"BDS".. نجاحات متتالية ومحاولات إسرائيلية يائسة لوقفها
رام الله- إيهاب الريماوي
في إطار حربها على حركة مقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات منها (BDS)، رصدت سلطات الاحتلال الاسرائيلي الخميس المنصرم، ثلاثة ملايين شيقل لتشكيل "شبكة محامين دوليين"، وتمويل منظمات قانونية في أنحاء العالم، لمحاربة الحركة.
خطوة تؤكد أن إسرائيل مذعورة وتحاول بشتى الطرق قضائياً واستخباراتياً ودعائياً وسياسياً القضاء على الحركة أو إيقاف نموها، قال عمر البرغوثي أحد مؤسسي (BDS).
وأعتبر أن هذه المحاولة واحدة من محاولات يائسة عديدة، قامت بها سلطات الاحتلال، بالشراكة مع اللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة وأوروبا، لمواجهة نمو حركة المقاطعة في الأوساط الفنية والأكاديمية ونقابات العمال والكنائس، في ظل تنامي تأثيرها على دولة الاحتلال.
إسرائيل تعتبر حركة المقاطعة خطرا استراتيجيا:
منذ انتخاب أقصى اليمين الاسرائيلي المتطرف عام 2015، فإن حكومة الاحتلال تحارب حركة المقاطعة (BDS)، كـ"خطر استراتيجي من الطراز الأول" ضد نظامها الاستعماري والعنصري.
وزير الشؤون الاستراتيجية غلعاد أردان، قال: "إسرائيل ستنتقل الآن من مرحلة الدفاع إلى مرحلة الهجوم في محاربتها لحركة المقاطعة".
وأوضح البرغوثي أن حكومة الاحتلال تتوهم بأنّها تدفع حركة (BDS) إلى زاوية الدفاع عن نفسها، لتبرر الميزانيات والموارد الهائلة التي ترصدها لمحاربتها، لكن ما يحدث على الأرض، عكس ذلك تماما، فالحركة تستمر في النمو بشكل مطرد، وتحقق نتائج واعدة في شتى المجالات، فآلاف الفنانين باتوا يرفضون تقديم عروض في تل أبيب، وعدد كبير من الكنائس الكبيرة باتت تسحب استثماراتها من الاحتلال، وشركات كبرى بدأت في الانسحاب من الاقتصاد الإسرائيلي، بفعل حملات المقاطعة المتصاعدة ضدها لتورطها في الاحتلال والأبارتهايد.
وقال إن فشل دولة الاحتلال الإسرائيلي في إبطاء نمو حركة المقاطعة (BDS)، دفعها لشنّ حرب نفسية بائسة، إلى جانب حربها القانونية والاستخباراتية على الحركة.
محاربة الـBDS أتت بنتائج عكسية:
بدأت إسرائيل محاربة الحركة بشكل يائس وخطير في "الحلبة القانونية"، إلّا أنّها أتت بنتائج عكسية، فبدلاً من عرقلة الدعم لحركة المقاطعة، تسببت بتعريف شريحة أكبر من الجمهور بالحركة، اعترفت منظمات دولية وشعبية ومجالس محلية وأحزاب سياسية، أنّ الحرب الإسرائيلية ضد حركة المقاطعة تشكل خطراً كبيراً على الحريات المدنية الأساسية في بلدان العالم، وبالذات حرية الرأي والتعبير، قال البرغوثي.
وأضاف: "إسرائيل بدأت تخسر التيار الليبرالي العام في الغرب بسبب لجوئها لأدوات قمعيّة في محاربة ناشطي المقاطعة وفي فرض قوانين تقمع حرية التعبير، بالنتيجة، فالاتحاد الأوروبي مثلا، دافع عن الحق في مقاطعة إسرائيل كحق مكفول ضمن حرية التعبير، كذلك فعلت حكومات السويد وإيرلندا وهولندا وبرلماني إسبانيا وسويسرا، ومنظمات حقوق الإنسان العالمية".
كيف ستواجه حركة المقاطعة القرار؟
وحول كيفية مواجهة القرار الإسرائيلي الأخير، أكد البرغوثي أن استراتيجية حركة المقاطعة قائمة على الهجوم، لذا ستصعد انشطتها وفعالياتها فنياً واقتصادياً وأكاديمياً ورياضياً، في مختلف دول العالم، لزيادة عزل نظام الابارتهايد والاستعمار الإسرائيلي والمؤسسات والشركات المتورطة في جرائمه بحق شعبنا، وفي الوقت ذاته ستسعى لتطوير أدواتها للدفاع القانوني عن ناشطيها وشبكاتها العالمية.
وكشف أن الحركة تعمل مع شركاء في بلدان عدة، لفضح مخالفة إسرائيل قوانين هذه الدول من خلال تجسسها على مواطنيها الداعمين لحركة المقاطعة وملاحقتهم قانونياً.
ورأى البرغوثي أن تعدد وتشتت الأجسام والجهات الإسرائيلية والصهيونية المكلّفة بمحاربة حركة المقاطعة (BDS) والمبالغ الباهظة المرصودة لهذه الحرب واستخدام اجهزة الاستخبارات الإسرائيلية للنيل منها، يدل على درجة اليأس التي وصل لها النظام الإسرائيلي المتجه نحو الفاشية في محاولاته للتصدي لنمو المقاطعة.
وأكد أن BDS حققت اجماعا وطنيّا فلسطينيٍّا غير مسبوقٍ في دعم الحركة، وتنسيق الجهود المحلية والعربية والدولية في حملات إستراتيجية بهدف عزل إسرائيل على كافة الصعد.
وشدد على أن هذه المحاولات وغيرها لن تزيد حركة المقاطعة ونشطائها، إلّا إصراراً على المضي قدماً نحو بناء المزيد من الحملات الاستراتيجية وتحقيق المزيد من النجاحات.
مواجهة القرار الاسرائيلي تكمن بزيادة الفعاليات وتركيزها في المؤسسات التعليمية:
قال الخبير القانوني حنا عيسى، إن مواجهة الاجراءات الاسرائيلية، تكمن بزيادة الأنشطة والفعاليات وتركيزها في المؤسسات التعليمية والفاعلة في كل البلدان من أجل مقاطعة إسرائيل.
وأضاف: يجب توجيه الدعوات وتركيزها على الجامعات خاصة في أميركا، من اجل مقاطعة الجامعات الاسرائيلية، وأن يتم ذلك من خلال الجامعات نفسها.
وأشار إلى أنه ظهر مؤخراً ما يشبه "القانون" في عدد من الولايات الاميركية يجبر المواطنين على عدم مقاطعة إسرائيل، كما حصل مع معلمة اشترط عليها التوقيع على بند ينص على عدم مقاطعة إسرائيل.
واكد ضرورة الاستمرار في حث المؤسسات خاصة التعليمية في العالم لتسخير إمكانياتها لصالح القضية الفلسطينية، وفضح الانتهاكات الإسرائيلية بحق أبناء الشعب الفلسطيني الأعزل، وعدم استجابة اسرائيل السلطة القائمة بالاحتلال لقرارات الشرعية الدولية.
سحب الاستثمارات الأجنبية من المستوطنات سيكلف اسرائيل نحو 7 مليار دولار سنوياً:
الخبير في الشؤون الاقتصادية نصر عطياني، قال: إن سحب الاستثمارات الأجنبية من المستوطنات سيكلف الاقتصاد الاسرائيلي ما لا يقل عن 6-7 مليار دولار سنوياً.
وأشار إلى أن هذا الرقم مرشح للارتفاع لأن حكومة الاحتلال ملزمة بتعويض هذه الخسائر بمبالغ مماثلة للإبقاء على كينونة المستوطنات، وبالتالي فإن الخسارة تصبح تراكمية.
وأضاف أن استمرار سحب الاستثمارات الاجنبية من المستوطنات، سيشكل فرصة للاقتصاد الفلسطيني لإثبات وجوده وقوته وزيادة صادراته للأسواق الخارجية، وتعزيز المنتج الفلسطيني سواءً في الاسواق المحلية أو الخارجية.
وأكد الخبير الاقتصادي عطياني، أن سحب الاستثمارات الاجنبية، سيؤثر سلباً على مكانة الاقتصاد الاسرائيلي داخلياً، حيث سيكون هناك نزوح وعزوف من المستوطنين للسكن في المستوطنات بسبب سحب الاستثمارات منها.
تأسست حركة المقاطعة عام 2005، وحددت في ندائها التأسيسي الذي وقع عليه وقتها ما يزيد على 170 جمعية واتحاداً ونقابة وحزباً وغيرها من الأطر التي تنضوي تحت مسميات أخرى للعمل المدني، أساليب متعددة لمقاطعة إسرائيل، وتبنى نداء المقاطعة استراتيجية الضغط لعزل إسرائيل أكاديمياً وثقافياً واقتصادياً وعسكرياً، وذلك بهدف إلزامها بالامتثال للقانون الدولي من خلال إنهاء احتلالها للأراضي العربية وتفكيك الجدار، وإنهاء نظام الفصل العنصري الممارس بشكل خاص ضد المواطنين العرب الفلسطينيين، وعودة اللاجئين إلى ديارهم الأصلية وأراضيهم.