سياسة الانتقام
زهران معالي
على مدار 6 ساعات متواصلة، سيطر ضجيج جرافات الاحتلال الإسرائيلي وآلياته العسكرية على ضاحية شويكة شمال طولكرم، لتكتمل أركان الجريمة بحق عائلة الشهيد أشرف نعالوة، بعد إعدامه وسلب عائلته حريتها، هشّمت أنياب الجرافات طابقين من أصل ثلاثة تعود للعائلة.
واستشهد نعالوة يوم الخميس الماضي، برصاص قوات الاحتلال في مخيم عسكر الجديد شرق نابلس، بعد مطاردة استمرت 67 يوما، عقب تنفيذه عملية إطلاق نار في مستوطنة "بركان" قرب سلفيت، أدت لمقتل مستوطنين وإصابة ثالث.
منزل نعالوة واحد من تسعة منازل هدمتها أو أغلقتها إسرائيل منذ بداية العام، تعود لأهالي شهداء وأسرى تتهمهم بتنفيذ عمليات ضدها، وذلك ضمن سياسة العقاب الجماعي التي اتخذتها حكومة الاحتلال الإسرائيلية منذ عام 2002 ، التي نصت على "هدم منازل ذوي الفلسطينيين الذين تدعي سلطات الاحتلال تنفيذهم أو تخطيطهم أو مساعدتهم للقيام بأعمال ضد أهداف إسرائيلية".
وتشير إحصائيات مركز عبدالله الحوراني للدراسات والتوثيق التابع لمنظمة التحرير، إلى أن سلطات الاحتلال هدمت وأغلقت تسعة منازل خلال 2018، حيث أغلقت بيت الأسير يوسف أبو زينة بالباطون المسلح في بلدة قباطية، وهدمت بيت الأسير أحمد القنبع في مدينة جنين، وبيت الاسير علاء قبها في بلدة برطعة، وهدمت 3 بيوت في منطقة واد برقين أثناء عمليات البحث والمطاردة عن الشهيد أحمد نصر جرار، وفي رام الله هدمت بيت الشهيد محمد طارق دار يوسف في بلدة كوبر، كما قامت بتفجير بيت خنساء فلسطين لطيفة أبو حميد (ام ناصر) في مخيم الأمعري، للمرة الثالثة منذ عام 1994، إضافة لمنزل نعالوة فجر اليوم.
ويضيف المركز ان سلطات الاحتلال أخطرت بهدم خمسة منازل تعود لذوي أسرى وشهداء، وهم بيت الأسير يوسف جبارين، وكذلك أخذت قياسات بيتين يعودان للأسيرين محمد وخالد مخامرة تمهيداً لهدمهما، بعد أن قامت سابقاً بهدم بيتهما في العام 2016 في بلدة يطا، وأخطرت قوات الاحتلال بهدم بيت ذوي الأسير عمر العبد للمرة الثانية في بلدة كوبر شمال رام الله، بعد أن هدمت بيتهم الأول في شهر آب من عام 2017، وأخطرت كذلك بهدم بيت عمر البرغوثي والد الشهيد صالح البرغوثي .
ووفق إحصائيات المركز فإن سلطات الاحتلال هدمت 51 منزلا، تتهم أحد أبنائها بتنفيذ عمليات ضدها منذ هبة القدس عام 2015، آخرها كان منزل نعالوة هذا اليوم.
وضمن سياسة العقاب الجماعي التي تمارسها سلطات الاحتلال، أقرّ "كابينت" حكومة الاحتلال الإسرائيلي، مساء الأحد، مقترح قانون يقضي بطرد وترحيل عائلات منفذي العمليات من بيوتهم، ونقلهم للسكن في مكان آخر من الضفة الغربية.
ويوضح مدير المركز سليمان الوعري لـ"وفا"، بأن قوات الاحتلال هدمت منذ بداية العام حتى نهاية تشرين ثان/ نوفمبر الماضي 494 بيتا ومنشأة في الضفة الغربية والقدس الشرقية، بينها 144 بيتا سكنيا و350 منشأة تتنوع "بين تجارية، وزراعية، وخدماتية، وصناعية".
ويؤكد الوعري أن 45% من عمليات الهدم تلك، تمت في مدينة القدس المحتلة، فيما تتركز عمليات الهدم في المناطق المصنفة "ج" وفقا لاتفاق المبادئ أوسلو، وتتنوع أسبابها بين حجة عدم الترخيص أو أسباب أمنية.
وتنتهج دولة الاحتلال الإسرائيلية سياسة هدم المنازل منذ احتلالها فلسطين، حيث هدمت خلال الفترة الممتدة بين عامي 1967-1993 أكثر من 23100 منزل خاصة في مدينة القدس، وأجبرت عشرات المقدسيين على هدم منازلهم بأيديهم، وفق ما يؤكد الخبير في القانون الدولي د.حنا عيسى لـ"وفا".
ويوضح عيسى أن سلطات الاحتلال تستند في منهج الهدم المنظم لمنازل الفلسطينيين، إلى نص المادة (119) فقرة (1) من قانون الطوارئ البريطاني لسنة 1945، رغم معرفتها المسبقة بأن هذا القانون تم إلغاؤه مع قرار تقسيم فلسطين عام 1947.
وتنتهك دولة الاحتلال الإسرائيلي القوانين والمواثيق الدولية التي تنص على حماية المدنيين خلال الحرب، وأبرزها المادة "33" من اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949، التي نصت على أنه "لا يجوز معاقبة شخص عن مخالفة لم يقترفها"، وقرار مجلس الأمن الدولي الذي يحمل رقم 1544 عام 2004، والذي يطالب إسرائيل بالكف عن هدم المنازل، يؤكد عيسى.
وشدد على أن سياسة هدم المنازل والممتلكات العائدة للمواطنين الفلسطينيين تندرج تحت سياسة التطهير العرقي، وتعتبر مخالفة جسيمة لنص المادة 53 من اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949 التي تحرم تدمير الممتلكات أيا كانت ثابتة أو منقولة، وانتهاكاً صارخاً لنص المادة 17 من الاعلان العالمي لحقوق الانسان الصادر بتاريخ 10/12/1948 والتي تنص على أنه "لا يجوز تجريد أحد من ملكه تعسفاً."
وينوه إلى عدم وجود قوانين إسرائيلية تشرع هدم المنازل، وأن عمليات الهدم تتم وفق قرارات من المحكمة العليا الإسرائيلية.