العين الشاهدة على جريمة "عوفر"
يامن نوباني
صورة واحدة للعين اليسرى للأسير محمود عبد العفو العملة فضحت الجريمة الوحشية التي ارتكبت بحق أسرى "عوفر" في الواحد والعشرين من الشهر الجاري.
أصيب العملة (30 عاما) من بلدة بيت أولا شمال الخليل بكسر في حاضنة العين اليسرى، وجرح من سبع غرز تحت العين، وشعر في ريش الصدر من الجهة اليسرى، وجرح برأسه، بعد اقتحام قوات القمع للغرفة التي يعيش بداخلها، وتحمل الرقم (10)، وأصيب فيها أيضا: وعادل موسى وسليمان بحر ومحمود سامي عبيات ومحمد هاديه ومحمد ابراهيم نعيم أبو ماريه، بالرصاص المطاطي وغاز الفلفل والهراوات.
العملة، أسير محرر أمضى عامين في الاعتقال الإداري في سجون الاحتلال، ليعيد الاحتلال اعتقاله بتاريخ 12 نيسان 2018، دون أن يحاكم إلى اليوم.
"يعمل العملة في مجال الحدادة، وهو متزوج ولديه ثلاثة أبناء، وله شقيق اسمه محمد استشهد بعد اطلاق سراحه في العام 2010، نتيجة الإهمال الطبي في سجون الاحتلال، حيث كان مصابا بفشل كلوي، ورزق قبل استشهاده بأربعين يوما بطفله الوحيد "براء". بحسب شقيقه رائد العملة.
وأشار رائد لـ"وفا" إلى أن شقيقه محمود أصيب في عينه اليسرى، وهو أصيب عام 2007 خلال أحداث قمع سجن "النقب"، والتي استشهد فيها الأسير محمد الأشقر، وأمضى 12 عاما في سجون الاحتلال.
لمحمود ثلاثة أطفال، منى (8 سنوات)، ومحمد (عامان)، ولما (عام واحد)، ورزق بها خلال وجوده داخل الأسر، وعُرف عنه حبه لتربية الطيور، وركوب السيارات.
بدأت الحكاية في "عوفر" الذي يقبع بداخله (1200) أسير، منهم قرابة مئة طفل بقيام قوات القمع الإسرائيلية المسماة "درور" مصحوبة بقوات من الشرطة الإسرائيلية اقتحام القسم رقم (15) في السجن، الأحد الماضي، وإجراء تفتيش استفزازي للأسرى، والعبث بمقتنياتهم.
فجر اليوم الذي يليه، اقتحمت قوات القمع المسماة "متسادا" ذات القسم واعتدت على الأسرى وحطمت مقتنياتهم، ثم قمعت الأسرى في جميع أقسام المعتقل، في اعتداء لم يشهده الأسرى منذ أكثر من عشر سنوات.
القمع أدى إلى إصابة نحو 150 أسيرا بكسور في الفك، والأنف، والرأس، وأصيب آخرون بالرضوض، والكدمات، والاختناق، بسبب غاز الفلفل، وقنابل الغاز، واحتراق ثلاث غرف بالكامل، جراء الاقتحامات المتتالية التي نفذتها قوات القمع التابعة لإدارة معتقلات الاحتلال على أقسام الأسرى واستخدمت خلالها الرصاص المعدني المغلف بالمطاط، والغاز، والقنابل الصوتية، والهراوات، والكلاب البوليسية.
قوات القمع اقتحمت قسمي "17"، و"15"، ثم كافة الأقسام وعددها 10، من بينها أقسام خاصة للأسرى الأطفال، بواسطة أربع وحدات هي: "درور، والمتسادا، واليماز، واليمام"، فيما رد الأسرى بعدة خطوات نضالية، أهمها ارجاع وجبات الطعام، وإغلاق الأقسام.
بعد مضي يومين، أفاد أسرى سجن "عوفر"، بأن ما نشر في وسائل الاعلام ووسائل التواصل الاجتماعي من فيديوهات وصور لعملية اقتحام قوات القمع الإسرائيلية السجن والاعتداء الهمجي على الأسرى لا تمثل سوى 1% من فظاعة وبشاعة ما حدث. وأن غالبية الأقسام تحولت الى أقسام للعزل، وتم سحب الأجهزة الكهربائية منها، وأغلقت الكانتينا 3 أيام.
جلسة الحوار الأولى بين الأسرى وإدارة "عوفر" فشلت بعد أن أعلنت الأخيرة نيتها فرض سلسلة من العقوبات على الأسرى، وتتمثل بعقد محاكمات للأسرى في الغرف التي تم حرقها في أقسام (15) و(11)، وفرض عقوبة بالسّجن الفعلي عليهم لمدة 4 سنوات، وغرامة مالية بقيمة 40 ألف شيقل، إضافة إلى حرمان الأسرى من الزيارة و"الكنتينا" لمدة شهرين.
في اليوم الرابع، عقدت جلسة حوار بين الأسرى بمشاركة الهيئات القيادية في كافة المعتقلات وإدارة سجن "عوفر"، أجبر خلالها ممثلو الأسرى إدارة المعتقل، بالتراجع عن فرض العقوبات، واشترطوا ضرورة استكمال العلاجات للأسرى المصابين، وإعادة الأوضاع في السجن الى ما كانت عليه قبل الـ20 من الشهر الجاري، مقابل الخروج للفورة وعدم إرجاع وجبات الطعام، ووقف اتخاذ أي خطوات نضالية تصعيدية أخرى.