القدوة: المسيحية الصهيونية تلعب دورا بارزا في صياغة السياسة الأميركية الحالية
قال عضو المجلس المركزي لمنظمة التحرير، عضو اللجنة المركزية لحركة فتح ناصر القدوة، اليوم الأربعاء، إن اعتراف الولايات المتحدة الأميركية غير القانوني بالقدس عاصمة لإسرائيل يؤكد الدور البارز الذي تلعبه الجماعات الدينية الأصولية في صياغة السياسة الأميركية الحالية، وتأثيرها على صنع القرار الأميركي.
جاء ذلك خلال لقاء نظمته دائرة شؤون المفاوضات في منظمة التحرير، في رام الله، بعنوان "تحويل الاحتلال الاستعماري إلى حرب دينية: حالة المسيحية الصهيونية"، بحضور عدد من القناصل والممثلين والسفراء المعتمدين لدى فلسطين.
وأكد القدوة أن قرار الاعتراف بالقدس الذي اتخذته الإدارة الأميركية الحالية، والتي تزعم بأنه "يساهم في دفع عملية السلام قدمًا"، يشكّل انتهاكا لالتزاماتها بموجب القانون الدولي، ويتعارض مع المواقف والبيانات الرسمية الصادرة عن الإدارات الأميركية السابقة، مشيرًا إلى أن هذا القرار جاء بغية حصد المزيد من الدعم من الجماعات الدينية الأصولية، خاصة المسيحيين الانجيليين أو ما يعرف بالمسيحية الصهيونية.
ودعا القيادات المسيحية في فلسطين والعالم إلى فضح الادعاءات التي تستند إليها الجماعات الإنجيلية الصهيونية، مطالبًا القادة الدينيين والسياسيين في جميع أنحاء العالم بإدانة هذا الاستخدام السافر للدين، مشيرا إلى أن القيادة الفلسطينية تستنكر استخدام الدين والكتب المقدسة لتبرير الجرائم والخروقات، وستستمر بالدعوة إلى تطبيق القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة باعتبارها السبيل الوحيد للمضي نحو تحقيق سلام عادل ودائم بين الإسرائيليين والشعب الفلسطيني وإنشاد السلام في المنطقة برمتها.
وتطرق القدوة إلى ما يسمى "صفقة القرن" التي تنوي الإدارة الأميركية طرحها كخطة سلام للمنطقة، مؤكدا رفض القيادة الفلسطينية لهذه الصفقة في ظل السياسات المنحازة للإدارة الأميركية الحالية، وما نتج عنها من نقل للسفارة الأميركية إلى القدس، ودعم الاستيطان، ومحاولة شطب قضية اللاجئين من قضايا الحل النهائي.
من جهته، قال بطريرك القدس للاتين السابق، البطريرك ميشيل صبّاح، إن القدس مدينة مقدسة للديانات السماوية الثلاث، وعاصمة للشعبين: الفلسطيني والإسرائيلي، وبهذه الحالة فقط يمكن أن يتحقق السلام.
وأضاف: "ان السبب الحقيقي للحرب هو الاحتلال الذي يحاول تغيير طبيعة القدس، ونقل السفارات للقدس لن يمنح إسرائيل سلامًا، بل سيزيدها عزلة".
ولفت إلى أن الصراع بين الفلسطينيين والإسرائيليين هو صراع سياسي وليس صراعًا دينيًا بين المسلمين واليهود، مشيرًا إلى أن دعم الجماعات الإنجيلية الصهيونية لإسرائيل باسم الدين يتعارض مع كافة التعاليم المسيحية التي تدعو إلى المحبة والمصالحة.
وأشار إلى أن محاولة إسرائيل تطبيع علاقاتها مع عدد من الأنظمة العربية لن يحقق لها السلام، إلا بعد الوصول إلى اتفاق سلام عادل وشامل مع الفلسطينيين، ينهي الاحتلال، ويحصل من خلاله الفلسطينيون على دولة مستقلة وفقًا لقرارات الشرعية الدولية.
وخاطب البطريرك صبّاح العالم الذي يعبّر عن قلقه حول مستقبل الحضور المسيحي في فلسطين، مؤكدًا أن الدعم الوحيد الذي ينتظره الفلسطينيون المسيحيون هو تحقيق السلام والاستقرار السياسي وإنهاء الاحتلال.
من جانبه، قال العميد في كلية بيت لحم للكتاب المقدس ومدير مؤتمر "المسيح أمام الحاجز"، القس منذر إسحق: إن المسيحيين الصهاينة يعتقدون بأن "الله سيبارك الأمم التي تبارك إسرائيل، ويلعن تلك الأمم التي تلعنها"، مشيرًا إلى أن الكنائس التقليدية تعارض هذه الرواية.
وأوضح أن المنطق الذي يقف وراء العقيدة المسيحية الصهيونية يكمن في أن دعمهم لإسرائيل سيسهّل في تحقيق نبوءات العهد القديم، وسيعجّل "بعودة السيد المسيح إلى الأرض".
ولفت إلى أن الحركة الصهيونية استخدمت العديد من الحجج التي تستند إلى التوراة لتبرير عملية طرد وتشريد الفلسطينيين، ومن ضمنها أن "اليهود هم شعب الله المختار"، و"أرض الميعاد"، وان "احتلال هذه الأرض واستيطانها واجب يقع على عاتق جميع اليهود لإقامة دولة لليهود".
وبيّن أن وثيقة "كايروس فلسطين" التي أقرها لاهوتيون فلسطينيون من مختلف الكنائس، تنص على أن "أي استخدام للكتاب المقدس لتبرير أو تأييد خيارات مواقف سياسية تستند إلى ظلم يفرضه إنسان على إنسان أو شعب على شعب آخر، فهو يحوّل الدين إلى ايديولوجية بشرية، ويجرّد كلمة الله من قداستها وعالميتها وحقيقتها".