اليوم العالمي لفلسطين
كتب: رئيس تحرير صحيفة "الحياة الجديدة"
في سبعينيات القرن الماضي، أقرت الأمم المتحدة يوما عالميا للتضامن مع الشعب الفلسطيني، وبهدف التذكير بحقوقه الأساسية، وفي مقدمتها حق تقرير المصير والاستقلال الوطني، ولا شك ان هذا اليوم، وقد أضحى راشدا، فقد تجاوز عمره الأربعين عاما، بات بحاجة، وفي هذا العام تحديدا، لأن يعبّر عن رشده على نحو شجاع وحكيم، بأن يكون أكثر من مناسبة احتفالية، بكلمات نثمنها دائما، فالحقوق الأساسية لشعبنا ومجمل قضيته الوطنية، تتعرض في هذه المرحلة الى أخطر محاولات التصفية، التي تقودها ادارة ترامب الصهيونية، وهذا يعني- بل ويفرض- ان يتحرك التضامن العالمي نحو مشاركة شعبنا بقيادته الشرعية، في التصدي لهذه المحاولات، لاجهاضها والسير نحو عملية سلام ممكنة، تعيد لشعبنا كامل حقوقه المشروعة، طبقا لقرارات الشرعية الدولية، وفي اطار مرجعياتها النزيهة، وبسقف زمني لا يقبل التلاعب، ولا التمديد، ولا التسويف، ولا المراوغة.
لم تعد الحقوق الأساسية لشعبنا موضع شك أو بحث في المجتمع الدولي، وفلسطين دولة في الأمم المتحدة اليوم، وإن كانت غير كاملة العضوية، لكنها حاضرة وبقوة في هذا الاطار الأممي، بما يعني ان عدالة القضية الفلسطينية بحقوقها كافة، باتت من البديهات في وعي المجتمع الدولي، ولم يتحقق ذلك بالطبع نتيجة عطف هذا المجتمع وصحوة ضميره، وانما هي تضحيات شعبنا العظيمة، في مسيرته الحرة تحت راية منظمة التحرير الفلسطينية، ممثله الشرعي والوحيد، التي جعلت من الحراك السياسي النضالي الذي تقوده الشرعية الفلسطينية، الوطنية والدستورية، حراكا فعالا ومثمرا جاء بفلسطين الى الأمم المتحدة، وجعل من قضيتها الرقم الصعب في معادلة الصراع في الشرق الأوسط، الرقم الذي لا يمكن شطبه أو تجاوزه أو القفز عنه.
يقف العالم معنا اليوم بكلمات المواقف النبيلة ولا بأس، ونحن نتطلع ان تتحرك هذه المواقف نحو فعاليات واقعية تدفع نحو فرض عملية سلام عادلة، يقف العالم معنا ونحتاج بلا أية مكابرة ولا أي تهرب من الواقع، الى ان نقف مع أنفسنا أكثر بدحر الانقسام البغيض، وتحقيق أرقى وأجدى أشكال الوحدة الوطنية، دون اية تحزبات وفئويات، ومناطقيات، وولاءات خارجية، وتمويلات خبيثة، التي ما زالت هذه العوالق، تحدث وتعمل بما لا تريد مسيرة الحرية الفلسطينية، وهي تمضي في دروب مشروعها الوطني التحرري.
نقف مع أنفسنا بالوحدة والتآلف فنكون أقوى، ليقف العالم معنا بالموقف العملي الفاعل دعما ومساندة ومشاركة في صنع السلام العادل بحل الدولتين.