الهلال الأحمر ... 50 عاما في الميدان
معن الريماوي
قبل نحو عام، تعرض المسعف في جمعية "الهلال" الأحمر الفلسطيني بسام هريش (19 عاما) للضرب من جنود الاحتلال الإسرائيلي، وللرش بغاز الفلفل على وجهه، أثناء محاولته انقاذ شاب تعرض للدهس، وكسرت قدمه في منطقة البالوع بمدينة البيرة.
هريش خلال عمله في "الهلال" لأكثر من 19 عاما، تعرض للكثير من الانتهاكات بحقه، كما هو حال طواقم الإسعاف، معتبرا أنه لن يتوانى عن أداء واجبه الوطني، حتى لو كلفه ذلك حياته.
وأضاف "كانت الأحداث مشتعلة في البالوع، وكان جنود الاحتلال يطلقون قنابل الغاز والصوت تجاه المتظاهرين، وخلال هذه الأحداث، تقدم شاب وألقى مجموعة من الحجارة تجاه الجنود، ما استفزهم، وعلى الفور توجه جيب عسكري نحو الشاب، ودهسوه. ومباشرة تقدمت لإسعاف الشاب، ورش الجنود غاز الفلفل على وجهي، وفقدت الوعي، وتم نقلي للمستشفى".
وأشار هريش إلى أنه تعرض لعشرات الاعتداءات من قبل جنود الاحتلال، سواء بالضرب أو الشتم، أو إطلاق قنابل الغاز، أو الاحتجاز لفترة معينة، أو محاولة لعرقلة العمل، في محاولة لمنع إسعاف وتقديم العلاج للمصابين في الأحداث.
جمعية "الهلال" الأحمر بطواقمها وضباطها ومسعفيها، قدمت على مدار 50 عاما ومنذ تأسيسها في 26 من كانون أول، شهداء وجرحى، وما تزال في الميدان، وفي ساحات المواجهة والتحدي. وما تزال حادثة استهداف قوات الاحتلال لسيارة اسعاف تابعة لها في غزة عام 2014، ما أدى الى استشهاد المسعف المتطوع عائد البرعي (27 عاماً) وإصابة 3 ضباط اسعاف بجروح، عالقة في أذهان الشعب الفلسطيني.
ووفقا لنائب رئيس الجمعية مأمون العباسي فإنها جمعية تعاقب على قيادتها والعمل فيها أجيال مختلفة من أبناء شعبنا الفلسطيني، وقدمت تضحيات في سبيل الحفاظ على كرامة الانسان وتقديم الخدمة له، في مسيرة حافلة بالعرق والجهد والألم والعذابات.
وتأسست الجمعية في 26 من كانون الأول لعام 1968، بقرار من المجلس الوطني الفلسطيني في دورته السادسة المنعقدة في القاهرة، وكانت الجمعية الذراع الصحي لمنظمة التحرير الفلسطينية، وأخذت على عاتقها مسؤولية العمل جنبا إلى جنب مع المقاتلين، وتضميد جراحهم وإسعافهم أينما تواجدوا.
وأوضح العباسي أن لدى الجمعية 4 مستشفيات في الضفة الغربية، وما يزيد عن 30 مركزا طبيا، ومستشفيان في غزة وعدد من المراكز والخدمات، و5 مستشفيات في لبنان، و8 مراكز طبية، معظمها في المخيمات، وتقدم خدماتها للاجئين الفلسطينيين، ومستشفى في سوريا.
وأضاف أن "طواقم الاسعاف تقدم خدماتها على مدار 24 ساعة في الوطن، ولدينا اسطول من سيارات الإسعاف وجيش من المسعفين المتواجدين في كل وقت لتقديم المساعدة للناس. إضافة إلى أن لدينا وحدة لإدارة الكوارث تقدم خدماتها في أوقات الطوارئ والحالات الصعبة.
وتابع أن "منحى العمل للهلال، ارتقى لمستوى تجاوز حدود الخدمات الصحية والطبية الى مستوى خدمات اجتماعية متنوعة، ومنها العمل مع معاقين ومتطوعين. حيث وضعنا هذا العام حجر الأساس لمدرسة الصم في حي الطيرة برام الله".
وقال العباسي إن الاعتداءات الإسرائيلية على طواقم المسعفين لم تتوقف أبدًا، وتتنوع من استهداف لطواقم الإسعاف، وقصف المقرات، وحجز المسعفين، وعرقلة عملهم، واستهداف السيارات كما جرى في جنين خلال الانتفاضة الثانية، حيث تعرضت سيارة اسعاف لقصف بصاروخ. وسقط 22 شهيدا من أطباء، ومسعفين، وضباط، وجرح الآلاف منهم، جراء الانتهاكات الاسرائيلية بحقهم".
وقدمت الطواقم الطبية التابعة للجمعية خدماتها منذ بداية العام الحالي ولغاية نهاية الشهر الماضي لـ5511 إصابة في الضفة الغربية، و13972 إصابة في غزة. وخلال الفترة من 4- 16 من الشهر الحالي، تعاملت الطواقم مع 451 إصابة في الضفة وغزة.
وقال إن بعض القرى لا تستطيع السيارات وصولها، أو تحتاج لوقت أكبر للوصول، وفي هذا السياق قمنا بتدريب مئات الشبان المتطوعين على الاسعافات الأولية، وتم تزويدهم بحقائب كبيرة فيها جميع الأجهزة الضرورية.
وبين أن الجمعية تمكنت من بناء مجموعة من الأبنية الخاصة بفروعنا، ومنها تطوير مستشفى في الخليل متخصص في التعامل مع الأطفال حديثي الولادة، كما يتم تطوير وترميم الأبنية القديمة بهدف استخدامها لأقسام متعددة. واستطعنا تطوير وحدات ومراكز علاج يومية في المناطق التي تشهد اعتداءات جنود الاحتلال، وإغلاق الطرق، إضافة الى أن الجمعية ارتقت بمستوى الخدمات بمستشفى القدس في غزة وبدأ أطباؤنا خلال الشهرين الماضيين بإجراء عمليات قلب مفتوح، وهذا يعد نقلة نوعية.