في المغير.. يستشهدون بأرضهم ولا يتركونها
يامن نوباني
لأنهم يدركون جيدا قيمة الأرض لدى المزارع الفلسطيني، وأن شجرة الزيتون أحد أفراد عائلته، أطلق عدد من المستوطنين المجرمين (يُقدرون بـ18 مجرما) الرصاص على عدد من المزارعين في قرية المغير، شمال شرق رام الله، أثناء استصلاحهم لأراضيهم الزراعية.
جريمة المستوطنين، والتي اشترك فيها لاحقا جنود الاحتلال، أسفرت عن ارتقاء الشهيد حمدي النعسان (38 عاما)، وإصابة أكثر من 30 مواطنا، تسعة منهم بالرصاص الحي.
بدأت القصة، كما يرويها رئيس مجلس قروي المغير أمين ابو عليا بانتشار مجموعات من المستوطنين الحاقدين على مقربة من أراضي المواطنين المحاذية لمستوطنة "عادي عاد"، والقريبة من الشارع الاستيطاني الالتفافي المسمى بـ"ألون"، والذين بدأوا بعد ساعات ظهيرة أمس السبت، بمضايقة المزارعين والاعتداء عليهم، وعلى معداتهم الزراعية.
ويضيف أبو عليا: توجه المزارعون إلى نقطة مراقبة لجيش الاحتلال قريبة من المكان، وأبلغوهم بتعرضهم للاعتداء من قبل المستوطنين، لكن الجيش رد عليهم: اليوم السبت ونحن في إجازة، توجهوا للشرطة الإسرائيلية.
ويتابع: عاد الأهالي لأرضهم واستمر المستوطنون بمضايقتهم، حيث توجه عدد منهم صوب المنازل القريبة، وحاصروا أحدها تعود ملكيته لأحد أبناء حسين جبر أبو عليا، حيث لم يكن في المنزل سوى أم وأطفالها، فألقوا قنبلة غاز بداخله، ما تسبب في اختناق الأم وأطفالها والتسبب بالهلع الشديد.
بعد ذلك توجهوا لمنزل قريب، هو منزل موسى أبو عليا، وأطلقوا اتجاهه النار، في الوقت الذي كان فيه رجال البيت في أعمالهم، ما تسبب بحالة خوف كبيرة للمتواجدين بداخله، وهم 25 امرأة وطفلا.
ويبين: بعد الهجمة على المزارعين والبيوت القريبة، هب الأهالي لصد هجمة المستوطنين، وبدأ المستوطنون بإطلاق النار بشكل عشوائي ومباشر اتجاه الناس والبيوت، وتحت أعين جنود الاحتلال، الذين اشتركوا في الجريمة واصطفوا إلى جانب المستوطنين لتفريق المواطنين، فبدأت الاصابات تقع وتتوالى... واستشهد حمدي النعسان، بعد محاولته نقل جريح، وبقي ينزف لأكثر من نصف ساعة دون أن يتمكن أحد من الوصول إليه.
وحول ما تتعرض له القرية من انتهاكات واستيطان، قال أبو عليا: انتهاكات الاحتلال شبه يومية في المغير، حيث يصادر ويمنع البناء في 80% من أراضي القرية البالغة مساحتها 26 ألف دونم، خاصة الأراضي الواقعة شرقا، ويعتبرها الاحتلال منطقة عسكرية مغلقة يمنع المواطنين من الوصول اليها والاعتناء بمزروعاتهم، حتى أنه يحرم الثروة الحيوانية من رزقها هناك.
ويضيف: عدد سكان المغير 4 آلاف نسمة، يتحكم في حياتهم حاجز عسكري شبه دائم على مدخلها الشرقي، ونظرا لطبيعة موقعها الجغرافي، فهي تتوسط مدينتي نابلس ورام الله، شق فيها الاحتلال شارعا استيطانيا يُطلق عليه "شارع ألون" يربط منطقة زعترة بقلنديا، إضافة لمستوطنة "عادي عاد"، ويقع معظم البناء في القرية في حدود كيلومتر مربع واحد، بسبب منع البناء في 80% من اراضيها المصنفة "c"، وهناك 17 انذارا بالهدم لـ17 بيتا.
وحول تاريخ المغير النضالي، يتابع: المغير كانت من أوائل القرى التي التحم أبناؤها بساحات النضال ضد الاحتلال، فعرفوا السجون منذ عام 1968، ومنذ ذلك التاريخ إلى اليوم اعتقل منها 750 مواطنا، أما اليوم فيقبع خلف القضبان 30 من شبابها. كما أنها من أوائل المناطق التي تعرضت بيوتها للهدم، فهدم عام 1969 سبعة من بيوتها.
يصادف استشهاد اثنين آخرين من ابناء المغير في الشهر ذاته، ففي 30 كانون الثاني 2018 استشهد الفتى ليث أبو عليا، وفي 23 كانون الثاني 2006 استشهد الفتى مناضل أو عليا.
في الآونة الأخيرة نشطت مجابهة شبان وفتيان المغير لقوات الاحتلال، الذين أرادوا تركيع رماة الحجارة، عبر الاعتقال والإصابة والتنكيل بهم على الحواجز، ونشر بيانات تهدد الأهالي في حال استمر الأبناء برشق الحجارة والمواجهة، لكن القرية الصغيرة والنائية والمهمشة إعلاميا ردت على الاحتلال بصدور الأبناء والفتية، معلنة وبوضوح الاستمرار في ثورة الحجر على المحتل.