الى متى ولصالح من..؟
كتب: رئيس تحرير صحيفة "الحياة الجديدة"
لا ندري كيف ما زال البعض في الساحة الوطنية لا يرى، وربما لا يريد ان يرى، ان الانقلاب الحمساوي العنيف على الشرعية عام 2007 هو انقلاب لضرب المشروع الوطني الفلسطيني التحرري، لصالح المشروع اللاوطني، مشروع الامارة الاخواني، وأن الانقسام البغيض هو نتاج لهذا الانقلاب، وليس نتاج خلاف مع حركة فتح.
ولأن فتح قائدة المشروع الوطني وحاميته، فإنها لم تكن لتسمح ولن تسمح بتمكن المشروع الاخواني، الذي بات واضحا انه لا يرى من فلسطين سوى قطاع غزة، وان تفاهمات مع اسرائيل بوسعها ان تحيل القطاع المكلوم، الى قاعدة آمنة لجماعة الاخوان المسلمين إن كان تحت مسمى الامارة او أي مسمى آخر..!!
لهذا توظف حماس مسيرات العودة لصالح أمر واحد فقط، هو تفعيل "التفاهمات" مع اسرائيل على نحو يسمح بتعزيز القاعدة الآمنة لجماعتها الاخوانية، وقد رأى العالم بأسره كيف أثمرت التفاهمات تدفق المال السياسي الى غزة بمراقبة الشاباك الاسرائيلي ورعايته..!!!
وفي إطار التصدي للمشروع الاخواني، حرمت فتح الاقتتال الفلسطيني، وأعلنت أنها لن تذهب ابدا الى خيارات العنف لإسقاط الانقلاب ومشروعه اللاوطني، وخاضت طوال أحد عشر عاما حوارات مع حماس برعايات عربية، ومصرية على نحو خاص، من اجل تسوية وطنية تنهي الانقلاب بكل نتائجه، فأنجزت اتفاق 2011 واتفاقات عدة أخرى لتنفيذ هذا الاتفاق، وآخرها اتفاق 2017 الذي أنجز بالرعاية المصرية وصياغاتها، وطالما ظلت حماس ولا تزال هي من يتهرب من هذه الاتفاقات والتنصل منها، وغالبا على نحو عنيف، مثلما فعلت بتفجيرها لموكب رئيس الوزراء رامي الحمد الله ورئيس جهاز المخابرات العامة اللواء ماجد فرج.
ومنذ سنة الانقلاب الدموي، وحتى اللحظة لا تمارس حماس من سياسة سوى سياسة الانفصال، ومناهضة المشروع الوطني بمختلف الوسائل والخطب والتصريحات، وبالتعسف والقمع الذي منع إحياء ذكرى انطلاقة الثورة الفلسطينية المعاصرة باعتقال كوادر فتح في قطاع غزة وتدمير تلفزيون فلسطين حتى بات واضحا ان حماس ليست في وارد اية تسويات وطنية تنهي الانقلاب والانقسام وان كرسي الحكم في غزة يظل هو مرادها الذي لن تتنازل عنه لصالح أي هدف مهما كان وطنيا..!! ومع ذلك ثمة البعض في الساحة الوطنية لا يريد ان يرى ذلك وهو يردد لازمة بياناته الاستعراضية والشعبوية عن ضرورة إنهاء الانقسام بتسوية خلافات فتح وحماس، الخلافات التي لا واقع لها ولا حقيقة، سوى واقع وحقيقة التصدي الوطني لمشروع الامارة الاخواني، وليس في هذا التصدي تعبيرا عن خلافات، بل عن تحمل الحركة الوطنية لمسؤولياتها التاريخية في حماية المشروع الوطني التحرري، والمضي به قدما نحو تحقيق أهدافه العادلة كافة.
وحين تتحدث هذه اللازمة عن انهاء الانقسام، فإنها تتهرب من ضرورة إنهاء الانقلاب اولا الذي هو اس البلية وباعث امراضها الخبيثة.
لا يمكن انهاء الانقلاب دون اصطفاف وطني يجمع على رؤية موحدة، وموقف يكشف حقيقة خطر المشروع الاخواني على المشروع الوطني التحرري، موقف يسمي الأشياء بأسمائها من اجل التصدي لهذا الخطر، ولا يناور في سبيل علاقات انتهازية ومصالح حزبية ضيقة، وما من تراشق اعلامي مع مشروع جماعة الاخوان التدميري، وإنما هي الضرورة الوطنية، الاخلاقية والمعرفية، لتعرية اهداف هذا المشروع والتنبيه من مخاطره التصفوية.
ما يعزز الانقلاب الحمساوي هي المواقف التي لا تزال تغازل هذا الانقلاب بالجملة الشعبوية وتربت على اكتافه حين لا تجرؤ على ادانته ولا على ادانة بياناته وتصريحاته التحريضية ضد الرئيس ابو مازن، والمتماهية مع التحريض الاستيطاني الاسرائيلي..!! والتحريض على الرئيس ابو مازن هو تحريض على المشروع الوطني التحرري، وفي الواقع هي امام هذه البيانات والتصريحات كأنها بأذن من طين وأخرى من عجين، فإلى متى يستمر ذلك..؟؟؟ الى متى تظل الحقيقة وحدها الغائبة عن هذه المواقف ولصالح من..؟؟؟