أسطوانة حماس المشروخة
كتب: رئيس تحرير صحيفة "الحياة الجديدة"
يعرف الجميع أن المجلس التشريعي الذي تتباكى عليه اليوم حركة حماس وهي التي قد أصابته بانقلابها الدموي العنيف بالشلل التام، وأفقدته حضوره الشرعي والعملي منذ إحدى عشرة سنة وحتى الآن، يعرف الجميع أن هذا المجلس هو أحد مخرجات اتفاقات "اوسلو" المرحلية، التي أجهزت عليها إسرائيل اليمين العنصري المتطرف تباعا، وبعد أن وظفت حركة حماس عملياتها التفجيرية في خدمة هذا الهدف الإسرائيلي ..!
وكون المجلس التشريعي أحد مخرجات اتفاقات "اوسلو" فهذا لا يجعل منه مكونا رئيسا من مكونات النظام السياسي الفلسطيني، ليس لأن هذه الاتفاقات لم تعد عمليا وواقعيا قائمة طبقا للسياسات الاسرائيلية التدميرية، وإنما لأن النظام السياسي الفلسطيني، لا يمكن ان يكتمل دون السيادة الكاملة في إطار دولته المستقلة بعاصمتها القدس الشرقية، ولا نتحدث هنا عن مؤسسات هذا النظام وأطره الشرعية، فهي في تجربتنا مؤسسات وأطر، حاضرة بقوة حراكها الوظيفي الفعال، المستند إلى القانون في سلوكياته الرامية لخدمة العقد الاجتماعي، وإنما نتحدث عن مفهوم النظام السياسي بواقعية اكتمال مقوماته الأساسية في السيطرة السيادية التي لا نظامَ مكتملًا دونها.
وبحكم ان المجلس المركزي الذي سيبدأ واحدة من أهم دوراته اليوم، سيبحث ويناقش القرارات الاميركية، ويراجع الاتفاقات مع اسرائيل، التي نقضتها الادارة الأميركية وإسرائيل، ليتخذ القرار المناسب بشأنها، كما أكد ذلك الرئيس أبو مازن وبعد أن اوضح وعلى نحو حاسم "بما ان الاميركان والاسرائيليين قد نقضوا هذه القرارات فسنكون في حل منها جميعا ".
وأن نكون في حل من هذه القرارات والاتفاقات، فهذا يعني أن نكون في حل حتى من مخرجاتها خاصة التي لم تعد تؤدي وظيفتها التي أنشئت من أجلها ومنها بالطبع المجلس التشريعي، لاسيما أن القرار بهذا الشأن يظل هو قرار الشرعية، في مجلسها المركزي الذي أنشأ السلطة الوطنية، والمرجعية دائما هي منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني وبرلمانه الذي هو المجلس الوطني.
المجلس المركزي هو مجلس الموقف التاريخي اليوم وهو ذاهب لمواجهة التحديات المصيرية واتخاذ القرارات الكفيلة بحماية المشروع الوطني التحرري والمضي به قدما في دروب النضال حتى تحقيق كامل اهدافه العادلة.
وعلى نحو ما نعرف عن حركة حماس، من جهل في الوطنية والسياسة والقوانين، ومن خوف من حراك الشرعية الوطنية والدستورية، فإنها لا تجد سبيلا للتعريف بحالها وموقفها، سوى التشبث بأوهامها "الاخوانية" التي ما زالت تصور لها إمكانية التشويش على حراك الشرعية وعملها، فتروج اكاذيب وافتراءات شتى ضد اجتماعات المجلس المركزي، وحتى دون ان تنظر الى هدف هذه الاجتماعات وجدول أعمالها الذي بات معلنا، فتقرر وهي تقرأ بفناجين أحبارها وقبل ان ينهي المجلس المركزي أعماله ان كل ما سيصدر عنه مرفوض، لأن هذا المجلس، وعلى لسان صغار متحدثيها مجلس انفصالي (..!!) ولأن قراراته "ضارة بالشعب والقضية" ويا له من منطق واستنتاج! الوقوف ضد القرارات الاميركية الجائرة، والغطرسة العدوانية الاسرائيلية، قرارات ضارة بالشعب والقضية ...!!! لكن توسل الاحتلال الاسرائيلي حسن الالتزام بالتهدئة، ليس ضارا بالشعب والقضية ..!! بل والمضي في دروب هذا التوسل ليس محاولة لتصفية القضية الوطنية، بأهدافها العادلة والمشروعة..؟؟؟ انه منطق الجهل والعدمية ومنطق الخوف والوهم واللاوطنية، فحين ترى حماس اجتماع المركزي ضارا بالشعب والقضية فإنها لا ترى في العدوان الاسرائيلي على قطاع غزة سوى انه "محاولة تهرب من استحقاقات إنهاء الحصار والتهدئة" كما اعلن ناطقها فوزي برهوم يوم امس، وليس غير ما يضر بالشعب والقضية سوى هذا الموقف المخجل، ودماء الشهداء تسأل أهذا هو الرد على العدوان الاسرائيلي، وصفه بانه مجرد محاولة تهرب من استحقاقات لا احد يعرف ما هي تماما ..!!
اسطوانة مشروخة تواصلها حماس ضد الشرعية الفلسطينية، التي تغذُّ الخطى في مسيرتها النضالية الحرة، بقرارها الوطني المستقل ودائما الى امام فلا تخلف وراءها غير اصحاب هذه الاسطوانة الذين بات التاريخ يتجاوزهم وإلى حيث الهزيمة والنسيان، صدقت ذلك حماس أم لم تصدق!!.