الإعلان عن مراسم وداع وتشييع القائد الوطني المناضل الكبير اللواء فؤاد الشوبكي    "مركزية فتح": نجدد ثقتنا بالأجهزة الأمنية الفلسطينية ونقف معها في المهمات الوطنية التي تقوم بها    17 شهيدا في قصف الاحتلال مركزي إيواء ومجموعة مواطنين في غزة    الرئيس ينعى المناضل الوطني الكبير اللواء فؤاد الشوبكي    سلطة النقد: جهة مشبوهة تنفذ سطوا على أحد فروع البنوك في قطاع غزة    و3 إصابات بجروح خطيرة في قصف الاحتلال مركبة بمخيم طولكرم    الرئيس: حصول فلسطين على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة سيسهم في بقاء الأمل بمستقبل أفضل لشعبنا والمنطقة    "استغلال الأطفال"... ظاهرة دخيلة على القيم الوطنية وجريمة يحاسب عليها القانون    "التربية": 12.799 طالبا استُشهدوا و490 مدرسة وجامعة تعرضت للقصف والتخريب منذ بداية العدوان    الاحتلال يشرع بهدم بركسات ومنشآت غرب سلفيت    الاحتلال يعتقل شابا ويحتجز ويحقق مع عشرات آخرين في بيت لحم    10 شهداء في استهداف شقة سكنية وسط غزة والاحتلال يواصل تصعيده على المستشفيات    استشهاد مواطن وإصابة ثلاثة آخرين خلال اقتحام الاحتلال مخيم بلاطة    الجمعية العامة للأمم المتحدة تعتمد بالأغلبية قرارين لدعم "الأونروا" ووقف إطلاق النار في غزة    الاحتلال يعتقل 10 مواطنين من الضفة بينهم مصاب  

الاحتلال يعتقل 10 مواطنين من الضفة بينهم مصاب

الآن

نهار عائلة في جو التدريبات

الحارث الحصني

ينتظر حسين أحمد بني عودة، وزوجته من سكان "الرأس الأحمر"، جنوب شرق طوباس، في بيت أحد أشقائه انتهاء المدة التي حددتها قوات الاحتلال الإسرائيلي، لإجراء تدريبات عسكرية في المنطقة.

في ذلك الوقت، الذي كان عند منتصف النهار، كان نجله يرعى بأغنامه في منطقة ما خلف رتل من الدبابات الإسرائيلية، التي توافدت عند البوابة الحديدية الموضوعة عند الشارع الرئيسي في الجهة المقابلة.

حتى وإن بدت الأمور كأنها زيارة عائلية، أو ممارسة مهنة يومية، والقصد هنا عن رعي الأغنام، لكن يقول الزوجان إنه يوم "مزعج".

فالرجل الذي يسكن المنطقة منذ سبع سنوات قال إنه استيقظ وعائلته، اليوم، عند الثالثة صباحا؛ لإطعام الخراف، وحلب الأغنام قبل مغادرة خيامه.

 وأخذ بالشرح كيف أنه في الأيام العادية يستيقظ عند صلاة الفجر، قبل أن يبدأ يومه.

بالنسبة لزوجته التي اكتفت بالتعريف عن نفسها بأم جهاد، فإنها في هذا النهار لا يمكن لها أن تعد الطعام لزوجها، ونجلها.

تقول: "لا أستطيع أن أقوم بكامل مهامي المنزلية (..)، كل هذه الأمور لن تكون موجودة".

وتضيف: "كل شيء ذهب كأنه سراب".

وتستدل الحاجة التي بلغت السبعين من عمرها، على ذلك أنها ستقضي هذا النهار في خيمة لا تبعد أكثر من 300 متر عن خيمتها، التي أُجبرت على تركها منذ العاشرة صباحا؛ بهدف التدريبات العسكرية.

وتركت عشرات العائلات الفلسطينية، اليوم، في مناطق (الرأس الأحمر، والبرج، والمالح)، خيامها من العاشرة صباحا، حتى الخامسة مساء؛ بهدف التدريبات العسكرية التي تجريها قوات الاحتلال.

ويستخدم الاحتلال بشكل دوري، الأغوار الشمالية، وهي مناطق تتفاوت تضاريسها بين الجبلية والسهلية، في التدريبات العسكرية.

كانت أم جهاد في الأيام العادية، تضع برنامجا يوميا لها، تراعي فيه وضعها الصحي، لكن اليوم عندما انتقلت من خيامها لخيام قريبة منها، أحست بالألم في قدميها.

ويقع على عاتق النساء في أغلب مناطق الأغوار الشمالية، مهمة العناية بالسكن، بشكل أساسي.

"كنت أنتظر أن أصل خيمة شقيق زوجي بسبب الألم.. في الأيام العادية أُنهي عملي وأرتاح". قالت الحاجة.

 يقول بني عودة: خرجت مع زوجتي دون مركبة، الطريق وعرة بفعل المطر الذي كان قبل أيام.

في المحيط عند تجمع لعدد من المواطنين، يدور الحديث عن تاريخ التدريبات التي أجرتها قوات الاحتلال في المنطقة، عبر سنين.

 يقول بني عودة: "كل هذا مسألة استفزاز، خيمتي لا تبعد أكثر من 300 متر عن خيمة شقيقي التي نحن فيها، لكنهم يريدون أن يقلبوا حياتنا رأسا على عقب".

ولا تختلف معالم هذا اليوم عن الأربعاء الماضي، وفيه أيضا طردت قوات الاحتلال العائلات ذاتها، في التوقيت ذاته، للسبب ذاته.

وأكد مواطنون في المنطقة على ذلك بأقوال أدلوا بها لمراسل "وفا".

عندما استيقظ بني عودة وعائلته قبل فجر اليوم، كان ذلك لإطعام ما يقارب 70 خروفا ظلت في حظيرتها، يقول لــ"وفا": "لا أمان على هذه الخراف من التدريبات".

وليست هذه العائلة وحدها اليوم، فبحسب مسؤول ملف الأغوار في محافظة طوباس معتز بشارات، فإن الاحتلال طرد خمسين عائلة تضم ما يقارب 300 فرد، في مناطق متفرقة بالأغوار الشمالية؛ بهدف التدريبات العسكرية.

قبل سنتين أيضا، طرد الاحتلال عائلة بني عودة من خيامها؛ للهدف ذاته.

وأشار نحو الشرق إلى تلة صغيرة، وقال: "قضيت نهاري وقتها فوق تلك الهضبة (..)، كلما نخرج نكون كالذي ضُرب على رأسه، وهو يعني بذلك أنهم يعيشون ساعات عصيبة بعيدا عن خيامهم".

ويقول الناشط الحقوقي عارف دراغمة: "يسعى الاحتلال، من خلال طرد الفلسطينيين؛ بحجة التدريبات، إلى التنغيص عليهم".

واقفا على جانب طريقي ترابي يمر من أمام الخيمة التي كانوا فيها، يقول بني عودة: "حياة كلها قهر بقهر".

عند ذلك كان جنود الاحتلال يأتون فرادى وجماعات من خلف تلة صغيرة في المكان، عدا عن حركة لمركبات الاحتلال ذهابا وإيابا من الطريق ذاته.

وفي هذه المناطق الغائرة عن العالم كله، يعتمد سكانها بشكل كبير على تربية قطعان المواشي، وهي مهنة متوارثة لدى عدد من العائلات هناك.

ولوحظ عدد من المواطنين يجوبون بمواشيهم بعض الجبال القريبة من المنطقة، مستفيدين من موسم رعوي جيد.

يقول بني عودة: "منذ أن وعيت الحياة، وأنا أعيل عائلتي من الماشية، وإن أي اختلاف في حياتنا مثل الذي حدث اليوم يكلفنا كثيرا".

بني عودة عينه قال إن نجله حاول في الأسبوع الماضي الاقتراب إلى خيامه لحلب الماشية، لكن الاحتلال طرده بعيدا مرة أخرى.

واعتادت العائلة المكونة من ثلاثة أفراد أن تحلب ماشيتها عند الثانية بعد الظهر، ثم تعود مرة أخرى إلى المراعي لرعي ماشيتها.

وبسبب التدريبات، فإنه في هذه المرة سيؤجل حلب ماشيته لما بعد الخامسة من مساء اليوم، يكون وقتها قد انتهت التدريبات العسكرية.

وبحسب ما نشر على موقع مركز المعلومات الإسرائيلي لحقوق الإنسان في الأراضي المحتلة "بتسيلم"، فإنه في السنوات الأخيرة وخاصّة منذ بداية عام 2013 يأمر الاحتلال من حين لحين سكّان التجمّعات الواقعة على أراض أعلنها بأنها "مناطق إطلاق نار" بإخلائها مؤقتًا، بحجّة أنه يحتاج إجراء تدريبات عسكريّة هناك.

وتمتدّ هذه المناطق حسب "بتسيلم" على 45% من مساحة منطقة الأغوار (786 ألف دونم).

وفي الأوامر التي يتسلّمها السكّان يُطلب منهم مغادرة مناطق سكناهم لفترة تتراوح بين ساعات معدودة ويومين وتشمل تحذيرًا بأنّهم إذا لم يفعلوا ذلك سيجري طردهم بالقوّة والاستيلاء على مواشيهم وتغريمهم تكاليف الإخلاء.

وأضافت "بتسيلم" أنه منذ كانون الثاني 2013 إلى أيلول 2017 فرض الجيش الإخلاء على مختلف التجمّعات في منطقة الأغوار 140 مرّة، بعضها جرى إخلاؤها مرّتين وأحيانًا بفارق أسبوع واحد.

وبينت "بتسيلم" أن ترحيل السكّان عن منازلهم وأراضيهم هو بمثابة نقل قسريّ لسكّان محميّين، ويعدّ جريمة حرب- سواء استخدمت "إسرائيل" في ذلك العنف المباشر أو غير المباشر، الفيزيائيّ أو الإداري.

ha

إقرأ أيضاً

الأكثر زيارة

Developed by MONGID | Software House جميع الحقوق محفوظة لـمفوضية العلاقات الوطنية © 2024