القدس ليست للبيع .. لو وضعوا الشمس في يمينك!!
بقلم: سلطان الحطاب
كيف لا يطلقون عليك أدواتهم ما ظهر منها وما بطن.. من زايد منها ومن ناقص .. وأنت تقول "إننا لن نسمح لأحد أن يفعل ذلك .. ستبقى القدس العاصمة الأبدية لفلسطين.. لن نقبل أبدا ولن نسمح لأحد، ولن يسمح أهلنا وشعبنا وكل العالم وكل أحراره، أن يبيعوا القدس، وأن يبيع ترامب القدس لإسرائيل وهذا لن يحدث".
نعم قلتها، وما زلت تقولها .. قلتها من تلفزيون فلسطين الذي هشموا مقتنياته في غزة وقد حركوا عليك قوى الاحتياط المزايدة .. جاء الرد هذه المرة من غزة … من البنادق المحسوبة ظلما على فلسطين..
لله درّهم لا يدركون حجم الضغط عليك وحجم الحصار على شعبك، وحجم الألم وأن تقبض على جمر القدس.. تقولها لترامب الذي يخاف البعض من صورته ويحسبون حساب أي تلويحة من يده.
وكما قال الرسول (ص): "والله لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في يساري على أن أفعل ذلك ما فعلت"، أليس ذلك من قبيل نفس العمل؟.. إنها القدس التي "دونها خرط القتاد" والتي ما فرط بها أحد إلا لعنه التاريخ إلى يوم الدين.
لماذا كلما أمعن الرئيس أبو مازن في تصليب موقف شعبه وهو يمثله وكلما استكمل دوائر القرار الفلسطيني بتشكيل المجلس الوطني واللجنة التنفيذية والمجلس المركزي وسار باتجاه الدعوة لانتخابات تشريعية للمجلس التشريعي ليجدد شرعية القرار كلما خرجوا إليه بشعارات ظاهرها حق وباطنها باطل وصرخوا "لا انعقاد تحت حراب الاحتلال"، "لا انتخابات ولا تمثيل".. يريدون شعبنا عاريا عن التمثيل.. سائرا في مهب الريح، قابلا لتصدير قراره وأن يمثله من يريدون من قوى محلية أو اقليمية عابرة للحدود..
لماذا يهربون من المصالحة ويضعون كل العصي في دولابها؟.. لماذا يستثمرون وقتا لصالح الانقسام ولمزيد من الوقت لتأبيده؟.
على ماذا يراهنون وشعبنا ما زال تحت الاحتلال ويزيدون عليه الحصار في غزة ويعدونه بنصر لم يعدوا له سوى الخطابة..
أي تفكير عدمي وحاقد هذا وهم يمنعون الشعب من الاحتفال بانطلاقته ويسدلون الستار على ذكر رموز الثورة من ابو عمار إلى ابو جهاد إلى ابو إياد وهم يعلمون أن البذرة زرعت في غزة وأن فتح أهدت غزة الانطلاقة!!. كيف يمنعون أهل الدار من الاحتفال بمولودهم ورمز هويتهم “فتح".
ويأتي صوتك في ذكرى الانطلاقة يخترق الحصار والاحتلال ويتجاوز أسماع الكثيرين ممن ظلوا يدعوا عروبة فلسطين واعتبارها القضية المركزية.. ولمن راحوا يبحثون عن بدائل ويزرعون نباتات شيطانية لتكون قيادة بديلة بدل اسناد الحق الفلسطيني والاصرار على تحقيقه من خلال قيادتكم الوريث الشرعي لكفاح شعبنا ونضاله وتضحياته وسجل شهدائه.
نعم يا سيادة الرئيس وأن تلوح بيديك في العام الرابع والخمسين لانطلاقة فتح المباركة شاهد عليها، ومؤسس فيها مع الرفاق المؤسسين كتفا إلى كتف وخطوة إلى جوار خطوة.. كيف تأخذهم العزة بالإثم فيدعون أنهم البديل ويتوهمون أنهم الخيار حين يعتدون على حفل الانطلاقة في غزة.. وحين يهشمون بكعوب البنادق والهراوات معدات تلفزيون فلسطين الناطق باسم شعبنا والمجسد لصوت شرعيته والمعظم لرموزه والشهداء ومن واصلوا حمل الراية لتجسيد الدولة.
ففي الوقت الذي على حماس وغيرها ممن هو محسوب على العمل الوطني الفلسطيني أن تدعم الموقف الصلب للرئيس عباس والذي يناهض فيه الضغوط الاميركية والاسرائيلية تتحول بعض هذه الجهات إلى قوى ضاغطة عليه تخدم بصورة مباشرة وغير مباشرة المواقف والتوجهات الاسرائيلية والاميركية وتضيف إلى ضغطها ضغطا .
إنها انطلاقة "فتح" انطلاقة الشعب الفلسطيني، حركة تحريره الوطني .. بزغت حين كان الظلام شاملا عاما وحين كانت جولدامئير ما زالت تتساءل أين هو الشعب الفلسطيني. وقد أرعبها صراخ طفل من أطفاله.. وحين كان بعض النظام العربي يحمي ويحرس المشروع الانتدابي والصهيوني، ويؤثث لإسرائيل دولتها بطرد اليهود العرب من مصر والعراق والمغرب وغيرها ليغادروا إلى فلسطين في حين كانت الصهيونية والغرب المؤيد لها يؤثث بالمال والسلاح .. وإلا كيف قامت اسرائيل ومن المشارك في بنائها والساكت على تطورها وتوسعها واحتلالاتها..
ما زال الرئيس عباس صامدا وما زال يقارع وما زال يحمل راية فلسطين في المحافل الدولية التي تستقبل خطابه وتؤيد مواقفه التي تتسع وتثمر وما زال على مرمى حجر من توليد الدولة الفلسطينية الكاملة المستقلة والانتقال بها من المراقب إلى الكامل ومن المشروع إلى التجسيد. الهجوم الفلسطيني باتجاه المحافل الدولية من دول وبرلمانات وأحزاب ومنظمات نجح وها هي إسرائيل تظهر مشوهة ومدانة ويشير العالم إليها بأصابع العنصرية والعدوان، وها هو نموذج جنوب إفريقيا العنصري الزائل يعود ليظهر على الشكل الإسرائيلي، وهذا ما يفقد القيادة اليمينية الإسرائيلية أكثر من كل الصواريخ التي تطلق عليها فتؤكد لها روايتها ولا تصيب أهدافا إسرائيلية بل فلسطينية حين تجعل العالم أكثر دعما لإسرائيل واعتقادا أنها مستهدفة!!
ان صمود الشعب الفلسطيني على أرضه هو مقاومة.. وأن استمرار الإمساك بالرواية الفلسطينية هي مقاومة.. وان رفض تهويد القدس وأسرلتها ورفض التسليم بالصفقات المتعلقة بها هو مقاومة.. وان استكمال بناء المؤسسات الفلسطينية السيادية والتمثيلية هو مقاومة.. وان تجديد الشرعية هو مقاومة وان الحفاظ على الراية وتخليد الانطلاقة وتمجيدها هو مقاومة .. وان حماية الشعب من الاقتلاع والتبديد والقتل هي مقاومة .. وان استمرار شعبنا يبني ويتعلم ويتعالج ويعيش هو مقاومة.
المقاومة لا تعني الذهاب إلى الموت بل البحث عن الحياة، ولا تعني أن نقدم الأطفال الصغار دون العشرين للموت ونحتفي بموتهم في تضحية لا تضمن حمايتهم أو حصار ثمار استشهادهم، من المسؤول عن وضع غزة في هذا الحال باسم المقاومة؟ وهل الضفة الغربية التي ينتهك الاحتلال أرضها وبيوتها ومؤسساتها مستسلمة أم مقاومة، بكل صنوف المقاومة، التي تحفظ الصمود وتفقد ارهابيي الاحتلال ذرائعهم ومبرراتهم وهم الذين يواصلون البحث عن مبررات الابادة والقتل واحكام الحصار.
نعم قالها الرئيس إن "ما قامت به الإدارة الأميركية وإجراءاتها العقابية ضدنا لن يهزنا ولن يزيل أي حق لنا في القدس".
فماذا يريد المزايدون؟ ولماذا لا يصمتون ليسمعوا هذا الكلام ويدعموه ويعظموه ويلبوا نداء صاحبه، لا توجد اليوم مفاوضات يهاجمونها ولا مواقف متخاذلة يختبئون ورائها ما يوجد اليوم هو الصمود والاصرار على حق شعبنا في الحرية والاستقلال والدولة والقدس فلماذا لا يقفون مع هذا إلا إذا كان وجودهم وهدف وجودهم في الاصل هو طعن وتفويض هذه الأهداف الوطنية ومحاولة العمل على سحب الشرعية وطعنها والالتفاف عليها والاستقواء بانظمة في الاقليم أو حتى بدوائر غربية اسرائيلية تلوح للمزايدين بفتات الدولة المتوقعة أو فتح نافذة للقبول الأميركي فيزداد النباح ويعتقد العطشان الذي يرى السراب انه ماء.
إن كانت حماس تعتقد أنها بما تعمله ضد مواقف القيادة الفلسطينية وصمود الشعب الفلسطيني في الضفة الفلسطينية المحتلة يقربها من الحضن الأميركي ويفتح لها باب الفردوس فهي واهمة لان الهدف من مغازلتها هو أن تطعن التمثيل الفلسطيني الذي يؤرق اسرائيل في المحافل الدولية وان تنال من حركة تحرر الشعب الفلسطيني وصلابة قيادته تدرك حماس أنها لن تدخل جنة الاعتراف الأميركي بهذا الأسلوب لان الصهيونية وممثلها إسرائيل ما زالت غير ناضجة للسلام وما زالت لا تؤمن به ولا مع أي جهة فلسطينية حتى لو انتخب الفلسطينيون لهم قيادة من الإسرائيليين أنفسهم, ولذا فإن السلام ما زال بعيدا والمقاومة هي في كيف نحافظ على شعبنا وان ندخر امكانياته للوقت المعني وكيف نكسب العالم ونستميله وندين الموقف الإسرائيلي بمساعدة العالم ليكرر النموذج الجنوب الافريقي فيلفظ العالم العنصرية ونظام الابارتايد..
الطريق أمام القيادة الفلسطينية واضح وهي تقول "باتقاء شر المحسوبين عليها اما شر أعدائها فهي تعرف كيف ترد عليه وتصده وها هو العالم يتفهم الخطاب الفلسطيني ويسقط عن الجسم الإسرائيلي ورقة التوت ليبدو عارياً في مظهر العنصرية والعدوانية".
لن يحرر العالم فلسطين لأهلها ولكنه يجعل كلفة حريتهم اقل حين يتفهمهم ويسندهم ويعتقد بحقهم ويأخذ برؤيتهم وحين لا يعمل الشعب الفلسطيني وقيادته بهذا فإن الكلفة تزداد ويباع الخطاب الفلسطيني على انه خطاب الإرهاب والعنف ومعاداة الديمقراطية .
لا مسافة سياسة بين موقف فتح وموقف حماس من حيث الموقف السياسي الدولي في قبول الطرفين لدولة فلسطينية في حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية فلماذا المزايدة على مواقف الرئيس محمود عباس الذي يملك خطاباً سياسياً دولياً مقبولاً والذي يجعل الحال في الضفة الغربية افصل منها في غزة والذي ولا يفرط بموقف ويدين ترمب ومواقفه ويرفض المواقف الإسرائيلية وما يتفرغ من أساليب وطروحات.
دعوا الرئيس ابو مازن يعمل، دعوه يبني المؤسسات القانونية والتشريعية والسيادية ويحتكم إليها دعوه يبني دولة المؤسسات والقانون ويلجا إليها بدل السلاح الذي انجزتم به انقلابكم وأحدثتم الانقسام المفجع في الجسد الفلسطيني ولم تقتربوا من التحرير بل ابتعدتم..
من المؤسف أن حماس لا تملك خطابا سياسيا يمكن للعالم أن يقرأه ولا تملك خطابا قابلا للإعراب لا مع العدو ولا مع الصديق وهي تارة مع ايران وأخرى ضدها وتارة مع سوريا الرسمية وأخرى ضدها ومع الشعب السوري، وتارة هنا وتارة هناك، وتارة مع المصالحة ومعظم الجهد لتكريس الانقسام، وتارة مع التيارات الوطنية وفي التطبيق مع منع الفصيل الأكبر في غزة من الاحتفال بالانطلاقة.
ماذا تريد حماس بالضبط؟ وهي تدمر مكونات التلفزيون الفلسطيني في غزة.. ماذا تريد وهي تمنع تأهيل حكومة الوحدة الوطنية من بسط دورها كما أمرت نتائج وقرارات المصالحة؟
لماذا كل هذا التخبط؟ ألم نتعلم من الدرس الفلسطيني الصائب من النأي بالنفس عن صراعات الإقليم والتحالفات المشروطة مع أطرافه لنلتفت إلى تعظيم القرار الفلسطيني المستقل الذي ما زالت السلطة تعبر عنه حين يقرأ المكتوب من عنوانه، بالقول: "لا لسياسات ترمب التصفوية للقضية وخاصة في القدس".
أيها الفلسطينيون حان الوقت لتميزوا بين من يصون قدرتكم على المقاومة والبقاء وبين من يريد تبديدها بلا مقابل.