاحتلال.
وخربة "السويدة" واحدة من عدة خِرب منتشرة في الأغوار الشمالية، وكان سكانها يعتمدون على تربية الماشية والزراعة البعلية، وتحاذيها خِرب "مكحول"، و"الحديدية"، و"سمرة"، التي ما زال في بعضها تواجد فلسطيني.
ويعود آخر تواجد للفلسطينيين في الخربة لتسعينيات القرن الماضي، حيث يمكن مشاهدة آثار المساكن والحظائر التي خلفوها وراءهم قبل طردهم عنها عنوة.
وظلت جبال الخربة التي تحيط بها مستوطنتا "مسكيوت"، و"حمدات"، ومعسكر "حمدات"، على مدار عشرات السنين، مرتعا مناسبا للمواشي الفلسطينية.
وبعد إفراغ الخربة من سكانها الأصليين تدريجيا، بدأت الكفة تميل لصالح الوجود الاستيطاني، يقول مزارعون، فيما يوثق حقوقيون بشكل شبه يومي عبر فضاء التواصل الاجتماعي بالصور والفيديو هذا الوجود الاستيطاني الغريب.
قبل عامين تقريبا وضع أحد المستوطنين خيمة ومن بعدها "كرفانا" على قمة أحد جبال خربة "مزوقح" المجاورة لخربة "السويدة"، وأخذ بعدها بالتوسع الأفقي.
وتُظهر صور حديثة بثها الناشط الحقوقي عارف دراغمة على صفحته الشخصية في موقع "فيسبوك"، أن المستوطنين بنوا غرفة إسمنتية وجهزوها بشكل كامل للسكن فيها.
وكان البناء الاستيطاني في تجمعات عشوائية لا تحمل أسماء مبينة في مناطق الأغوار، من خلال غرف متنقلة مجهزة ومفككة ينصبها المستوطنون أينما أرادوا، لكنها في خربة "السويدة" هذه المرة إسمنتية، وهو ما خلق تساؤلا لدى دراغمة، إلى ما ستؤول إليه هذه الغرف؟
من بعيد يظهر المشهد بشكل أفضل، إذ تبدو هذه الغرف مركز وجود استيطاني يتوقع كغيره أن يتمدد ويكبر.
ولوحظ من خلال الصور وجود مركبات، وجرارات زراعية، و"بالات" قش، وحظائر أغنام، ومواشي في المكان.
يقول عبد الرحمن بشارات، أحد سكان خربة "الحديدية"، القريبة من الخربة: "السويدة" منها أراض للزراعة البعلية، ومنها أراض رعوية (..)، كانت منطقة رعوية خصبة، لكن منذ سنتين مُنعنا من الرعي فيها".
وفي الشهرين الماضيين وضع الاحتلال لافتات تدل على أن أراضي خربتي "السويدة، ومزوقح"، هما مناطق محمية طبيعية.
"نُمنع من رعي مواشينا في أراضي الخربة؛ بحجة أنها محمية طبيعية، لكن عندما يتعلق الأمر بأبقار المستوطن فإنها لا تعد محمية" قال بشارات.
ودأب المستوطنون في أماكن تواجدهم العشوائية في الأغوار بشكل عام، إلى جلب الماشية معهم، والاستيلاء على الأراضي الرعوية المحيطة بهم، وطرد الرعاة الفلسطينيين منها تحت حماية الاحتلال.
يقول دراغمة: "بنى المستوطنون "كرفانات" بعيدة عن مستوطنة "السويدة" 200 متر(..)، يريدون إيصالها مع المستوطنة الكبيرة للاستيلاء على أكبر مساحة من الأراضي". ويضيف: "هناك أيضا خيمة في خربة "مزوقح"، تبعد عن مستوطنة "السويدة" 5 كيلومترات، وذلك للهدف ذاته.
يقول برهان بشارات، أحد سكان خربة "مكحول" لمراسل وفا: "منذ سنتين لم استطع الوصول لمراعي "السويدة"، جاء المستوطن واستباح الأراضي كلها".
ويضيف: "كل شيء انتهى.. هم يريدون اغلاق الأراضي أمام أصحابها الفلسطينيين".
وبحسب دراسة سابقة لمركز عبد الله حوراني التابع لمنظمة التحرير، فإنه يوجد في الأغوار الشمالية، سبع مستوطنات ثابتة أغلبها ذو طابع زراعي وعسكري في آن واحد ، بالإضافة إلى ثلاث بؤر استيطانية خلال العامين الماضيين لا تحمل أسماء واضحة.
وتبلغ مساحة هذه المستوطنات حسب الدراسة ضمن حدودها حوالي 7518 دونما عدا عن المنطقة التي تحيط بها، والتي يُمنع المزارعون الفلسطينيون من دخولها أو البناء بها، ويسكن هذه المستوطنات والبؤر حوالي 2000 مستوطن.