حين تتنفس الكلمة
كتب: رئيس تحرير صحيفة "الحياة الجديدة"
كعادته أوقف الرئيس أبو مازن كلمته أمام المجلس المركزي في دورته الثلاثين، على قدمين وبالرأس الفلسطيني المرفوع، لتقول مرة أخرى، وبصوت الصراحة والمكاشفة والتشخيص البليغ، خلاصة الموقف الوطني الحاسم تجاه مختلف التحديات التي نواجه في هذه المرحلة التي "قد تكون من أخطر المراحل التي عاشها شعبنا" وكلمة بهذا القدر من الحياة والحيوية، كان لابد لها ان تكون متوهجة في تعابيرها الانسانية، التي لم تكن انفعالية ابدا كما قرأها البعض لغايات التأويل الاستهلاكية (..!!) وإنما كانت هي تعابير الروح بحزنها النبيل، وغيرتها الحريصة على ضرورة وحدة الصف الوطني في مثل هذه المرحلة.
لم تشهق هذه الكلمة ولا مرة واحدة، ولم تتقطع أنفاسها وهي تتدفق في وصف حالنا وحال المجلس المركزي، وما كانت تعتب على الذين غابوا، أو الذين غيبوا عن اجتماعات هذا المجلس، وإنما كانت تضع النقاط على الحروف بسؤال الحقيقة، وسؤال الجدوى، وسؤال المهمة الوطنية، كيف يصبح التخلي عنها، والتخلف عن عن تحملها موقفا مقبولا(..!!) في مثل هذه المرحلة الخطيرة..؟؟ مقبلون على أخطر المواجهات، وثمة غيابات ومقاطعات لن تعرف ابدا كيف تبرر موقفها.
ولم تكن كلمة الرئيس أبو مازن تكرر ذاتها، وإنما كانت تؤكد وتشدد للضرورة التاريخية ثبات الموقف الوطني الفلسطيني، تجاه مختلف التحديات التي نواجه، لأن ثمة حراكا سياسيا على المستوى الإقليمي يتحدث عن محاولة إحياء عملية السلام في المنطقة، فكان لابد للكلمة أن تؤكد وتشدد على ثبات الموقف الوطني "صفقة ترامب لن تمر، والقدس وفلسطين ليست للبيع، القدس الشرقية عاصمتنا، ولن نقبل بمقولة عاصمة في القدس أو القدس عاصمة لدولتين، ولا دولة في غزة، ولا دولة دون غزة، ورواتب شهدائنا وجرحانا خط أحمر، وهذا الأمر مقدس، كما الشهداء وعائلاتهم مقدسون".
وفي الشأن الفلسطيني الداخلي شددت كلمة الرئيس أبو مازن على ضرورة التمسك بالوحدة الوطنية، ولثلاث مرات أعاد الرئيس كلمة الوحدة وهو يطالب أعضاء المركزي بضرورة التمسك بها والعمل من أجلها، في الوقت الذي توجه فيه إلى الذين يتحكمون بغزة ليقول لهم "الوحدة أشرف بكثير من هذا الموقف الذي تقفونه مع أفكار الأعداء الذين يريدون تمزيقنا، ويريدون بصراحة إقامة شبه دولة في غزة، وحكم ذاتي في الضفة ...!!" تعالوا إلى الوحدة والبناء لا إلى الهدم لنسير معا نحو الدولة والقدس والعودة"، وعلى هذا النحو كانت كلمة الرئيس أبو مازن أمام المجلس المركزي، في "دورة الخان الأحمر والدفاع عن الثوابت الوطنية" هي الكلمة التي كانت تتنفس هواء التحديات والتطلعات معا، وهواء العزيمة والارادة الوطنية الحرة، لأجل مخرجات فاعلة للمجلس المركزي، تقود العمل الوطني في هذا المرحلة الخطيرة لتخطيها، حماية للمشروع الوطني التحرري، ومزيدا من المقاومة المشروعة لتحقيق كامل اهدافه العادلة.
إنها الكلمة بالغة الحياة لتمشي على قدميها مع أبناء شعبها، في دروب الوحدة والبناء والتحرير. وهكذا دائما هي كلمة الرئيس ابو مازن.