ابتسام سليمان.. عين فلسطين الكاملة
يامن نوباني
واحدة من القلائل الذين أخذوا على عاتقهم تصوير كامل فلسطين ما استطاعوا، تلازمها الكاميرا أينما حلت، فهي لا تعرف متى تصادفها لقطة رائعة، بيت قديم مهجور، طريق ترابية، ربيع البلاد وزهورها، تلال وسلاسل حجرية وينابيع مياه، طيور وأشجار، عجائز ونباتات وغروب، زيتون وزعتر، حنون وحمام، أطفال وأزقة. كل ما تتمنى مشاهدته في فلسطين، تلتقطه لك ابتسام يعقوب سليمان.
ولدت سليمان، عام 1963 في بلدة بيرزيت شمال رام الله، وتخرجت من جامعتها (تخصص دراسات شرق أوسطية فرعي تاريخ) أواخر الثمانينات، وتعمل حاليا مدرسة جغرافيا وتاريخ للمرحلة الثانوية بمدرسة الكاثوليك في رام الله.
تمارس سليمان، هواية التصوير منذ أواخر السبعينيات، حين كانت طالبة مدرسية تقتني كاميرا من مصروفها الشخصي، وتلتقط صورا لصديقاتها أثناء الرحل المدرسية.
تنشر سليمان ما تلتقطه من صور، على صفحتها الشخصية على "فيسبوك"، وعلى صفحتها العامة "فلسطين بعيون فلسطينية" حيث يجد الزائر كل ما تشتهيه عينه من مناظر طبيعية خلابة سلبها الاحتلال منذ سبعين عاما، ومشاهد أخرى لسليمان أثناء تجوالها في مدن الضفة الغربية.
سليمان قالت لـ"وفا": كانت أولى كاميراتي من النوع القديم الذي يتم فيه تحميض الصور، وبعدها امتلكت كاميرا كانون 650d وكاميرا نيكون 53006، وحاليا كانون 7D مارك 2.
وتضيف: أتنقل بكاميراتي في كل مكان استطيع الوصول اليه في فلسطين التاريخية، كما أنني منسقة المسارات لفريق "امشي وأتعرف على بلدك"، كما أقوم بجولات بأراضي العام 48، فقبل شهر كنا أول مجموعة عربية تصل "وادي ابريق" في النقب الشمالي.
وحول أشد ما يلفت انتباه عينها وعدستها، تقول: أعشق تصوير ختايرة فلسطين، ألاحقهم من قرية لقرية، وهم يرتدون الثوب الفلسطيني بالحطة والعقال، كما أعشق تصوير "الطوابين" قبل أن تندثر تماما.
لم يكن لسليمان معلم في التصوير، تعلمت المهنة بنفسها، شجعها الأقارب، ومنهم ابنة عمتها سامية التي أهدتها كاميرا "كانون"، كما شجعتها صديقاتها من حيفا، وطلبن منها تنظيم مسارات لهن في الضفة.
وحول معارضها قالت سليمان: عملت معرضا في عكا، حول طفلة فلسطينية من الغور، والتقطت مجموعة صور توثق معاناة أهلنا بالأغوار وملاحقة الاحتلال لهم وإبعادهم عن أرضهم وعيون المياه.
وفي دار زهران برام الله أقمت معرضا عن الزيتون وتمسك الفلاح الفلسطيني، وفي متحف درويش معرض "شموخ" وضم 25 لوحة، وفي معرض الكتاب 2016 معرضا تحت عنوان "وجوه تروي النكبة" وضم 32 لوحة لوجوه كبار في السن، تحمل في طياتها تجاعيد حكاية فلسطين وتروي القصة كاملة.
وتضيف سليمان: خلال تتبعي بالصدفة لمواقع اخبارية وترفيهية تنشر صوري، تابعت العديد من التعليقات التي شككت بطريقة ايجابية، بعضها قال: "وال معقول كل هالجمال في فلسطين". ربما لأن الكثيرين في الخارج لا يعرفون أن بلادنا فيها تنوع مناخي وحيوي أكثر من دول مساحتها ضخمة وتعادل أضعاف مساحة فلسطين، التي لا أسميها إلا "الجنة".
كنت من أوائل الذين وصلوا عرب الرشايدة، وشاهدت كمية الوعول في المنطقة، وكان مشهدا مذهلا في حياتي، تقول سليمان.
وعن تجوالها في الارض، قالت: وصلت البلاد من شمالها لجنوبها ومن شرقها لغربها، وكل مكان أسمع أنه يستحق الزيارة لا أتردد في الوصول إليه، ولدي الجمعة القادمة زيارة لقرية بيت جبرين المنكوبة عام 1948، الجولات أعادت العلاقة بيني وبين الأرض، أستكشف كل ما على سطحها من أنواع النباتات والصخور والأماكن التاريخية والمباني القديمة، اتأمل تفاصيلها وأقول لنفسي: كم الانسان الفلسطيني عظيم، من بيئته استطاع تأمين حاجياته، ومن هذه المناطير والقصور الزراعية عرفت كيف كان خلال أشهر قليلة من السنة يقوم بجني محصوله وتخزين مونته للسنة بأكملها. وعرفت أيضا أن معرفة الأرض من خلال الجولات أجمل من معرفتها النظرية، وهو ما يتطلب منا القيام بجهد شخصي وعدم الاكتفاء بالتعليم المدرسي.
عدد كبير من الفنانين التشكيليين، رسموا واستلهموا لوحاتهم من لقطات سليمان، ومنهم: رائد القطناني، الذي احتوى معرضه الأول صورا في معظمها من تصويرها، والفنان مأمون الشايب، والفنانة سامية جابر.
صور سليمان، طبعت في كتاب سياحي عن منطقة دير غسانة شمال غرب رام الله، وجرى تكريمها من قبل جمعية الحياة البرية لدورها الفعال في تنسيق المسارات البيئية في فلسطين.
تحتفظ سليمان، ببعض الكاميرات القديمة، نادمة على تفريطها ببعضها، وتقوم كل يوم اثنين بالشرح لطلبتها عن مسار الجمعة الفائتة، والذين بدورهم ينصتون متتبعين جمالية سرد سليمان عن الأماكن الطبيعية والتاريخية والأثرية التي قامت بزيارتها.