"اسم في الأخبار": بعثة التواجد الدولي المؤقت في الخليل
عماد فريج
في انتهاك إسرائيلي صارخ يهدف إلى توسيع المخطط الاستيطاني بمدينة الخليل وفي محيطها، أعلن رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو رفضه تمديد فترة بقاء المراقبين من بعثة التواجد الدولي المؤقت في الخليل" TIPH"؛ بحجة أنها تعمل ضد إسرائيل.
من منظور نتنياهو وحكومته فإن قيام مراقبين دوليين بتصوير وتوثيق انتهاكات جيشه وقطعان مستوطنيه، وكتابة التقارير حولها، هو عمل ضد إسرائيل. فما هي بعثة التواجد الدولي المؤقت؟ وما مهامها؟
تأسست البعثة التي يبلغ عدد أفرادها 80 مراقبا عام 1994 بعد مجزرة الحرم الإبراهيمي، حينما ارتكب المستوطن المتطرف "باروخ غولديشتاين" مجزرة بحق المصلين في الخامس والعشرين من شباط، أسفرت عن استشهاد 29 مواطنا وإصابة 125 آخرين.
المجزرة دفعت أبناء شعبنا في الخليل إلى تنظيم التظاهرات ومواجهة قوات الاحتلال بصدورهم العارية، ليستشهد 25 مواطنا في الأيام القليلة اللاحقة.
وفي 18 آذار 1994، أصدر مجلس الأمن في الأمم المتحدة قرارا "904"، أدان بشدة المجزرة في الحرم الإبراهيمي، وطالب باتخاذ إجراءات لتوفير الحماية والأمن لشعبنا.
وبعد المفاوضات، قام ممثلون من السلطة الفلسطينية وإسرائيل بالطلب من إيطاليا والنرويج، نشر مراقبين لتواجد دولي مؤقت في مدينة الخليل.
البعثة الأولى تأسست في 8 أيار 1994، ولكن نتيجة لعدم موافقة الأطراف على وجود دولي انسحبت من مدينة الخليل بعد ثلاثة أشهر. وعقب توقيع "بروتوكول الخليل" الذي دعا إلى إعادة انتشار قوات الاحتلال، جرى توقيع اتفاقية التواجد الدولي المؤقت بتاريخ 21 كانون الثاني 1997، والطلب من دول النرويج، وإيطاليا، والسويد، والدنمارك، وسويسرا، وتركيا بنشر مراقبين للبعثة في الخليل وتمويل عملهم، بحيث تتولى النرويج تنسيق البعثة.
ونصت الاتفاقية على أن البعثة تساعد على إعادة الحياة الطبيعية إلى مدينة الخليل، وبالتالي خلق الشعور بالأمن والأمان عند الفلسطينيين في المدينة، إذ تقوم بكتابة تقارير عن خروقات القانون الدولي الإنساني وحقوق الإنسان، وكذلك حول الاتفاقيات الموقّعة حول مدينة الخليل.
وفي الأول من شباط 1997، بدأت دوريات بعثة التواجد الدولي المؤقت عملها في الخليل.
ومنذ ذلك التاريخ، تحاول البعثة الحفاظ على تواجدها في مدينة الخليل، خصوصًا في المناطق الساخنة التي يحاول الاحتلال تعزيز الوجود الاستيطاني فيها، والتضييق على أبناء شعبنا، مثل البلدة القديمة، وتل ارميدة، وطارق بن زياد، وجبل جوهر.
لدى البعثة حاليا 64 عضوا، و20 موظفا محليا، وتتكون من 4 أقسام: مكتب رئيس البعثة، قسم التحليل والمعلومات، وقسم العمليات، والقسم اللوجستي والإداري. وتوظّف البعثة مراقبين يتحدثون العربية والعبرية، إلى جانب اللغة الانجليزية، ومراقبين من خلفيات شرطية أو عسكرية، وهي بعثة مدنية غير مسلحة ويعمل كل المراقبين فيها بالصفة المدنية.
والجدير ذكره أن الخليل تقع جنوب الضفة الغربية، وتعد أكبر المدن مساحة وسكانا، حيث تبلغ مساحتها 42 كم مربع، وعدد سكانها أكثر من 250 ألف نسمة، وتعد المدينة الوحيدة التي تشهد استيطانًا في قلب أحيائها، بصورة مماثلة للقدس المحتلة، عدا عن الانتشار والطوق الاستيطاني في محيطها.
وبحسب تقرير صدر عن هيئة مقاومة الجدار والاستيطان حول الانتهاكات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية خلال عام 2018، تأتي الخليل في المرتبة الثانية بعد القدس من حيث اعتداءات المستوطنين وعمليات الهدم التي نفذتها سلطات الاحتلال بحق المنشآت الفلسطينية، وإخطارات الهدم.
وبلغ عدد البؤر الاستيطانية في قلب مدينة الخليل 5 بؤر، يقطنها حوالي 600 مستوطن، غالبيتهم من المتطرفين. وبحجة توفير الحراسة لهم، أقام الاحتلال 21 حاجزًا ونقطة تفتيش، جعلت من تنقل أهل المدينة الفلسطينيين بين حي وآخر، عملية معقدة.
ويأتي قرار الحكومة الإسرائيلية بإنهاء عمل بعثة التواجد الدولي المؤقت في الخليل بعد 22 عاما من عملها، في إطار خطتها لتوسيع الاستيطان داخل الخليل وفي محيطها، وتهجير أبناء شعبنا قسريًا عن بيوتهم ومحالهم التجارية، إذ يقدّر عدد المحال التجارية المغلقة بحوالي 1829 محلا تجاريا، منها 520 مغلق بأوامر عسكرية خاصةً في شارع الشهداء، والباقي مغلق من قبل أصحابها بسبب إغلاق الطرق ووضع الحواجز ونقاط التفتيش داخل أزقة البلدة القديمة.