مواسم القتل بالحجارة
بسام أبو الرب
يقف المواطن عواد محمد خطاطبة (54 عاما) من بلدة بيت فوريك شرق نابلس، قرب احدى اشجار الزيتون، ويبدأ بقطاف ثمارها، ويعود بالذاكرة إلى ما قبل عشرين عاما، بعد يومين من استشهاد المواطنة عائشة الرابي (45 عاما)، عقب استهداف مركبة زوجها بحجارة المستوطنين أثناء عودتها من زيارة ابنتها في مدينة الخليل.
"هذا المشهد اعادني الى الوراء عشرين عاما، وتحديدا تاريخ 28-10-1998، عندما جاء اتصال يفيد باستشهاد والدي محمد سليمان زلموط خطاطبة، عقب استهدافه من قبل مستوطن والقاء حجر كبير على راسه، ما ادى الى وفاته على الفور، اثناء قطفه ثمار الزيتون بالقرب من مستوطنة " ايتمار"، يقول خطاطبة.
عندما استشهد خطاطبة كان يبلغ من العمر (72 عاما)، واعتبرت حادثة مقتله بالحجارة، اقسى الجرائم التي ارتكبها مستوطنون بحق الفلسطينيين في المنطقة.
طريقة استشهاد المواطنة الرابي من بلدة بديا بمحافظة سلفيت، واستهدافها بالحجارة عقب اصابة مباشرة بالرأس مساء الجمعة، ذاتها الطريقة التي قتل فيها محمد خطاطبة من بيت فوريك، بعد أن هشم المستوطن رأسه فغابت معالم وجهه بشكل كبير، كما تقول عائلته.
خلال الأشهر الماضية وثقت محاولات كثيرة لمستوطنين، يجهدون لإيقاع الاذى بالمواطنين عبر رجمهم بالحجارة.
كاميرات منظمة "يش دين" الاسرائيلية، وثقت اكثر من مرة عددا من المستوطنين، الذين هاجموا المواطنين بالحجارة، اثناء قيادتهم المركبات، وخلال قطافهم الزيتون، والتي كان أخرها يوم أمس بين بلدتي حوارة وبورين جنوب نابلس.
إلا أن حادثة مقتل كل من خطاطبة والرابي لم توثق إذ أن الجريمتين ارتكبتا بعيدا عن الأنظار وأدوات التكنولوجيا الحديثة.
" وقت المساء لم يعد والدي من أرضه، وكنا بانتظاره ومضت الساعات، حتى اتى الخبر باستشهاده، عقب استهدافه من قبل مستوطن بحجر كبير ادى الى تهشم جمجمته" يوضح نجل الشهيد.
"لكن في حادثة خطاطبة لم يكتف المستوطن بدق رأس الضحية بالحجر فعمدوا الى تقطيع أطرافه بالمنشار الذي كان بحوزته"، حسب رواية خطاطبة.
"تلك اللحظات لم تمح من ذاكرتي، ومشهد انتشار قوات الاحتلال في الاراضي التي كانت محط اطماع للمستوطنين، والتي حرم علينا دخولها لاحقا، وحتى اسم ذلك القاتل "غور هامل"، وهو من مستوطنة "كريات اربع" الذي جاء بهدف القتل والانتقام"، تابع خطاطبة.
ومن جرائم المستوطنين التي هزت العالم، احراق الطفل محمد ابو خضير (16 عاما)، في العام 2014 من حي شعفاط بالقدس المحتلة، من قبل مستوطنين بعد خطفه وتعذيبه، وبعدها بعام واحد اقدم مستوطنون على احراق عائلة دوابشة في قرية دوما جنوب نابلس، التي راح ضحيتها الأب سعد (32 عاما)، والأم ريهام (27 عاما)، والطفل الرضيع علي (18 شهرا)، وبقي الابن احمد يصارع الحياة مع حروق اكلت من جسده.
مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الانسانية، "اوتشا"، يؤكد في تقرير له نشر في شهر ايار الماضي، ان اكثر أنواع العنف الشائعة التي مارسها مستوطنون خلال الربع الاول من عام 2018 هو إلقاء الحجارة على منازل ومركبات فلسطينية واعتداءات جسدية.
واشار المكتب الاممي، الى ان محافظة نابلس، سجلت أعلى نسبة عدد من الحوادث، حيث بلغ مجموعها 35 حادثة، منها 20 حادثة وقعت في ستة تجمعات سكانية فلسطينية تقع في محيط مستوطنة "يتسهار" والبؤر الإستيطانية الملاصقة لها.
في كل مرة يرن هاتف مسؤول ملف الاستيطان شمال الضفة، غسان دغلس، في ساعات الليل الاخيرة، يأمل ان لا يحمل اخبارا سيئة، تشير بمقتل احدهم على يد المستوطنين.
ويقول دغلس "ان هجمات المستوطنين في تصاعد مستمر، خاصة في السنوات الاخيرة، وفي غالبيتها تكون بهدف القتل، كما شهدنا حادثة استشهاد المواطنة عائشة الرابي، وقبلها احراق عائلة دوابشة، وغيرهم الذين نجوا من الموت كما حدث مع المواطن سليمان النوري من بلدة حوارة، الذي هاجموه المستوطنون بالحجارة اثناء حراثة ارضه".