صفاء شقير الموهبة القادمة في الفن التشكيلي
عُلا موقدي
صفاء شقير (23 عاما) فنانة فلسطينية شابة تحاول من خلال أعمالها الفنية تصوير البيئة الفلسطينية الأصلية وإبراز الجانب الجمالي في معمارها القديم والمعاصر.
تؤمن شقير بقدرة الفنون عامة والفن التصويري بشكل خاص على حماية الموروث الفلسطيني المعماري والثقافي من محاولات الطمس والهدم التي كان ولا زال يتعرض لها، كما وترى أن صراعنا مع الاحتلال هو صراع انساني وثقافي بالدرجة الاولى قبل أن يكون صراعا سياسيا، فقد حرص الاحتلال على توظيف كافة طاقاته البشرية والمادية في سبيل القضاء على موروثنا الثقافي والتاريخي والمعماري.
تقدم شقير معرضها الأول بعنوان" مي ولون"، في متحف محمود درويش في مدينة رام الله، من 25-30 تشرين ثاني، مكوناً من ثلاثين لوحة فنية رسمتها بالألوان المائية بأحجام وتقنيات مختلفة تنوعت ما بين الرسم التجريدي والواقعي، حاولت من خلاله التعمق أكثر في جماليات البيئة الفلسطينية، والبحث عن معالم الأصالة في معمارها القديم والمعاصر من منظورها الذاتي الذي يبحث في أرواح الأشياء قبل ذواتها، محاولة لجذب الانتباه بضرورة توجيه كل الطاقات المتاحة في حماية الموروث الفلسطيني.
واللوحات حملت أسماء ومعانيَ عميقة، ترى شقير أنها استلهمتها واستنتجتها بتعبٍ لذيذ. وهي: "تلاشي"، "سكون "، "صلاة"، "زيارة"، "خريف"، "انتظار"، "حصاد"، "انفجار وجمال"، و"شقائق النعمان"، و"آخر اليوم"، بالإضافة إلى "كزهر اللوز أو أبعد" مستوحية عنوان قصيدة الشاعر محمود درويش الشهيرة، وتصوير المعمار الفلسطيني القديم، كما في ثنائية "ظل في الممر"، و"انعكاس"، و"يافا القديمة"، و"سكون"، و"عبق"، و"ذاكرة"، و"نابلس القديمة"، و"شرفة"، وسلسلة لوحات "بقاء".
تخرجت شقير من كلية الفنون الجميلة في جامعة النجاح الوطنية "تخصص خزف" في العام 2017، عملت على لوحات معرضها لمدة ثمانية أشهر، وكانت البداية مع لوحة "أول اليوم" الذي مزجت فيه شقير اللون الأصفر وقت شروق الشمس مع طيف الأقحوان.
وحول فكرة اسم المعرض، تقول شقير أنها اختارت "مي ولون"، لأنها استخدمت الألوان المائية فقط في رسوماتها. وتضيف: اخترت الاسم بالعامية دليلا على البساطة، "الاسم يوصل المعلومة سريعاً، أي انني بحاجة لماء ولون فقط لأرسم".
تذكر صفاء شقير لـ"وفا"، اللوحات رسمتها بالألوان المائية، استوحيتها من الطبيعة الفلسطينية، والتي تلهمني كثيراً، ومن الفن المعماري القديم. وجاءت فكرة المعرض من حبي وشغفي لهذه الأماكن، وكانت أول لوحاتي هي "أول اليوم"، عملت على تطوير الفكرة، ثم بدأت برسم لوحات جديدة ومختلفة، حاولت من خلالها تقديم رؤيتي لفلسطين من الجانب الفني.
وحول أفكار لوحاتها، تقول: عندما كنت أزور مكانا ما ويجذبني، يعيش في خيالي، وحين أعود إلى المنزل ابدأ برسمه بأسلوبي الخاص، ويطغى على الرسومات شدة دهشتي بالأماكن، فأرسمه كاملاً، أو استوحي منه جزءا معينا، وأكثر ما يجذبني هو منظر الربيع، وغياب الشمس، وموسم الحصاد.
وعن طقوسها في الرسم تقول شقير: أرسم في ساعات متأخرة من الليل، استمع إلى الموسيقى وحدها، فأذهب الى عالمي مع ريشتي وألواني، وفي الصيف كنت أرسم في الخارج.
وتبين: رسوماتي نابعة من تعليم وهواية، منذ صغري كانت ميولي للرسم قوية، ووضعت في رأسي دراسة الفنون الجميلة، فتخصصت الخزف، وأبدعت فيه ايضاً، لكن الرسم المائي جذبني كثيراً.
وتوضح: أرسم عشر لوحات في اليوم، أقضي يومي بالرسم، حصلت على أعلى درجة في الرسم المائي خلال دراستي الجامعية على ثلاث شعب.
استاذة الفنون في جامعة فلسطين التقنية، عائدة أحمد، تقول: اللوحات تبث البهجة عند تأملها غنيه بالضوء والألوان، رأيت فيها سيمفونية لونية ممتعه، و هناك تسجيل بصري لمقاطع فلسطينية قريبه من الوجدان والذاكرة.
وتذكر أحمد، من المعروف أن الرسم المائي ليس بالنمط الفني السهل فقد حملت اللوحات لمسات واثقه وجريئة وألوان نقيه وشفافيات ممتعه، للفنانة أسلوب وشخصية فنية أصيلة، نجحت في ايصال تعبيرها عن موضوعاتها والتأثير في المتلقين، وتستحق كل الدعم للمضي قدما بدرب الفن والإنتاج والجمال.
_