مسيرة صحفي/ة.. مع صالح مشارقة
يامن نوباني
"أحب القادمين إلى هذه المهنة وأحزن على مستقبلهم المليء بالتحديات"، هذا ما قاله أستاذ الاعلام في جامعة بيرزيت، المحرر في جريدة الحياة الجديدة صالح مشارقة في حديث خاص لـ"وفا" عن بداية مشواره الصحفي، والمراحل التي خاضها.
مشارقة المولود في 16 نيسان من العام 1971 بدأ حياته المهنية بطريقة غير تقليلدية، وأخذه التجريب طويلا، وامتزجت كتابته الأدبية بالعمل الصحفي.
لماذا اتجهت –اخترت- الصحافة مهنة حياتك؟
في المدرسة الأساسية حيث درست في قريتي البرج بين بئر السبع وريف الخليل الغربي، كنت اقوم احيانا بدور المذيع الصباحي، وكان الأساتذة يثبتون "ميكروفنا" على كرسي نضعه فوق طاولة كي يصير اذاعة صباحية، وكنت شغوفا بالقاء الكلمات الصباحية وهذا خلق لدي حلم المذيع.
ولدت احلامي بالصحافة في اطار ساذج، ولكن في الثانوية العامة صار لدي افكار من كتب الاخوان المسلمين، ولاحقا من كتاب العلمانيين في فتح، واليسار الفلسطيني، وتأطر حلمي، وصارت الصحافة خياري للدراسة بعد الثانوية العامة.
قرأت لماجد ابو شرار وصلاح خلف وكنت مولعا باليسار الفكري في منظمة التحرير وغلفت حلم المذيع المدرسي بأفكار ليست لي وهكذا ... في الجامعة عرفت أن مسار حلمي كان مختلطا بالثقافة وهذه الأخيرة لا يدرسونها في الجامعات ومن هنا انطلقت في رحلة معرفة أخرى خارج الجامعة اسمها الثقافة، وأصبحت مزيجا مائعا بين الصحفي والكاتب.
كيف بدأت حياتك الصحفية، وما هي المراحل التي مرت بها، حتى اليوم؟
تعلمت الصحافة في الاتحاد السوفييتي وعدت إلى البلد عام 1995، ولم أقبل في الوظائف بسبب الصورة النمطية والدعايات الغربية عن الاتحاد السوفييتي بأنه فارغ علميا، لكنني حولت هذا الاتهام الى شهادات من كل من عمل معي وكل من منحني فرصة عمل وسجلت مجموعة من الكتابات الاولية في مجلة الميلاد التي ترأس تحريرها الكاتب د. سمير شحادة. وكانت بداياتي في التحقيق الصحفي والتقارير الاخبارية الشهرية المعمقة.
كتبت القصة القصيرة ونشرت في أكثر من جريدة محلية وحزت على تشجيع الكتاب الكابر وتم استكتابي في أكثر من وسيلة إعلام في ملفات الثقافة. لكن حلم الكاتب والروائي مات فيّ بسبب عملي الصحفي.
عام 99-2000 عملت في أول موقع اخباري الكتروني مع د. عزمي بشارة ومحمد مشارقة وخضت التحرير الالكتروني قبل ظهور شبكات السوشال ميديا.
عام 2001 ومع بداية الانتفاضة الثانية دخلت دسك تحرير الحياة الجديدة في الشفت المسائي وما زلت على رأس عملي.
عام 2011 حصلت على الماجستير في الاعلام والجندر من جامعة بيرزيت وصرت أدرب في التحشيد والمناصرة والصحافة من منظور النسوية.
عام 2010 شاركت في اعادة تأسيس نقابة الصحفيين وكنت أمين السر ونفذنا نصف دورة انتخابية، بنينا سجلا جديدا للأعضاء وأسسنا موقعا الكترونيا وصار لدينا مقر جديد واعتذرت عن الترشح في الدورة اللاحقة بسبب انشغالي الاكاديمي.
عام 2014 بدأت أدرس الاعلام في جامعة بيرزيت بشكل جزئي وصرت منسقا لوحدة الأبحاث والسياسات في مركز تطوير الاعلام.
ما هي المواضيع التي تحب الكتابة بها؟ ولماذا؟
بدأت مهنتي بالتحقيق وهذا بدء غريب عجيب، بدأت بأعمق انواع الفنون الصحفية وكنت وزملائي نقضي أسابيع طويلة لكتابة تحقيقاتنا، لاحقا كتب القصة القصيرة الأدبية، وبعد ذلك نشرت تقارير إخبارية، وبعد أن تجاوزت الأربعين من عمري كتبت المقالة وكثيرين نصحوني بالمكوث في هذا الفن الصحفي.
موضوع –أو أكثر- فشلت أو أبدعت في كتابته، أو تتمنى كتابته؟
فشلت في بناء شخصيتي البحثية على أساس متين ومتدرج علميا، تلهيت كثيرا في الأدب والثقافة والعمل النقابي والسياسي، وندمت كثيرا عندما عدت للأبحاث والاكاديميا واكتشفت أنني ضيعت سنوات طويلة في المراسلة والتحرير والادب غير ملتزم بمشروع جماعي أو مشروع شخصي، أخذني التجريب طويلا.
أعيش حياة مهنية صحفية وأدبية تجريبية لا ثابت فيها، كل عامين أتحول من مسار إلى آخر. ولا أعرف أين سأصل.
ماذا قدمت لك الصحافة؟ وماذا قدمت لها؟
ماذا قدمت الكتابة لي... أحب أن أجيب على هذا السؤال... الكتابة هي أطيب وأطهر وأعمق وأصدق ما في شخصيتي، والكتابة أقصد بها هنا مزيج سحري من الصحافة والادب نما فيّ مع السنوات، وصارت في دمي.
الكتابة جرت علي انسداد طفيف في شرايين قلبي من شدة الحب والاندماج في ملاحقة المعاني والصور والافكار والكتابة العنيدة والصادقة وغير المباعة، وهي المسار الوحيد في مهنتي الصحفية التي افتخر بها.
هل تنصح أحداً بامتهان الصحافة؟ اذا نعم أو لا فلماذا؟
لا أعرف.. هذا سؤال شخصي على كل راغب في هذه المهنة أن يتحمل المسؤولية عن اجابته، فإن رضي بها يدفع الأثمان المطلوبة ويجني ما يريد... هذا السؤال محرج جدا ولا أحب أن أجيب عليه لأن الإجابة في كلا الحالتين لن تحيط بتبعات العمل صحفيا في بلد محتل.