الإعلان عن مراسم وداع وتشييع القائد الوطني المناضل الكبير اللواء فؤاد الشوبكي    "مركزية فتح": نجدد ثقتنا بالأجهزة الأمنية الفلسطينية ونقف معها في المهمات الوطنية التي تقوم بها    17 شهيدا في قصف الاحتلال مركزي إيواء ومجموعة مواطنين في غزة    الرئيس ينعى المناضل الوطني الكبير اللواء فؤاد الشوبكي    سلطة النقد: جهة مشبوهة تنفذ سطوا على أحد فروع البنوك في قطاع غزة    و3 إصابات بجروح خطيرة في قصف الاحتلال مركبة بمخيم طولكرم    الرئيس: حصول فلسطين على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة سيسهم في بقاء الأمل بمستقبل أفضل لشعبنا والمنطقة    "استغلال الأطفال"... ظاهرة دخيلة على القيم الوطنية وجريمة يحاسب عليها القانون    "التربية": 12.799 طالبا استُشهدوا و490 مدرسة وجامعة تعرضت للقصف والتخريب منذ بداية العدوان    الاحتلال يشرع بهدم بركسات ومنشآت غرب سلفيت    الاحتلال يعتقل شابا ويحتجز ويحقق مع عشرات آخرين في بيت لحم    10 شهداء في استهداف شقة سكنية وسط غزة والاحتلال يواصل تصعيده على المستشفيات    استشهاد مواطن وإصابة ثلاثة آخرين خلال اقتحام الاحتلال مخيم بلاطة    الجمعية العامة للأمم المتحدة تعتمد بالأغلبية قرارين لدعم "الأونروا" ووقف إطلاق النار في غزة    الاحتلال يعتقل 10 مواطنين من الضفة بينهم مصاب  

الاحتلال يعتقل 10 مواطنين من الضفة بينهم مصاب

الآن

في غزة.. عزف على وقع هدير الطائرات

زكريا المدهون

"الحلوة دي" من ألحان الموسيقار المصري سيد درويش عزفتها طفلة بأناملها الصغيرة على آلة القانون في "معهد إدوارد سعيد الوطني للموسيقى" غرب مدينة غزة، رغم هدير طائرات الاستطلاع الإسرائيلية المزعجة، التي تجوب باستمرار سماء القطاع.

الطفلة زينة الأغا (13 عاما) التي تقطن قطاع غزة المحاصر منذ 12 عاما، تأمل من خلال عزف الموسيقى الهروب من الواقع الصعب الذي تعيشه، ولو لساعات معدودة، والتغلب على الذكريات الأليمة التي ما زالت تلاحقها.

الأغا التي عايشت 3 حروب تهوى وتعشق الموسيقى وبالذات العزف على "القانون"، وذلك بتشجيع ودعم من أسرتها، حيث وصلت إلى المستوى الدراسي الرابع في المعهد الموسيقي، وتتمنى أن تصبح عازفة مشهورة.

وأضافت: مشاهد الدمار والقتل ما زلت أتذكرها وأصوات الطائرات وسيارات الاسعاف التي كانت تنقل الشهداء والجرحى.

وتابعت ببراءة بعد عزفها على "القانون": "نعيش في ظل حصار واغلاق يحرمنا من المشاركة في مهرجانات وفعاليات خارج القطاع، ونحقق أحلامنا كباقي أطفال العالم".

في احدى زوايا الغرفة، جلس مدرسها أنس النجار على مكتبه الخشبي يراقبها ويوجهها ويشجعها قائلا: العزف على القانون يحتاج الى صبر لأن فيه أصوات حادة وغليظة ومتوسطة فهو يجمع بين جميع الأصوات.

وأضاف النجار، "أعلّم الطلاب العزف الصحيح على القانون بطريقة علمية، وفق منهاج حسب المستوى"، مشيرا الى أن الطلاب يمتازون بالذكاء الحاد، اضافة الى الموهبة الموسيقية التي نعمل على تنميتها.

وشدد على أن أطفال غزة عانوا وما زالوا يعانون من صدمات، نتيجة للحروب والاعتداءات الاسرائيلية، ويجدون في تعلم الموسيقى متسعا للإبداع وابراز مواهبهم المدفونة بفعل الحصار والأوضاع التي يعيشونها بسبب الحصار الاسرائيلي.

في غرفة مجاورة، كان أربعة طلاب يتعلمون العزف على الإيقاع "الطبلة" ضمن حصة العزف الجماعي.

الطفل براء عاشور (11 عاما) الذي يدرس هو الآخر في المعهد منذ عام تعلم العزف على آلة "الجيتار" التي يعشقها ويحبها، بجانب دق الطبل، ويقول: أهلي يشجعونني باستمرار، ومن خلال تعلمي للموسيقى أحاول تحدي الظروف الصعبة التي نعيشها، والتأكيد للعالم أننا نحب الحياة وبالموسيقى نقاوم وحشية الاحتلال الاسرائيلي".

وأضاف، نتحدى الاحتلال بالموسيقى التي تزرع فينا القيم وحب الوطن، مشيرا الى معاناته خلال الاعتداءات الاسرائيلية التي يرافقها القصف وتدمير المنازل وقتل الأطفال والتي تأثر بها كثيرا.

ورغم صعوبة الواقع في غزة، يتمنى عاشور أن يصبح عازفا مشهورا ويرفع علم فلسطيني في مسابقات عربية ودولية.

في "معهد إدوارد سعيد الوطني للموسيقى" في غزة وفقا لمديره إسماعيل داوود يدرس 180 طالبا وطالبة، وتتراوح أعمارهم ما بين ستة أعوام ونصف وستة عشر عاما، في مجتمع يعيشه قرابة مليوني نسمة، في ظل أوضاع معيشية غاية في الصعوبة.

"معهد إدوارد سعيد للموسيقى" بغزة تأسس في العام 2008، وفي بدايته كان يحمل اسم "مدرسة غزة للموسيقى"، بدعم من "مؤسسة عبد المحسن القطان".

وأوضح مدير المعهد داوود، انطلق المشروع لمدة أربع سنوات للاهتمام بمواهب الأطفال، وبعد ذلك تحول الى معهد للموسيقى يتبع لجامعة بيرزيت بعد النجاح اللافت الذي حققه خلال تلك الفترة.

وفي حديث لـ"وفا"، بيّن داوود "أنه في عام 2012 حقق المعهد قفزة نوعية وزاد عدد الطلبة الملتحقين فيه ليصل عددهم الى 150 طالبا وطالبة، منوها الى أن فرع غزة حصد الجوائز الأولى في مسابقات أقامها المعهد على مستوى الوطن.

وعن آلية الدراسة، أعلن داوود أن المعهد يهتم بدراسة الموسيقى نظاميا عن طريق منهاج معتمد من قبل "معهد إدوارد سعيد للموسيقى" وجامعة بيرزيت، وأن مدة الدراسة تسع سنوات، ضمن حصة اسبوعيا "عملي"، للتدرب على الآلات الموسيقية التسع التي يختارها كل طالب حسب هوايته.

والآلات الموسيقية هي: العود، والقانون، والناي، والايقاعات، والبيانو، والكمان، والتشيلو، والجيتار، والترومبيت.

وأوضح داوود، أن المنهاج النظري عبارة عن نظريات موسيقية، واستماع، ومقامات عربية، وتاريخ الموسيقى العربية، والشرقية، والغربية، الى جانب الاستماع الى آلة البيانو، وعزف جماعي، وجوقات غنائية.

ويتعلم الطلبة كما يقول مدير المعهد، على يد أساتذة فلسطينيين وأجانب مختصين من حملة الشهادات الموسيقية، وتخرّج منه 50 طالبا وطالبة في الشهادتين: الشهادة الأساسية وهي اختتام الخمس سنوات الأولى بنجاح، والشهادة المتوسطة وهي اتمام الأربع سنوات الأخرى، اضافة الى شهادة أخرى لمن يرغب وهي تعادل "الدبلوم المتخصص في الآلة الموسيقية" وهي دراسة عامين بعد التخرج.

واشار الى أن المعهد ينظم مشاريع تعليمية في العزف، والغناء، وتعلم الموسيقى في مدارس "الأونروا"، ضمن مشروع ممول من الحكومة النرويجية، لتدريب 55 طالبا وطالبة في مدارس الوكالة، وبعض المؤسسات الخاصة.

وعن أبرز المشاكل التي تواجههم، أكد داوود أن الاغلاق والحصار هما السببان الرئيسيان اللذان يحرمهما من المشاركة في الفعاليات الخارجية، علاوة على هجرة الطلبة واسرهم الى خارج قطاع غزة والوضع الاقتصادي السيئ الذي ينعكس على مقدرة الأهالي على دفع الرسوم الدراسية.

ومن المشاكل الأخرى حسب داوود النظرة السلبية لفئة من المجتمع الى تعلم الموسيقى التي يعتبرونها شيئا ثانويا، مشيرا الى أن المعهد ومن خلال صبغته الأكاديمية ومحافظته على التراث الوطني في منهاجه، وبرامجه الفنية استطاع تغيير فكرة الكثيرين حول تعلم الموسيقى.

ha

إقرأ أيضاً

الأكثر زيارة

Developed by MONGID | Software House جميع الحقوق محفوظة لـمفوضية العلاقات الوطنية © 2024