"الفيسبوك" من خلف أقنعة منوعة
كتب رئيس صحيفة الحياة الجديدة
ثمة مثل يقول تنتشر الكذبة بأسرع ما يكون، وتصل إلى كل مكان، قبل ان تربط الحقيقة رباط حذائها لكي تخطو خطوتها الأولى..!! والافتراء كما ينبغي أن نعرف هو الكذب المتعمد المشغول بعناية غاياته الدنيئة، الساعية لا إلى إشاعة البلبلة والفوضى في أوساط الرأي العام فحسب، وإنما إلى طمس الحقيقة التي تحرر العقل من أوهامه وجهله. ولا مناص من الاعتراف ان مواقع التواصل الاجتماعي بصفة عامة، باتت اليوم هي البيئة الحاضنة للشائعات والافتراءات السياسية والحزبية، إلى جانب مواقف الانفعالات العاطفية، والكلام الذي يلقى على عواهنه، وأحيانا بفتاوى ما أنزل الله بها من سلطان..!! ولأن اغلب هذه المواقع ليست حرة، ولا مستقلة تماما، فثمة من يدير شؤونها من خلف أقنعة منوعة، سياسية وحزبية وحتى مخابراتية، ولغاية أن تكون منصات تجهيل للرأي العام، لمنعه من صياغة شؤونه العامة، وحتى الخاصة، بالمعرفة السليمة، والموقف الصحيح.
هذه هي الحقيقة التي لا ينبغي تجاهلها، وهي التي تقول لنا وبوضوح شديد انه لا يمكن ان تظل هذه المواقع/المنصات بمهمات التجهيل هذه، هي من يدير شؤون الرأي العام عندنا، لأننا أحوج ما نكون إلى سلامة المعرفة وصوابها، وصدق الخطاب ومسؤوليته، وأخلاقيات الكلمة وجمالياتها، ولا نعتقد أن حرية التعبير تتعارض مع كل ذلك، وحرية التعبير أساسا هي من اجل الفهم والتفهم والوصول إلى القواسم المشتركة، في ترتيب الأولويات في برامج العمل الوطني والاجتماعي والتصدي لمهماتها على نحو يحقق أهدافها دون اي تلكؤ وبعيدا عن أي حسابات خاصة.
يقول الأديب اللبناني الراحل جبران خليل جبران "احدهم يخلق الاعذار ليبتعد، والآخر يخلق الوهم ليبقى "في الكذب أعذار للابتعاد عن مواجهة الحقيقة، والهروب من التصدي للمهمات التي تفرضها، وفي الشائعة وهم لبقاء مستحيل..!! غير ان التاريخ لا تصنعه الأكاذيب ولا الافتراءات ولا الشائعات، وحدها الحقيقة من يصنع التاريخ"، وفلسطين هي الحقيقة الساطعة بمشروعها الوطني التحرري، وقيادتها الحكيمة والشجاعة، ولهذا هي من يصنع التاريخ وتؤكد حتميته بانتصار فلسطين الحق والحقيقة.