خبراء ومحللون: الرئيس علّق الجرس في ساحة الشرعية الدولية
رام الله- عماد فريج- أجمع خبراء ومحللون على أن الرئيس محمود عباس في خطابه التاريخي والهام أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، علّق الجرس في ساحة الشرعية الدولية، مذكّرًا المجتمع الدولي بأن إنهاء الاحتلال وإقامة دولة فلسطينية كاملة السيادة وعاصمتها القدس الشرقية، هو الخيار الوحيد أمامه لتجنيب المنطقة مزيدًا من الحروب والويلات، مؤكدًا على موقفه الثابت برفض كل الصفقات والطروحات التي تنتقص من حقوق شعبنا الفلسطيني.
"ما يثير السخرية أن الإدارة الأميركية لا تزال تتحدث عما تسميه "صفقة العصر"، فماذا تبقى لدى هذه الإدارة لتقدمه للشعب الفلسطيني: هل هي فقط حلول إنسانية؟ لأن "أميركا" عندما تزيح عن الطاولة القدس واللاجئين والأمن وغيرها، ماذا يتبقى لتقدمه لنا كحل سياسي في الشرق الأوسط؟، هذا ما قاله الرئيس محمود عباس في خطابه في الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم أمس الخميس، ليؤكد مجددا رفضه المطلق لصفقة القرن.
وبصلابته المعهودة، أكد الرئيس أن الإدارة الأميركية بقراراتها المتمثلة بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل سفارتها إليها، وإزاحة ملف اللاجئين من طاولة المفاوضات وقطع المساعدات عن وكالة الأونروا أخرجت نفسها كوسيط وحيد للعملية السياسية، وبالتالي أصبح هناك ضرورة لعقد مؤتمر دولي للسلام ينتج عنه تشكيل آلية دولية لرعاية عملية السلام.
وتتبنى البنود المعلنة لما تسمى "صفقة القرن" مبدأ تصفية القضية الفلسطينية، وتكريس احتلال إسرائيل للقدس، وشطب حق العودة للاجئين الفلسطينيين؛ فضلاً عن إعطاء ضوء أخضر لقوة الاحتلال الإسرائيلي للمضي قدماً في التوسع الاستيطاني على الأرض الفلسطينية المحتلة.
وقال الخبير في القانون الدولي د. حنا عيسى إن الموقف الثابت للرئيس محمود عباس برفض ما يسمى ب"صفقة القرن" يستند إلى قواعد القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية، لأن من يتحمل المسؤولية الكاملة عن المشكلة الفلسطينية منذ عام 1947 إلى يومنا هذا هي الأمم المتحدة.
وأكد عيسى إن القيادة الفلسطينية تعي تمامًا خطورة هذه الصفقة التي تعني انهيار حل الدولتين وتثبيت الاحتلال على شكل "كانتونات" وشطب حق العودة وحق تقرير المصير، وبالتالي فإن الموافقة عليها يعني انهيار القضية الفلسطينية برمتها وتمزيق التواجد الفلسطيني في الوطن والشتات، وعلى هذا الأساس يرفض الرئيس "أبو مازن" التعامل معها من حيث المبدأ والشكل والجوهر.
بدوره، قال منسق القوى الوطنية في محافظة رام الله عصام بكر إن الرئيس محمود عباس يعمل باستراتيجية وطنية عنوانها التمسك بالحقوق المشروعة لشعبنا، وموقفه الرافض لصفقة القرن وتصديه للمؤامرة الهادفة لتصفية قضيتنا هو بمثابة رسالة للعالم من أجل انهاء الاحتلال عن كامل دولة فلسطين، وتأكيد جديد على أن منظمة التحرير التي قادت النضال الوطني لن تتخلى عن الثوابت مهما ارتفع سقف التهديدات والمؤامرات التي تستهدف قضية شعبنا الوطنية.
وأضاف "إن خطاب الرئيس جاء ليحدد ملامح المرحلة المقبلة بوقف التعاطي مع الولايات المتحدة كطرف نزيهه أو محايد في أية تسوية مستقبلية، ورفض الضغوط التي تمارسها للعودة للمفاوضات برعاية أمريكية، والتركيز على إعادة القضية الوطنية للأمم المتحدة بوصفها قضية تحرر وطني، لتطبيق قرراتها بانهاء الاحتلال والعمل على تأمين حماية دولية فورية لشعبنا الذي يرزح تحت الاحتلال وعدم القبول بأي مقترحات تنتقص من الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني ورفض الحلول المرحلية وما يسمى السلام الاقتصادي".
وأشار بكر إلى أن إنعقاد جلسة للمجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية خلال الفترة القريبة المقبلة سيؤكد على تنفيذ قرارات المجلس الوطني في دورته الأخيرة ووضعها موضع التطبيق.
من جهته، شدد المحلل السياسي رامي مهداوي على ضرورة اتخاذ خطوات عملية على الأرض لمواجهة تنفيذ ما يسمى ب"صفقة القرن"، والتي بدأت ملامحها تطفو على الساحة بعد نقل السفارة الأميركية إلى القدس وقطع التمويل الأميركي للأونروا ومحاولة تصفية قضية اللاجئين، مؤكدًا على أهمية تعزيز الوجود الفلسطيني في القدس ومحاربة الأسرلة والتوسع الاستيطاني.
وأوضح أهمية إصرار الرئيس محمود عباس على رفض احتكار الولايات المتحدة للوساطة وهي الرافضة للقانون الدولي والشرعية الدولية، وتأكيده على المسؤولية الدولية والآلية الدولية الواسعة التي تضمن الحد الأدنى من الحيادية والموضوعية، منوهًا الى ضرورة إصرار القيادة الفلسطينية على تحديد إطار للحل النهائي.
من ناحيته، قال المختص في الشأن الإسرائيلي خلدون البرغوثي إن حكومة الاحتلال والإعلام العبري يتغنى بكون صفقة القرن هي مبادرة أميركية مفصّلة حسب الرغبات الإسرائيلية، وينتظرون اللحظة التي يتم الإعلان فيها عن الصفقة، ربما لإعلان قبولها، واستغلال رفض القيادة الفلسطينية لها، لترويج المزاعم بأن الفلسطينيين يرفضون السلام.
وأشار إلى أن الإعلام العبري لم يرق له خطاب الرئيس عباس، وركّز على رفضه للصفقة والطروحات الأمريكية، مدّعيًا أنه "لا يوجد شريكًا فلسطينيًا للسلام".
وكان استطلاع رأي أجراه مركز الأبحاث التابع لمنظمة التحرير الفلسطينية قد أظهر أن 79% من الفلسطينيين يرون في صفقة القرن مشروعًا لتصفية القضية الفلسطينية، في حين يرى 50% من العينة أن الصفقة تسعى لإقامة دولة في غزة. كما اعتبرت غالبية العينة أن نقل السفارة الأميركية إلى القدس وقطع المساعدات عن الأونروا وسن قانون القومية الإسرائيلي، ما هي إلا مؤشرات لصفقة القرن.
وعبر 66% من المستطلعين عن تصورهم بأن موقف الرئيس الفلسطيني محمود عباس قد كان الأكثر قوة في رفض صفقة القرن.