الخليل.. قلق من رحيل الشهود
أمل حرب
الترقب والخشية من القادم، سمة ظاهرة على أهالي البلدة القديمة وسكان نقاط التماس في المنطقة المصنفة (H2) في الخليل، التي يزيد عدد سكانها عن 70 ألف مواطن، بعد إقدام حكومة الاحتلال على إنهاء عمل فريق بعثة التواجد الدولي المؤقت (TIPH).
قلق المواطنين منبعه تزايد اعتداءات المستوطنين وقوات الاحتلال وارتكاب المزيد من الانتهاكات على الحواجز العسكرية داخل البلدة القديمة وفي الطرقات التي تفرض السلطات الإسرائيلية السيطرة عليها، الأمر الذي استدعى تشكيل مجموعات شبابية تعمل على بث الطمأنينة في نفوس المواطنين.
صدقي عبد القادر، صاحب محل حلويات في البلدة القديمة، اعتبر أن تواجد فرق بعثة التواجد الدولي المؤقت كان يمنح المواطنين شعوراً نسبياً بالأمان، سيما أن المستوطنين يحرصون على ألا ترصدهم كاميرات البعثة حين يشنون اعتداءاتهم على المواطنين والأطفال، حتى لا يجري توثيق تلك الانتهاكات في تقارير قد تؤثر على الدعم المقدم لحكومتهم.
وأشار إلى أن قوات التواجد الدولي دعمت لعدة سنوات تجار البلدة القديمة في شهر رمضان لتنشيط الحركة التجارية في أسواقها، إلا أن اعتراض إسرائيل واتهاماتها للبعثة بالانحياز للفلسطينيين كانت سبباً في توقف ذلك الدعم.
فريال أبو هيكل من سكان تل الرميدة، أكدت أن إنهاء وجود فرق بعثة التواجد الدولي من شوارع وحارات البلدة القديمة، يمثل خسارة لسكان المنطقة وينبئ بمخاطر وأطماع الاحتلال في المنطقة، لأن المراقبين مثلوا شاهداً على الأحداث، وعملوا على نقل صورة الوضع والمعاناة اليومية جراء الاحتلال الاسرائيلي للمنطقة وللمجتمع الدولي.
وأضافت أن البعثة قدّمت مساعدات للمدارس في البلدة القديمة من مظلات وحمايات، كما كان أعضاؤها يراقبون حضور وانصراف الطلبة من المدارس في مواقع "التماس"، ويقومون بزيارات لسكان منطقة تل الرميدة للتعرف على ما يتعرضون له من انتهاكات على يد جنود الاحتلال والمستوطنين.
الناشط عطا جابر، عبر عن مخاوف على الصعيد الانساني تتصل بإنهاء عمل البعثة، كمنع وصول سيارات الإسعاف إلى بعض المناطق ومنازل المواطنين المحاصرة بالاستيطان والحواجز العسكرية، عدا عن وقف عمل كافة المؤسسات الحقوقية، والناشطين والمتطوعين الاجانب، والصليب الأحمر في المنطقة.
منسق اللجنة الإعلامية في مجموعة "شباب ضد الاستيطان" محمد زغير، أكد أنه تم تشكيل مجموعات حماية عقب إنهاء عمل البعثة الدولية، لتوثيق انتهاكات الاحتلال وحماية العائلات التي تسكن قرب المستوطنات والمناطق المغلقة قدر الإمكان.
وبيّن أن اللجان الشبابية ستعمل بنظام المناوبات، وستناط بها مهام تأمين وصول وخروج الطلبة والمعلمين من والى المدارس، خاصة تلك الواقعة في شارع الشهداء، والعمل على رصد انتهاكات الاحتلال والمستوطنين قدر الإمكان.
وأضاف أن "المستوطنين قاموا بعد رحيل فريق البعثة بالهجوم على معظم المناطق القريبة من التجمعات الاستيطانية لإرهاب المواطنين".
وأكد المستشار السياسي لبعثة التواجد الدولي في الخليل ماجد رانزي، لـ "وفا" في آخر يوم عمل لهم بالخليل؛ أنه تم ابلاغ وزارة الخارجية النرويجية من قبل إسرائيل، بتاريخ 31-1-2019 بعدم التجديد لبعثة التواجد الدولي في مدينة الخليل، بزعم أنها منحازة للفلسطينيين.
وعملت البعثة منذ 20 عاما باتفاق بين اسرائيل والفلسطينيين، من اجل حماية المواطنين في البلدة القديمة، ومراقبة الوضع الأمني في منطقة(H2) ، التي تخضع للسيطرة الإسرائيلية، وكتابة التقارير للطرفين حول الوضع فيها، على خلفية وقوع مجزرة الحرم الإبراهيمي.