أسيجة وبوابات تُفرق بين اسكاكا وزيتونها
عُلا موقدي
في جوٍ حار، وتحت شارع التفافي استيطاني يربط مستوطنة "تفوح" بأخرى تدعى "آرائيل"، ينهمك المزارع طالب حرب (65 عاما) من قرية اسكاكا شرق سلفيت، في ترتيب حجارة أرضه فوق بعضها البعض، صانعا سلاسل حجرية، ليحمي أرضه، من انجراف التربة وعبث الحيوانات البرية، ولإعطائها شكلا مرتبا ونظيفا.
حرب واحد من مزارعين كُثر فقدوا أراضيهم كاملة أو أجزاء منها، عبر الاستيلاء عليها من قبل الاحتلال لصالح توسيع هاتين المستوطنتين اللتين أنشئتا عام 1978 على أراضي سلفيت وعدد من قراها، وتحولت أراضيهم إلى مساكن ومزارع وحقول للمستوطنين. وما تبقَ منها قرب تلك المستوطنات يُمنع عليهم دخولها، فهناك تقبع بوابة حديدية لا تفتح إلا يومين في السنة!
بفعل البوابة الحديدية التي ينصبها الاحتلال على أراضي المواطنين في اسكاكا، وقيامه بتسييج الأرض لمنع أصحابها من استغلالها، والاستيلاء عليها مستقبلا، يشهد أكثر من 700 دونم من أراضي القرية إهمالا مخيفا خاصة شجر الزيتون الذي يحتاج إلى عناية كبيرة، ما قلل الإنتاجية وكبد المزارعين خسائر فادحة على مدار السنوات السابقة.
قبل إنشاء "تفوح" و"آرائيل"، كانت اسكاكا تعيش في اكتفاء كبير من إنتاج الأرض، وكانت عين مائها "العين التحتا" كما يسميها أهالي القرية، تروي الأراض والمواطنين والمواشي، قبل أن يسيطر عليها الاحتلال ويغزوها المستوطنون، ويتسبب إهماله لها بفقدانها كمصدر ري وشرب أساسي في القرية، وتجري اليوم محاولات لاستعادتها واستغلال مياهها من قبل الأهالي.
يقول حرب لـ"وفا"، قبل المستوطنات كنا نزرع القمح والشعير ونعتني بأشجار الزيتون ونحصل على كل خيرات الأرض، لكننا اليوم نمنع حتى من حراثة الأرض، وفي موسم الزيتون يسمح لنا بالدخول إلى أراضينا خلف الجدار يومين فقط، في حين تحتاج إلى ما يقارب 10 أيام على الأقل، فنضطر لترك ما يتبقى من حب الزيتون على أمه، وفي بعض المناطق نمنع نهائيا من الوصول إليها، وجعلوها مسرحا لخيولهم وحيواناتهم التي يطلقونها لترعى وتمرح في أرضنا.
وأضاف، منذ العام 1965 وأنا أخدم الأرض، خرجت من المدرسة وأنا في سن الثانية عشرة، وبدأت بحراثتها ومساعدة والدي في تقليم أشجار الزيتون وسقايتها، حتى جاء الاحتلال وأهدر تعبنا، ففي السنة الماسية "عندما يكون الحمل غزيرا"، أخسر ما يزيد عن 50 تنكة زيت بفعل منعنا من الوصول إلى الأرض.
رئيس مجلس قروي اسكاكا عبد القادر أبو حاكمة، أوضح لـ"وفا": اسكاكا تعاني بفعل احاطتها بعدة مستوطنات منها "آرائيل" وامتداد مستوطنة "تفوح" الواقعة على أراضي ياسوف والبؤرة الاستيطانية "نيفيه احياناه"، كان في السابق أهالي اسكاكا يعتمدون بشكل كلي على أراضي اسكاكا، وبسبب وجود هذه المستوطنات أصبحت معاناة المزارعين الذين اغلبهم من كبار السن مضاعفة، حيث صادر الاحتلال ما يقارب 25% من أراضي المزارعين، وأحكموها ببوابات يتم فتحها بساعات محددة وأيام معدودة، ومواقيت لا يلتزمون بها، وهذا أثر على انتاج وخدمة الأرض، والمزارع أصبح لا يستطيع أن يعطي أرضه حقها، كما منع رعاة المواشي من الرعي في الجبال المتاخمة لتلك المستوطنات.
وأكمل: الأراضي خلف الجدار أكثرها مزروعة بأشجار الزيتون وهناك أراض سهلية كان يزرع فيها قمح وشعير أصبحت قاحلة وبورا، فالأرض تحتاج إلى زيارة يومية من الفلاح للحراثة والتنقيب والتقليم وقطف الثمار، وبناء السلاسل الحجرية للحفاظ على التربة.
وبين: هناك عين مستهدفة "العين التحتا" وهي نبعة قديمة أثرية كانت في ذلك الوقت تكفي احتياجات السكان بشكل كلي، تقع في منطقة البساتين، كان يزرع فيها التفاح والليمون والرمان ومنذ بنيت مستوطنة "آرائيل" ومستوطنوها يقومون بطرد الأهالي من محيطها.
يبلغ عدد سكان اسكاكا بحسب جهاز الإحصاء الفلسطيني لعام 2017 (1198 نسمة)، ويوجد بالقرية المسجد العمري القديم ومقام أبو الزرد الديني، وسميت بهذا الاسم حسب إحدى الروايات لأنها تعني باللغات القديمة المكان المرتفع، وفي رواية أخرى أنها مأخوذة من "السكة" وهي الطريق. وعندما احتلت عام 1967 زارها وزير حرب الاحتلال موشي ديان للتنقيب على الآثار وسرقتها.