ورقة حقائق: قرية الولجة.. صمود حتى الرمق الأخير
اصدر مركز عبد الله الحوراني للدراسات والتوثيق التابع لمنظمة التحرير الفلسطينية ورقة حقائق جديدة عن قرية الولجة الواقعة الى الشمال من مدينة بيت لحم وجنوب مدينة القدس، لأهمية موقعها الجغرافي، وما تتعرض له من انتهاكات متواصلة من قبل سلطات الاحتلال الاسرائيلي، من هدم منازل، والاستيلاء على أراض، ضمن هجمة استيطانية شرسة.
وفيما يلي أهم ما جاء في الورقة:
الموقع والمساحة:
قرية الولجة هي قرية فلسطينية من القرى المهجرة عام 1948 تقع على بُعد (5.8) كم جنوب غرب مدينة القدس، و(4) كم شمال بيت لحم، تعتبر قرية الولجة من اقدم القرى في فلسطين، تمتاز بخصوبة اراضيها ووفرة مياهها، كانت تتبع إداريا للقدس حتى عام 1948، تميزها الطبيعة الخلابة وكثرة الينابيع والعيون على اراضيها، كما تمر من اراضيها سكة حديد (القدس- يافا) التي بناها الاتراك خلال العهد العثماني في أوائل القرن العشرين.
بلغت مساحتها الاصلية ما يقارب (17700) دونم، سكنها العرب الكنعانيون منذ 5 آلاف سنة، لوفرة مياهها وخصوبة أراضيها، وترتفع نحو (750) مترا عن سطح البحر، ويمر خط هدنة عام 1949 بالمناطق الجنوبية من أراضي القرية، وقام الاحتلال بالاستيلاء على 74% من اراضي القرية عام 1948 حيث تم هدم مبان وبيوت القرية، واقيم على انقاضها في عام 1950 مستعمرة "عمينداف"، الا ان بعض معالم القرية ما زال قائما، ويشهد على عروبتها وتهجير سكانها.
السكان:
بلغ عدد سكان الولجة في عام 1948 حوالي (1900) نسمة، تم تهجيرهم في 21 تشرين الاول من عام 1948، وقد نزح اهالي قرية الولجة ليستقروا على ما تبقى من أراضيهم الزراعية، والتي تعرف حاليا "بالولجة الجديدة"، وقد قامت وكالة الامم المتحدة لإغاثة اللاجئين "الأونروا" بمساعدة المهجرين على توفير مأوى لهم على الارض، التي استقروا بها، والتي اصبحت جزءا من الضفة الغربية.
وبعد احتلال الضفة الغربية في حزيران 1967، تم ضم مساحات كبيرة من الاراضي الزراعية التابعة للقرية لصالح بلدية الاحتلال بالقدس، واصبح التضييق يزداد على السكان من خلال منع الاهالي بالبناء والتوسع ليتبقى فقط ثلاثة الاف دونم، منها فقط (60) دونما مصنفة "ب" تابعة للسلطة الفلسطينية، ويسمح فيها البناء وباقي الاراضي تابعة لبلدية الاحتلال بالقدس، ولما يسمى "الادارة المدنية الاسرائيلية" في الضفة الغربية، وهي أراض زراعية يمنع الاحتلال البناء والتوسع فيها.
وتشكل الزراعة في قرية الولجة مصدر رزق لهم الامر الذي يحرمهم من تحقيق ذلك، ويبلغ عدد سكان الولجة حاليا نحو (2671) نسمة، بحسب الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني.
المواقع الاثرية وعيون الماء:
تحتوي قرية الولجة على مواقع تاريخية عريقة، فهي تضم في جنباتها مدرجات الولجة التاريخية بالإضافة الى آثار قديمة يعتقد انها حمامات رومانية، عدا عن (18) عينا، وينبوع ماء، من بينها موقع عين الحنية الاثري حيث سيطر الاحتلال على (16) عينا منها، ومنع اصحابها من الوصول اليها.
كما تضم بين جنباتها اقدم شجرة زيتون في فلسطين والتي يزيد عمرها عن ثلاثة آلاف وخمسمائة عام، وشرعت بلدية الاحتلال بالقدس وجهات اسرائيلية عديدة، كوزارة البيئة، والسياحة، ودائرة الآثار الاسرائيلية، بحفريات ضخمة في موقع ومحيط "عين الحنية"؛ بدعوى البحث والتنقيب عن آثار قديمة، وقد تم وضع لافتات تشير الى ان الحفريات تابعة لبلدية القدس في مخطط واضح لتهويد المكان وضمه الى حدود البلدية وما يسمى بالحدائق الوطنية الخاصة بالمستوطنين.
وأغلقت سلطات الاحتلال الموقع امام الزوار وتم نصب كاميرات ليُمنع الفلسطينيون من اهالي قرية الولجة والقرى المجاورة من الوصول اليه، وتعتبر "عين الحنية" بالنسبة لسكان الولجة ومنطقة بيت لحم مكانا في غاية الاهمية وهو المتنفس الوحيد لهم، كما يستفيدون من مياه العين الطبيعية للشرب اضافة لبعدها الديني...!!
ويعتبر نفق عين الجوزة أكبر نفق لعين ماء في ريف فلسطين، حُفر في الصخور الصلبة، واعتبر تحفة بنائية يعود للعصر الحديدي. وإن كان علماء الآثار لا يستبعدون ان النظام المائي في العين اسبق من ذلك.
مسلسل هدم المنازل:
سياسة هدم المنازل في قرية الولجة قديمة حديثة ومتواصلة حيث هدمت سلطات الاحتلال نحو (60) بيتا ومنشأة في القرية منذ سبعينيات القرن الماضي، وقد قامت سلطات الاحتلال سواء التابعة لبلدية الاحتلال في القدس او التابعة للإدارة المدنية في الضفة الغربية بتوزيع إخطارات هدم على المواطنين في القرية لنحو (60) بيتا جديدا؛ بحجة البناء من دون ترخيص.
وأخطرت بلدية الاحتلال في القدس كافة منازل الفلسطينيين الذين يعيشون في منطقة عين جويزة في قرية الولجة بالهدم بحجة البناء من دون ترخيص، في الوقت الذي تم تجميد قرار هدم 39 منزلا في هذه المنطقة بقرار مؤقت من محكمة الاحتلال، وقد هدمت سلطات الاحتلال (13) بيتا، و(6) منشآت خلال الثلاث سنوات الأخيرة.
المستوطنات المحيطة بالولجة:
يحيط بقرية الولجة مستوطنتي "جيلو" و"هار جيلو"، حيث تقع مستوطنة "جيلو" الى الجنوب من مدينة القدس، وجنوب قرية الولجة بدأ البناء فيها في عام 1971 على حساب اراضي قرية الولجة، وبيت جالا، وشرفات، وبيت صفافا، وتحتل المستوطنة ما مساحته (2738) دونما، ويسكنها نحو (32000) مستوطن، وتشهد المستوطنة توسعات كبيرة في الجهة الجنوبية والغربية على حساب اراضي المواطنين الفلسطينيين.
كما تقع مستوطنة "هار جيلو" الى الشمال الغربي من مدينة بيت لحم. حيث اقيمت في العام 1972 على جزء من أراضي مدينة بيت جالا وقرية الولجة، وتحتل المستوطنة اليوم ما مساحته (414) دونما، ويقطنها حوالي (1500) مستوطن يهودي، حيث تقوم سلطات الاحتلال ببناء وحدات سكنية جديدة لتوسيع مستوطنة "هار جيلو"، وانشاء شبكة من الطرق الالتفافية والانفاق لربطها مع مستوطنة "جيلو"، وخلق تواصل جغرافي بين المستوطنات الواقعة شمال مدينة القدس وجنوبها، وذلك على حساب اراضي بلدة الولجة.
ويهدف المخطط الاستعماري الصهيوني لتشكيل كتلة استيطانية كبيرة شمال مدينة بيت لحم وجنوب مدينة القدس، وربط مستوطنات "هارجيلو" مع "جيلو" ثم مع مستوطنتي "جفعات هماتوس" و"هار حوماه" لتشكيل هذه الكتلة الاستيطانية الضخمة على حساب اراضي المواطنين الفلسطينيين في الولجة، وبيت جالا، وشرفات، وبيت صفافا.
الجدار العازل:
توسعت الهجمة الاحتلالية على الولجة عام 2000 حيث بدأ الاحتلال بعزل القرية عن محيطها من خلال بناء جدار الضم والتوسع العنصري، وقد كان جزء من قرية الولجة يقع داخل نفوذ بلدية الاحتلال في القدس الا ان الجدار العازل قد فصل بينهما تماما، وتم تعديل مسار الجدار عدة مرات ليستقر في نهاية الامر بشكل متعرج، يحوي داخله جميع المساحات المبنية في القرية لتصبح اشبه بسجن كبير وكنتونات معزولة، وقد تم فصل الاراضي الزراعية عنها حيث نصبت سلطات الاحتلال بوابات زراعية في الجدار تتحكم بدخول المواطنين الى اراضيهم.
وشهدت تجربة البوابات الزراعية التي وضعها الاحتلال في مناطق اخرى في الضفة الغربية تقليص السماح لأصحاب الاراضي بدخولها، ليصار الى المنع النهائي لاحقا بحجة الاسباب الامنية.
كما يوجد مسار واحد للدخول والخروج من القرية باتجاه بلدة بيت جالا المجاورة، بحيث يقوم حاجز اسرائيلي في مدخل القرية بالإشراف على الحركة في هذا المسار، ما يؤثر بشكل كبير على مختلف نواحي الحياة الاقتصادية والتعليمية والنفسية لدى السكان.
في أواخر عام 2017 اعلنت سلطات الاحتلال عزمها نقل الحاجز العسكري المسمى "عين ياهل" والمعروف باسم حاجز (عين يالو) ايضا، والواقع على الطريق بين مدينة القدس ومستوطنة "جيلو" مسافة (3) كم باتجاه قرية الولجة، الامر الذي يؤدي الى مصادرة نحو (3000) دونم من الاراضي الزراعية التابعة للقرية، بما فيها المنطقة التي تضم (عين الحنية) اكبر الينابيع غرب القدس، وعين الماء الوحيدة التي تبقت لقرية الولجة، حيث تواصل سلطات الاحتلال العمل في الحاجز العسكري الجديد ليصبح احد المعابر المؤدية الى مدينة القدس.
وخاض سكان الولجة العديد من النضالات القضائية في السنوات الأخيرة ضد بناء الجدار حول قريتهم، بسبب عزل القرية، وأيضا بسبب الضرر الهائل الذي يلحقه بناء الجدار بالمدرجات الزراعية القديمة، لكن محكمة الاحتلال العليا سمحت مؤخرا ببناء هذا المقطع من جدار الفصل العنصري.
وقالت صحيفة "هآرتس"، إن توقف أعمال بناء الجدار في السنوات الثلاث الأخير نابع من نقص في الميزانية.
ووفقا للمخطط الإسرائيلي، فإن جدار الفصل العنصري سيحيط بالولجة من كافة الجهات باستثناء مخرج واحد باتجاه بلدة بيت جالا. كما أن الجدار سيفصل بين القرية وبين أراضيها. ويخطط الاحتلال الإسرائيلي للاستيلاء على هذه الأراضي، وتحويلها إلى "متنزه ميتروبوليني" جديد يتبع لبلدية الاحتلال في القدس.
بتاريخ 9/7/2004، نشرت محكمة العدل الدولية (ومقرها في لاهاي)، رأيا استشاريا حول قضية قانونية الجدار؛ تلبية لطلب الجمعية العامة للأمم المتحدة بتاريخ 3/12/2003.
ورفضت إسرائيل التعاون مع هذا الرأي؛ مدعية عدم وجود صلاحية للمحكمة للبحث في هذه القضية، زاعمة أن اطار بحث هذه القضية هو العلاقات الثنائية ما بينها وبين الفلسطينيين، حيث تضرب اسرائيل "الدولة القائمة بالاحتلال" بعرض الحائط كل قرارات الشرعية الدولية.