مطالب الفعاليات المجتمعية من الحوار الوطني للتغلب على الأزمة المالية
زلفى شحرور
أثارت الخطط التقشفية التي تبنتها الحكومة للتغلب على أزمتها المالية الخانقة موجة من الانتقادات والاحتجاجات، دفعت رئيس الوزراء للدعوة لحوار وطني شامل لنقاش أفضل السبل للخروج من الأزمة، ومن المتوقع نقاش هذه الدعوة في اجتماع مجلس الوزراء اليوم الثلاثاء.
حاولت "وفا" رصد مطالب الفعاليات المختلفة من قضية الحوار، في الوقت الذي أوضح فيه مدير مكتب الإعلام الحكومي غسان الخطيب أن الحوار يهدف للتوافق على الإجراءات والخطوات اللازمة لمجابهة الأزمة المالية، وبالضرورة يشمل هذا الأمر الموازنة، والإجراءات التقشفية على خطة الحكومة أو غيرها من الأفكار التي يمكن أن تطرح، للوصول إلى أفضل السبل لمعالجة الأزمة الخانقة التي تعيشها السلطة.
يرى الخبير الاقتصادي نصر عبد الكريم أن الحوار الوطني يجب أن يركز على سبل الخروج من الأزمة المالية، لا مراجعة السياسات المالية والاقتصادية للسلطة، وهذه قضايا يجب ترحيلها إلى فترة قادمة حتى لا يضيع الحوار.
ويقول عبد الكريم "اليوم نحن أمام أزمة متفاقمة، وعلينا التركيز على الأزمة وسبل الخروج منها، ولإنجاح الحوار لا يكفي أن يُدعى له عبر الإعلام، لأنه يعطي الانطباع بعدم جديته، والحوار يجب أن يكون على طاولة مستديرة، بمعنى دعوة ممثل أو اثنين عن كل جهة من الجهات ذات العلاقة، وذلك حتى لا يتحول الحوار لمهرجان، مع تحديد هدف للحوار وجدول أعمال وسقف زمني".
ويضيف "الهدف يجب أن يكون محددا بالاتفاق على أفضل السبل للخروج من الأزمة، بوضع تصورات جميع الأطراف للخروج من الأزمة انطلاقا من فهمه لها، من أجل الوصول لأفضل الأدوات للخروج من الأزمة وبصورة متفق عليها، وعلى الحكومة تنفيذ ما اتفق عليه باعتبارها طرفا في الحوار، لا أن يكون خاضعا لمراجعة وتقييم الحكومة".
ويتوقع عبد الكريم أن جميع الأطراف في الحوار ستكون جدية، ولديها مسؤولية عالية، "لأن لها مصالح محددة تدافع عنها"، ولكنه تساءل عن مستوى الموضوعية في تعامل الأطراف مع الأزمة، وهو المهم في الحوار باعتباره موضوع وطني.
وعن الجدل الدائر وأصبح مسموعا حول مشاركة قطاع غزة في الإيرادات بنسبة 2%، واستهلاكها ما قيمته 45% من الإيرادات، وعدالة هذا التوزيع وأهمية تفعيل مشاركتها وخاصة في موضوع الضرائب التي تجبيها إسرائيل لصالح السلطة، يشير عبد الكريم إلى أن هذا الأمر ناجم عن أزمة سياسية موضوعية، ولم يكن خيارا لدى الحكومة، ولن يحل إلا بالمصالحة.
ويعتقد أن هناك تقصيرا من الحكومة في البحث عن آليات لتسلم فواتير المقاصة الخاصة بتجارة غزة، مطالبا المتحاورين بالبحث عن آليات حتى الوصول إلى الحل السياسي، دون المبالغة في الأمر وإعطائه دلالات سياسية غير محدودة ونقاش الأمر من زاوية سياسية.
وطالب المدير التنفيذي لشركة "باديكو القابضة" سمير حليلة الحكومة بتعليق قانون الضرائب أو القبول بسلفيات لحين حل الموضوع بالحوار الوطني.
ويضيف: الدعوة للحوار كانت عبر التلفزيون، وحتى الآن لم يتم الدعوة رسميا للحوار، والمطلوب من الحكومة تحديد شروط الدعوة، أعضاؤها، نتائجها، سقفها الزمني، وعلى الحوار أن يناقش السياسة المالية والاقتصادية للحكومة خلال السنوات القادمة"
ويوضح حليلة أن تقديرات القطاع الخاص للأزمة المالية تقول انه منذ العام 2005 وحتى اليوم هناك توسع كبير في إيرادات السلطة، ولكن أيضا هناك توسع أكبر في المصروفات، وهذا هو موطن الخلل وليس المشكل في الضرائب، خاصة وأن العبء الضريبي في الأراضي الفلسطينية أعلى منه في إسرائيل وفي أوروبا، وسياسة فرض الضرائب تؤدي إلى انكماش اقتصادي وعدم خلق الفرص.
ويتابع حليلة شرح وجهة نظره "نريد في مؤتمر الحوار تبين سياسات الحكومة الاقتصادية والمالية، وهل تتجه نحو سياسات جديدة لها طابعها اجتماعي أكبر في السنوات القادمة، وهل ستعدل من سياستها الداعمة للقطاع الخاص بعد ثلاث مؤتمرات لدعم الاستثمار".
ويقول "عندنا اقتراحات محددة، ونريد الاستماع لبرنامج الحكومة للتقشف خلال العام الحالي، لنعرف حجم العبء الذي يمكن لنا أن نتحمله، ولكننا نريد التأكد من قانونية ما يجري في قانون الضريبة، وهل بالفعل يتم توزيع العبء على الكل، وهل الأمر مدروس كفاية برؤية محددة لسنوات قادمة".
وعن الجدل الدائر اليوم حول إعفاء قطاع غزة من هذا العبء، يتساءل حليلة إلى متى يستطيع اقتصاد الضفة تحمل العبء الفلسطيني، وهو ما لا يستطيع تحمله اقتصاد مستقل مثل اقتصاد الأردن، فكيف إذا كان تحت الاحتلال؟، مضيفا "أن دافع الضريبة يحتاج إلى خدمة بقيمة ضريبته، فلا يعقل أن تشارك الضفة 97% من الإيرادات ولا تحصل إلا على خدمة بنسبة 40%".
ويصف حليلة فكرة الاستغناء عن أموال المانحين بأنه غير مبني على حس واقعي وهو ترف فكري أكثر منه واقعي، وأن هذه المساعدات للتعويض عن الخسائر التي يسببها الاحتلال للاقتصاد، رغم تأكيده على رفض المساعدات المشروطة، و وأهمية البحث عن آلية لجباية فواتير المقاصة الخاصة بغزة.
ويقول رئيس نقابة الموظفين العموميين بسام زكارنة "دعونا لهذا الحوار منذ فترة، خاصة في ظل تعطل المجلس التشريعي، وطالبنا بأن نكون جزء من إقرار القوانين"، مطالبا بتشكل لجنة في الحوار تتكون من كافة الفعاليات الفلسطينية، سواء القطاع العام والخاص والحكومة والكتل البرلمانية والمجتمع المدني وخبراء لمتابعة هذه القضايا بعد الاتفاق على الأدوات اللازمة للحل".
وقال "نحن جاهزون للتعاطي مع هذه الأزمة وبالشراكة، وبطريقة تختلف عن السابق حيث كانت تستمع الحكومة للنقابات دون نقاشنا في التوجهات والتوصيات اللازمة، وتكتفي فقط بتعليقنا عليها".
وطالب زكارنة بنقاش السياسة المالية للحكومة في الحوار، واصفا هذه السياسة بـ"المدمرة للموظف، والذي لم يعد قادرا على الوفاء بالتزاماته الأساسية بسبب تآكل الراتب من جهة، وارتفاع أسعار المواد الأساسية في ظل غياب تدخل حكومي جدي لمعالجة الأمر".
ويتفق الأمين العام لحزب الشعب بسام الصالحي مع القطاع الخاص بضرورة تجميد خطة الحكومة التقشفية بما فيها قانون ضريبة الدخل المعدل، وهو ما كانت طالبت به الكتل البرلمانية قبل ثلاثة أسابيع ودعت لحوار عليه بين الحكومة ومؤسسة الرئاسة والكتل البرلمانية.
ويرى الصالحي أن اللحظة السياسية الراهنة ليست أفضل وقت للذهاب نحو الإجراءات الاقتصادية، "لأن فيها استحقاقات سياسية وضغوط سياسية تحتاج إلى انتباه كبير".
ويضيف: الأزمة المالية لهذا العام بنفس الدرجة التي كانت عليه في العام 2011، وليست اكبر مما كانت عليه في العام 2008، وإن موازنة الإيرادات بالنفقات في ظل عدم وجود موارد وفي ظل الاحتلال تحتاج إلى إعادة نظر، وإن تقليص المساعدات الخارجية يأتي في سياق الموضوع السياسي، وإن علاج الأمر يتم بصورة سياسية، وذلك من خلال رفض الابتزاز السياسي واتخاذ سياسات لا تؤدي إلى توترات اجتماعية".
ويقول الصالحي "مطلبنا إعادة النظر في السياسة المالية والاقتصادية للسلطة، والمسألة ليست في قانون الضريبة وشرائحه، ولكن الأمر يتعلق بكل الرسوم والضرائب غير المباشرة التي تستهدف المواطن ونحن نطالب بتخفيضها وتخفيض القيمة المضافة على السلع الأساسية ".
ويضيف "على مؤتمر الحوار وضع سياسية مالية لحماية مصالح الفئات الشعبية والفقيرة وعدم المس بقطاع المزارعين"، لافتا لوجود فرق بين الشركات الزراعية والمزارعين، كما على مؤتمر الحوار وضع حد أدنى للأجور، وعلى أساسه يعاد النظر في الشرائح الضريبية ونسبها وصلاحيات القانون ودائرة ضريبة الدخل، كما على الحوار رفض إلزام الموظف بالتقاعد المبكر، وخفض النفقات الاستهلاكية التي لا لزوم لها في القطاع العام.
وطالب الصالحي بإدراج تحصيل ضرائب غزة في إطار الحوار والمصالحة، موضحا أن الأمر لم يكن مطروحا من قبل، كما طالب تجار غزة بالتعاون مع الحكومة لتحصيل أموال المقاصة على تجارتهم، وتحويلها لصالح خزينة السلطة، وأن لا تفرض حكومة "حماس" ضرائب جديدة غير قانونية .