"إرث أبو عمار" ... وزمن السولار
رام الله- دفع الرئيس الشهيد ياسر عرفات حياته ثمنا للحفاظ على الثوابت والهوية الوطنية الفلسطينية، وعدم رهانها بين دول الإقليم، على عكس ما تفعله اليوم حركة "حماس" التي تسعى لتدمير المشروع الوطني، ورهنت القرار الفلسطيني في عواصم دولية وإقليمية، إلى جانب محاولاتها لشطب تاريخ وإرث مفجر الثورة الفلسطينية المعاصرة.
قبل أربعة عشر عاما رحل عن عالمنا "أبو عمار"، جسدا لكن روحه وذكراه باقية بين أبناء شعبه ومحبيه في جميع أنحاء العالم... على الرغم من محاولات سلطة الأمر الواقع في غزة لتشويه "الختيار" في أدبياتها وثقافتها ومساجدها ورياض أطفالها ومدارسها وجامعاتها.
فلسطين لم ولن تكون القضية المركزية لحركة "حماس" والاخوان المسلمين، بل كانت تدعو الى الجهاد المقدس في أفغانستان واقامة دولة اسلامية على اراضيها.
"الختيار" لم يسلم حيا وميتا من "حماس" التي منذ انقلابها على الشرعية الفلسطينية في الرابع عشر من حزيران– يونيو 2007 رغم ما قدمه لها من دعم في جميع المجالات.
"حماس" خلال انقلابها الأسود دمرت كل ما بناه "أبو عمار" من نواة الدولة الفلسطينية المستقلة والمتمثلة في وزاراتها ومؤسساتها وأجهزتها الأمنية.
بعدما قتلت "حماس" وجرحت المئات من أبناء السلطة الوطنية وعذبت الآلاف في مساجدها، اقتحمت مقر الرئاسة على شاطئ البحر، وأول ما فعله عناصرها المسلحون هو إنزال صور "أبو عمار" والدوس عليها بأحذيتهم، وسط اطلاق النار في الهواء، بينما لم تكن البوارج الحربية الاسرائيلية بعيدة في عرض البحر.
الأمر لم يقف عند هذا الحد، بيد أن "حماس" حولت "المنتدى الى "مدينة ألعاب" واستراحة لجني الأموال من الشعب المحاصر والفقير لملء خزينتها.
ليس بعيدا عن "المنتدى"، نهبت "حماس" مقر هيئة الاذاعة والتلفزيون التي تعتبر من الرموز الرسمية لدولة فلسطينية، ومنحتها لتلفزيونها الحزبي "الأقصى".
في زمن "أبو عمّار" عمّ الرخاء والخير لأن "الختيار" كان باب مكتبه مفتوحا للفقراء والمحتاجين، فدعم الطلاب والفلاحين والعمال والأيتام والفقراء والذين يعانون من العقم والمرضى وغيرهم، بينما في "زمن حماس" ينتشر الفقر والبطالة التي تنهش أجساد الفقراء.
في زمن "أبو عمار"، بنيت محطة وطنية لتوليد الكهرباء للتحرر من التبعية الاسرائيلية، في حين في "زمن حماس" الشموع أذابت أجساد الأطفال الغضة.
في زمن "أبو عمار"، انتشرت حرية الرأي والتعبير وإقامة التجمعات، وكذلك رخصّ أبو عمار حزبا سياسيا لحماس باسم "حزب الخلاص" ودعمه ماليا، بينما في "زمن حماس" القمع والاعتقال وملاحقة أبناء "فتح" والزج بهم في زنازينها.
في "عهد حماس"، نُهب منزل الشهيد "أبو عمار" وبيعت المقتنيات الذهبية الثمينة من سيوف وقلائد بعد إذابتها لإخفاء معالم الجريمة... كما عيث في منزله خرابا وحرقت أجزاء واسعة منه.
في زمن "ابو عمار" زرعت ثقافة الوحدة والشراكة الوطنية وبناء المدارس والجامعات، بينما في "زمن حماس" زرعت ثقافية الكراهية والتخوين عبر مواقعها الاعلامية ومؤسساتها التعليمية ومن ضمنها رياض الأطفال وحشو أدمغتهم الصغيرة بالحقد والعنصرية والتشكيك بوطنية وفلسطينية "أبو عمار" الذي كان يقبل يد الكبير والصغير.
في زمن "أبو عمّار"، سادت الحرية الدينية والمعتقدات، بينما في "زمن حماس"، خونت منابر رسول الله ابو عمار وقادة فتح والثورة الفلسطينية، وقمعت "حماس" المصلين الذين رفضوا نهجها التكفيري وصلوا في الشوارع العامة.
في زمن "أبو عمار"، احتفلت "حماس" بكل حرية وحماية من أبناء الأجهزة الأمنية الشرعية بجميع مناسباتها، بينما في "زمن حماس" تمنع احياء ذكرى "الختيار" وتقتل وتعتقل من يحييها كما فعلت في الذكرى الأولى لاستشهاده.
في زمن "أبو عمار" ازدهرت حرية الصحافة والاعلام ومن ضمنها مؤسسات ومواقع "حماس" الاعلامية، بينما في "زمن حماس"، قمعت "حماس" الصحفيين والاعلاميين والكتاب والمثقفين ومن أمثلة ذلك نهبها لمقر تلفزيون فلسطين ومقر وكالة "وفا" واغلاق اذاعات ومواقع اعلامية فتحاوية.
في عهد "أبو عمار" دعمت المقاومة بكافة أشكالها وأنواعها وحمي المناضلين والمقاومين، بينما في "زمن حماس" تمنع المقاومة تحت ذرائع واهية تخدم بالدرجة الأولى مشروع "حماس" ومصالحها وتعتقل كل يمارس المقاومة ضد الاحتلال الاسرائيلي.
في زمن "أبو عمار" زار فلسطين وبالتحديد قطاع غزة قادة وزعماء عظام مثل الرئيس الأميركي الأسبق بيل كلينتون والرئيس الفرنسي الأسبق جاك شيراك، بينما في "زمن حماس" يزور قطاع غزة مطبعون وراعون للانقسام واطالة أمده.
في زمن "أبو عمار" بني المطار على أرض الوطن وحطت وأقلعت الطائرات، بينما في "زمن حماس"، دمر المطار وتحول الى خراب، وتلهث حاليا الى انشاء مطار خارج الأرض الفلسطينية لإقامة كيان منفصل، كما وضع في زمن "أبو عمار" حجر الأساس لإنشاء ميناء بحري وتلهث "حماس" لإقامة ممر مائي مع قبرص برقابة اسرائيلية ودولية.
"أبو عمار" ضحى بحياته من أجل فلسطين وقضيتها العادلة ومنع تقاذف القضية الفلسطينية في "أتونات" الاقليم، تسعى "حماس" ومن ورائها دول اقليمية وعالمية الى سلخ قطاع غزة عن بقية الأرض الفلسطينية واقامة دويلة طالما تحذر منها القيادة الفلسطينية برئاسة الرئيس محمود عباس.
"حماس" التي طالما هاجمت اتفاق أوسلو ونعتته بأقبح الأوصاف، تسعى حاليا لتثبيت "تهدئة" مع الاحتلال الاسرائيلي بعد استشهاد أكثر من مئتي مواطن وجرح الآلاف منهم أطفال ونساء وبتر أقدام المئات منهم وتحويلهم الى معاقين.
تسريبات "اتفاق التهدئة" تنص على زيادة مساحة الصيد وكميات الكهرباء والسولار وزيادة المعونات الانسانية، بينما كان اتفاق "أوسلو" سيئ الصيت وفقا لحماس ومعارضيها يسمح بالصيد في بحر غزة لمسافة 20 ميلا بحريا وأكثر، واقامة مناطق صناعية والسماح لآلاف العمال الغزيين داخل الأراضي الإسرائيلية، وعمل جميع المعابر الحدودية بحرية وعلى مدار الساعة.
وأخيرا تبيع "حماس" دماء الشهداء مقابل الدولار والسولار، وسط استنكار وسخرية شعبية واسعة خاصة على مواقع التواصل الاجتماعي.
هذا غيظ من فيض في وجه المقارنة بين زمني "أبو عمار" و"حماس"... وهو فرق بين السماء والأرض.