حارسة التل
أمل حرب
تسرع المسنة فريال أبو هيكل إلى تقديم شكاوى ضد انتهاكات المستوطنين وسلطات الاحتلال في تل الرميدة وسط الخليل، حيث تسكن، رغم قناعتها بأنهم الحاكم والجلاد، ساعية إلى منعهم من إجراء أي تغيير على الأرض.
واستأجرت عائلة أبو هيكل عام 1949 من حكومة عموم فلسطين آنذاك، القطعتين المعروفتين باسم (52) و(53) من الحوض 34416، مستخدمة إياها بالزراعة كونها ملاصقة للمسكن، وأصبحت تدفع رسوما بدل استئجار لما بات يعرف لاحقا بحارس أملاك الغائبين.
فريال (72 عاما) وقفت لساعات طويلة رغم سنها أمام شرطة الاحتلال قرب مستوطنة "كريات أربع" لتقديم شكوى ضد المستوطنين الذين أقدموا على نصب خيمة كبيرة في تل الرميدة، لإزالتها.
وتقول أبو هيكل لـ"وفا": "يجب أن أسجل شكوى واحتجاجي على المس بممتلكاتي، ورفض كل هذه الاجراءات التي تهدف إلى فرض واقع جديد على المنطقة".
وتضيف "أغلق الاحتلال المنطقة بعد نصب خيمة للاحتفال بافتتاح حديقة هنا، بحضور أعضاء كنيست من اليمين المتطرف، ووضعوا يافطة على مدخل القطعة (53) كتب عليها (أهلا بكم في تل حبرون).
تعرف أبو هيكل المنطقة وتاريخها كما تعرف أبناءها تماما، قائلة "حبرون هو الاسم الكنعاني لتل الرميدة الذي هو أصل مدينة الخليل، حين اتحدت القبائل العربية الأربع التي كانت تعيش في جنبات المدينة في ائتلاف واحد قبل ما يقارب الستة آلاف عام، أطلق أجدادنا الكنعانيون على المكان تسمية حبرا أو حبرون بمعنى (اتحاد أو ائتلاف) كمقر حكم موحد، ولأهمية هذا المكان التاريخية والحضارية على مر العصور أصبحت المنطقة مكان أطماع الاحتلال لنسبه إلى تاريخهم المزيف".
وتابعت "تل الرميدة اسم أطلقه العرب أهل المدينة وسكانها على هذا الموقع نسبة إلى لون تربته التي اختلطت بالرماد، وكان مكانا مأهولا بالسكان على مر العصور، وحاول المستوطنون نسب اسم المكان لهم وعندما تمسكنا بالاسم أصبحوا يطلقون على المستوطنة المقامة في تل الرميدة "رمات يشاي" بادعاء قبر "يشاي" وأخرى يطلقون عليها اسم تل حبرون، مؤكدة أنه مهما وضعوا من تسميات فهي تل الرميدة العربية.
وتستطرد: "حاول الاحتلال على مر السنوات السابقة السيطرة الكاملة على الأرض وبفعل اجراءاتنا وتمسكنا بها، لجأوا في العام 2014 لموضوع التنقيب عن الآثار، فبدأت أعمال حفريات في المنطقة للقطعتين (52) و(53)، وعملنا على تصوير كافة التحركات والتغييرات على المكان وقدمنا شكاوى ضد الاحتلال بحكم أن المنطقة مؤجرة لنا وندفع رسومها كل عام".
وعبرت أبو هيكل عن مخاوفها من السيطرة على هذه القطعة تمهيدا للسيطرة على تل الرميدة بالكامل، مبينة أن المنطقة تحتوي على أماكن أثرية عديدة من بينها العين الجديدة، وأطلقوا عليها اسم "عين إبراهيم" ومقام السعواتي عمره (800 عام) وهو معلم أثري، كما أن الموقع استراتيجي يشرف على كل المدينة، وفي عام 1984 أعلن شارون الحرب على التلال وكان تل الرميدة من ضمن تلك التلال.
وتقول: "سرقتهم لهذا المكان يعني وجود المستوطنين في المنطقة بشكل دائم، وهذا يعني الاحتكاك والصدام مع المواطنين، يوجد في تل الرميدة أكثر من 100 عائلة صامدة رغم كل ممارسات الاحتلال واعتداءات المستوطنين".
وتؤكد، "القطعتان ما زالتا تحت مسؤولية العائلة ومتمسكون بهما ولن نسلمهما للاحتلال، وسنبقى ندافع عنهما بصمودنا على الأرض وسنستمر بتقديم الشكاوى القانونية".