مطار غزة الدولي... الحلم المدمر
زكريا المدهون
في مثل هذا اليوم وقبل عشرين عاما، افتتح الرئيس الراحل الشهيد ياسر عرفات، على أرض مدينة رفح أقصى جنوب قطاع غزة، مطار غزة الدولي في عرس وطني وعربي ودولي كبير.
وعن تلك اللحظات يقول الاعلامي محمد الباز، الذي نقل على الهواء مباشرة عبر شاشة تلفزيون فلسطين وقائع الاحتفالات بافتتاح مطار غزة الدولي، وسط تغطية اعلامية واسعة من جميع العالم، يقول: "لم يكن افتتاح المطار حدثا عاديا في حياة شعبنا الفلسطيني وقيادتنا وعلى رأسها الشهيد الخالد ياسر عرفات".
ويضيف الباز (65 عاما): "صنع شعبنا يوما ليس ككل الأيام، صنعناه بأيدينا"، واصفا الافتتاح
بـ"الحدث العالمي الذي يمثل الاستقلال الوطني الفلسطيني، وانجاز للثورة الفلسطينية، لان التواجد على أرض الوطن يتطلب صنع العديد من مظاهر الاستقلال الوطني".
ويقع مطار غزة الدولي أو (مطار ياسر عرفات) في محافظة رفح على الحدود مع مصر، ويضم مدرج هبوط وإقلاع، واحد بطول يبلغ 3080 مترا، وعرض 60 مترا، وبدأ البناء فيه في العشرين من يناير عام 1996، عندما أرسى الرئيس ياسر عرفات حجر الأساس لهذا الصرح الوطني.
وعمل مطار غزة الدولي كبوابة رئيسية لفلسطين بشكل عام وقطاع غزة بشكل خاص حتى العام 2001 حيث قامت قوات الاحتلال الإسرائيلي بتنفيذ عدة غارات وعمليات قصف وهدم وتجريف، طالت مختلف المباني والمنشآت ومدارج المطار، وألحقت أضرارا بالطائرات.
وتحول المطار اليوم الى مكب للنفايات، لا يسمع فيه اليوم الا نعيق الغربان، وتنتشر منه الروائح الكريهة، وكل ما تبقى منه قبة ذهبية صفراء هي كل ما تبقى من أطلال المطار.
وتبلغ المساحة الإجمالية للمطار 2350 دونما، ويشتمل على صالة رئيسية للمسافرين مساحتها 4000 متر مربع، تستوعب 750 ألف مسافر في العام الواحد، مع إمكانية التوسع.
كما يحتوي على العديد من المنشآت مثل مبنى إدارة الطيران المدني، ومبنى التشريفات، ومبنى الشحن، ومبنى الإطفاء والإسعاف، ومحطة الوقود، ومبنى الصيانة، وبرج المراقبة الذي يرتفع عن الأرض ثمانية وعشرين مترا، وقد زود بأحدث الأجهزة الملاحية لمراقبة وإرشاد حركة الطائرات على الأرض وفي الجو وأثناء الإقلاع والهبوط.
من الناحية المعمارية، تتكامل منشآت مطار غزة الدولي فيما بينها لترسم لوحة معمارية تمثل إحدى التحف الهندسية التي شيدت في فلسطين حديثا.
وصممت هذه المنشآت وفق الطراز المعماري العربي الإسلامي المستوحى من أبنية القدس القديمة، المشغولة بعناية، والمرصعة بأقواسها الشهيرة، لتدل على حرص القيادة على عرض خصوصية بوابة فلسطين إلى العالم الخارجي.
ذاكرة الاعلامي الباز عادت الى وراء عقدين من الزمن، مشيرا الى أن طائرة مصرية كانت أولى الطائرات التي حطت على أرض (مطار غزة الدولي) وكان على متنها وفد رسمي وفنانون، اضافة الى طائرات من المغرب، والجزائر، والأردن، وأوروبا.
الفرحة العارمة سيطرت على أجواء الاحتفال حيث كان الرئيس الشهيد ياسر عرفات يلوح دوما بشارة النصر والابتسامة لا تفارق محياه، مشيرا الى قيام أمير القدس الراحل فيصل الحسيني بالدبكة بشكل عشوائي برفقته.
وعن هبوط أول طائرة فلسطينية على أرض المطار، يقول الباز: "عندما نزل الطيار وزملاؤه من طائرتهم، رفعهم البعض على الاكتاف وسط الهتافات واهازيج الفرح".
ويتمنى الباز أن يتم اعادة ترميم وبناء مطار غزة الدولي مجددا، مؤكدا "أن تسافر من مطارك وتعود الى أرض الوطن بطائرة فلسطينية، تلك مشاعر كبيرة لا بد أن تتحقق".