إنهاء "التواجد الدولي" بالخليل.. طمس للحقائق وزيادة لجرائم الاحتلال ومستوطنيه
جويد التميمي
شكل اعلان رئيس حكومة الاحتلال الاسرائيلية بنيامين نتنياهو، انهاء مهمة بعثة التواجد الدولي المؤقت في مدينة الخليل، بداية لحقبة اشد سوادا في مدينة الخليل لناحية زيادة جرائم الاحتلال ومستوطنيه بحق ابناء شعبنا، وتمهيدا لطمس الحقائق المرعبة التي تخلفها انتهاكات الاحتلال ومستوطنيه.
وكان نتنياهو زعم في بيان صادر عن مكتبه أن بعثة المراقبة الدولية في الخليل تعمل ضد إسرائيل، وقال: "لن نسمح باستمرار عمل القوة الدولية التي تعمل ضدنا".
وقال رئيس بلدية الخليل تيسير أبو سنينة، لــ"وفا": ان دولة الاحتلال منذ قيامها وهي تمارس جرائمها على الأرض ولا تريد شاهدا على جرائمها، لذلك تعمل على طرد وانهاء عمل بعثة التواجد الدولي المؤقت في مدينة الخليل، مطالبا المجتمع الدولي بضرورة التحرك العاجل لتوفير الحماية لشعبنا الذي يتعرض لانتهاكات يومية واعتداءات متواصلة من قبل الاحتلال ومستوطنيه.
وأضاف أبو سنينة، نحن في بلدية الخليل نرفض انهاء عمل بعثة المراقبين الدوليين في الخليل، لان تواجد البعثة في المدينة جاء عبر اتفاقيات دولية وحصانة واجبة التنفيذ، وعلى جميع الأطراف الالتزام بها.
من جانبه، قال نائب محافظ الخليل خالد دودين لــ"وفا": ان تعيين المراقبين الدوليين في مدينة الخليل جاء بعد مجزرة الحرم الابراهيمي الشريف في مدينة الخليل التي نفذها المستوطن المتطرف باروخ غولدشتاين، في شباط/ فبراير 1994م، وأدت الى استشهاد 29 فلسطينيا كانوا يصلون داخل الحرم الابراهيمي واصابة 150 اخرين من المصلين العزل اثناء تأديتهم شعائر صلاة الفجر.
وأضاف دودين: تم نشر بعثة المراقبين الدوليين في الخليل بموجب اتفاق "بروتوكول الخليل" ويقتصر دور المراقبين الدوليين في بعثة التواجد الدولي الذين يبلغ عددهم نحو ستين مراقبا ومراقبة، ويتم تجديد انتدابهم كل ستة اشهر، وهم من جنسيات نروجية وسويدية ودنماركية وايطالية وسويسرية وتركية، على مراقبة الاحداث في المدينة وكتابة التقارير ورفعها الى دولهم.
وتابع: ان كل التقارير التي رفعت من قبلهم كانت تشير الى الظلم الكبير الواقع على الفلسطينيين في مدينة الخليل، كما بينت تقارير اعضاء البعثة حجم جرائم الاحتلال ومستوطنيه المدججين بالسلاح ضد الفلسطينيين العزل في الخليل، خاصة في قلب البلدة القديمة وبمحاذاة المستوطنات والبؤر الاستيطانية المقامة على أراضي المواطنين وممتلكاتهم في المدينة.
ونوه دودين الى ان معظم الأحزاب اليمينية المتطرفة في إسرائيل تعمل على استعطاف المستوطنين واستغلالهم في حملاتها الدعائية الانتخابية، وتماشيا مع ذلك انهى نتنياهو عمل فريق بعثة التواجد الدولي في مدينة الخليل إرضاء للمستوطنين، وهذا يعتبر تراجعا ومخالفة للاتفاقيات الموقعة بين الجانب الفلسطيني والإسرائيلي برعاية دولية.
وكان الناطق الرسمي باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة، عقب على قرار عدم تجديد الحكومة الإسرائيلية لقوات التواجد الدولي في الخليل بالقول: "ان ذلك تخلي عن تطبيق اتفاقيات وقعت برعاية دولية، وتخليها عن الوفاء بالتزاماتها بموجب هذه الاتفاقيات، وهو أمر مرفوض، ولن نقبل به إطلاقا"، وطالب الدول الراعية لتوقيع هذه الاتفاقية، بموقف واضح تجاه هذا الموقف الإسرائيلي الخطير، والعمل الفوري للضغط على الحكومة الإسرائيلية لمواصلة العمل على تطبيقها وفق ما تم الاتفاق عليه، وعدم التصرف مع إسرائيل كدولة فوق القانون.
وأكد أن إسرائيل بتجاهلها لكل الاتفاقيات الموقعة، ورفضها الالتزام بتنفيذ تعهداتها، تصر على خلق أجواء التصعيد والتوتر والفوضى في المنطقة والتي لا يمكن التنبؤ بنتائجها.
وقال "هذا دليل للمجتمع الدولي، بأن إسرائيل لا تحترم قرارات الشرعية الدولية، والاتفاقات الموقعة معها برعاية دولية، وهو استمرار لسياسة التصعيد الإسرائيلية ضد شعبنا وأرضنا".
ومن الجدير بالذكر، ان المهمة الرئيسية لبعثة التواجد الدولي المؤقت في الخليل هي أعمال المراقبة وكتابة التقارير عن الوضع في الخليل في المناطق الخاضعة لعمل البعثة في المدينة، وتنص الاتفاقية على أن بعثة التواجد الدولي تساعد في إعادة الحياة الطبيعية إلى مدينة الخليل، وبالتالي خلق الشعور بالأمن والأمان عند الفلسطينيين في المدينة.
وتقوم البعثة بكتابة التقارير عن خروقات القانون الدولي الإنساني وحقوق الإنسان الدولية وكذلك حول الاتفاقيات الموقعة حول مدينة الخليل، ويتم التشارك مع السلطات الفلسطينية والإسرائيلية بما يتصل بالتقارير وكذلك مع الدول الست المشاركة، وتحاول بعثة التواجد الدولي الحفاظ على تواجد مرئي في مدينة الخليل وخاصة في المناطق الساخنة مثل البلدة القديمة، وتل الرميدة، وفي محيط مدرسة طارق بن زياد، وجبل جوهر، حيث تسير دوريات يومية من أجل الملاحظة والمراقبة للوضع في المدينة.
وفي يوم 18 آذار 1994، أصدر مجلس الأمن الدولي في الأمم المتحدة قرار رقم 904 وأدان بشدة المجزرة في الحرم الإبراهيمي وطلب باتخاذ إجراءات لتوفير الحماية والامن للشعب الفلسطيني، وبعد المفاوضات، قام ممثلين من منظمة التحرير في السلطة الفلسطينية وإسرائيل بطلب من إيطاليا والنرويج بتزويد مراقبين لتواجد دولي مؤقت في مدينة الخليل.
من جانب آخر؛ أدان المفتي العام للقدس والديار الفلسطينية، خطيب المسجد الأقصى المبارك محمد حسين، ومفتو المحافظات قرار سلطات الاحتلال، إنهاء مهمة المراقبين الدوليين في الخليل، مطالبين الهيئات الدولية للجم غطرسة سلطات الاحتلال وعنصريتها التي لا تعترف بالاتفاقات والقوانين الدولية.
بدوره، أشار عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، نائب الأمينة العامة للاتحاد الديمقراطي الفلسطيني "فدا" الرفيق صالح رأفت الى ان قرار رئيس حكومة الاحتلال الاسرائيلي عدم التجديد لبعثة التواجد الدولي "TIPH"في الخليل يأتي في سياق الصراع الانتخابي ويعكس التطرف الذي تنتهجه دولة الاحتلال اتجاه شعبنا وانتهاكاتها وجرائمها التي تحاول أن تحجبها عن أعين العالم.
وقال:" إن قرار إنهاء عمل البعثة الدولية في الخليل والمتواجدة وفق قرار أصدره مجلس الأمن في الأمم المتحدة رقم 904 بعد مجزرة الحرم الإبراهيمي المروعة عام 1994 هو نهج تتبعه إسرائيل في نقضها للمواثيق والاتفاقيات الدولية وعدم التزام بالقرارات الاممية".
وأضاف:" اننا في القيادة الفلسطينية سنواصل اتصالاتنا مع المجتمع الدولي والأمم المتحدة لوقف هذا القرار الذي يستبيح الدم الفلسطيني ويتناسى الجريمة النكراء التي ارتكبت في الحرم الابراهيمي على يد مستوطن متطرف وراح ضحيتها 29 شهيدا وجرح 150 آخرين".