لا بديل عن الحوار
كتب: رئيس تحرير صحيفة "الحياة الجديدة"
ندرك وبوعي لا شعارات إنشائية فيه، أن الضرورة الوطنية تقتضي في الطريق إلى الخلاص من الاحتلال الاسرائيلي وانتزاع الحرية والاستقلال، لابد من حكم رشيد، وفي المقابل لابد من معارضة رشيدة، معارضة تؤمن بالحوار، وتسعى إلى التغيير نحو الأفضل من خلاله وعبر أطره الدستورية، ونحو الأفضل دائما هو ما يخدم في المحصلة المصالح الوطنية العليا، والمصالح الاجتماعية والتنموية معا.
وإذا كان الحكم الرشيد معنيا بالسلوك النزيه، في رعاية القوانين واحترامها لتطبيقها على نحو غاياتها الانتاجية، فإن المعارضة الرشيدة معنية بالسلوك المسؤول في التعبير عن مواقفها ومطالبها حتى في "حراكها الجماهيري".
ما يدفعنا إلى هذا التوضيح "الحراك الجماهيري" ضد قانون الضمان الاجتماعي، والذي نرى فيه حراكا وكأنه لا يسعى حتى الآن لأي حوار (..!!) رغم أن الرئيس أبو مازن أوضح ودونما لبس، وغير مرة، أن القانون هذا ليس قرآنا، وان التعديل ممكن وحتى بأثر رجعي، وبالطبع لا تعديل ولا مراجعة ولا ملاحظات نقدية، دونما حوار، فلماذا لا نواصل هذا الحوار الذي جاءت إليه النقابات المهنية جميعها ووقعت على مخرجاته الأولى.
وحسب أحدث المعطيات بشأن هذا القانون فإن عدد الذين انتسبوا اليه من العمال والموظفين بلغ العشرين ألف منتسب، وهناك عدد من الشركات الوطنية قد سجلت منتسبيها في هذا الإطار، وهذا يعني أن على المعترضين ان يأخذوا بعين الاعتبار هذه الحقيقة، وان يأتوا بالحوار لأجل أية تعديلات يرونها ضرورية، ليكون الضمان الاجتماعي في خدمة منتسبيه أولا، وقبل كل شيء، وعلى نحو ما يحقق لهم الأمان الاجتماعي والاقتصادي، بنصوص لا تقبل أي تلاعب يفرغها من مضمونها وغاياتها النزيهة.
مناهضة الحوار المسؤول في هذا السياق لن تكون معارضة رشيدة بالقطع، وهناك طروحات تتحدث عن الانتساب الاختياري لهذا القانون ودون أية عقوبات وما يحسم هذه النقطة طبعا هو الحوار الذي لا يشترط أي معايير ولا أية متطلبات لتحقيقه، ولا من أي نوع كان.
يبقى أن نشير إلى أنه علينا أن نضع بعين التفحص لا الاعتبار فحسب، أن الجانب الاسرائيلي لا يريد لنا تقدما ولا نجاحا في هذا الاطار، وسيعمل على وضع عراقيل شتى أمامنا لكي لا ننجز على نحو ايجابي هذا القانون، وهذا ما يفرض أكثر وأكثر ضرورة الحوار الذي ستبقى ابوابه مشرعة للكل الوطني ليساهم في صياغة قانون يخدم منتسبيه بعدل وإنصاف وبما يحقق الكرامة الاجتماعية والانسانية والأمان المستقبلي، وهو ما يعزز مسيرتنا نحو الحرية والاستقلال، وما يؤكد حتمية انتصارها.