تعلٌم الطب من خلال الرسم
وعد الكار
بين الألوان والفحم ولوحات رسمتها بخيالها قبل أن تخطها يدها، تقضي آية أبو لحية أوقاتها في مشغلها الصغير الذي اتخذته في الطابق الأخير من منزلها، الواقع في بلدة دار صلاح شرق بيت لحم الذي يطل على مناظر الطبيعة الخلابة التي تلهم مخيلتها.
آية ابنة الثمانية عشر ربيعا تدرس الطب البشري في سنتها الأولى في جامعة القدس رغم شغفها بالفن والرسم والألوان، ففي حديثها لـ "وفا"، قالت: إن الطب دواء للجسد والفن دواء للروح، وأنها استطاعت أن تذيب الفجوة بين حلمها بأن تكون طبيبة ماهرة وفنانة محترفة.
وتابعت، منذ أن بدأت دراسة الطب اتخذت أسلوبا مبتكرا الدراسة، من خلال الدمج بين الرسم والطب، بحيث ترسم كل أجزاء الجسم وتفاصيله كي تحفظها بكل سهولة ويسر، مشيرة إلى أن بعض أساتذة الجامعة طلبوا منها رسم مجسمات تساعد الطلبة على فهم مواد تشريح الإنسان، فهي ترسم الأشياء وكأنها حقيقية تنبض الروح فيها.
وأضافت أنها بدأت الرسم بالرصاص في منزلها قبل أربع سنوات، وقررت أن تلقي دورة في الفن التشكيلي بالقدس مع الفنان طالب دويك والتي كانت بالاكريليك، بعدها عادت للرسم بالرصاص وتعلمت بطريقة ذاتية "كنت اشوف صور رسمات أنقل منها، كبداية كانت جيدة وجميلة، ومع الوقت صرت آخذ طلبات رسم من الناس، وطبعا كل ما أسمع كلمة حلوة وشكر منهم أحب أني أتطور أكثر"، مشيرة إلى أنها بذلك تعرفت على الأدوات أكثر وكيفية استعمالها حتى أصبح رسمها متقن خاصة البورتريه.
وتابعت، بعد إنهاء الثانوية العامة بتفوق شاركت بمعرض بينالي العربي بالقاهرة، هذا المعرض هو مسابقة ما بين لوحات فنية أو تصوير، "ولكن أحنا كوفد فلسطيني تأخرنا على المعرض بسبب أن الاحتلال أغلق الجسر بسبب أعيادهم ولكن بعد وصولنا عملولنا هناك بشرم الشيخ معرض فلسطيني خاص، كنت انا و 8 بنات من محافظات مختلفة".
وأضافت أنها من خلال مشاركتها في معرض شرم الشيخ استطاعت أن توصل الصورة الحقيقية عن فلسطين وشعبها، وأبرزت الجانب المشرق من حياتنا، وكيف نخلق كشعب فلسطيني من كل ألم بصيص أمل لنحارب ونناضل ونصمد على أرضنا ضد الاحتلال.
وتشير إلى أن أحب لوحة إلى قلبها هي لوحتها الأولى التي رسمتها ومن خلالها اكتشفت موهبتها وهي عبارة عن صورة لقبة الصخرة من إحدى البوابات، أما آخر لوحة فهي تتحدث عن المرأة الفلسطينية والتي تشارك فيها بمسابقة على مستوى الجامعات الفلسطينية والتي تصور المرأة الفلسطينية حاملة كتاب تقرأ لأولادها منه عن تاريخ فلسطين، وبيدها الأخرى مفتاح العودة لتعلمهم حب الوطن وضرورة التمسك به والعودة للأرض المسلوبة.
وتطمح أبو لحية إلى إقامة معرض فني خاص بها يدمج بين الطب الذي يعتبر مهنة إنسانية والفن الذي يقدم في مضامينه رسائل إنسانية بحتة.
ولم تخفِ أبو لحية استغرابها من قلة المراكز التي تهتم بمثل هذه المواهب، متطلعة إلى إنشاء مركز يهتم بمواهب الفن والرسم لما لها من أهمية كبيرة بالتعبير عن ما يجول في النفس البشرية، مضيفة أن اللوحات الفنية تصل لكل شعوب العالم على اختلاف لغاتهم، فالفن لا يحتاج إلى تأشيرة سفر بل يتخطى كل الحواجز والقيود، وهذا الأمر نحتاجه كشعب فلسطيني لإيصال صوتنا للعالم وأننا نتوق للحرية والاستقلال والتحرر من الاحتلال كبقية شعوب العالم.