مؤسسة ياسر عرفات تعقد اجتماعها الثاني عشر في القاهرة
جدد المتحدثون في الاجتماع الثاني عشر لمجلس أمناء مؤسسة ياسر عرفات، الذي استضافته جامعة الدول العربية، اليوم الاربعاء، تأكيدهم على أن تبقى القضية الفلسطينية في صدارة اهتمام الدول العربية.
وأكدوا ضرورة مواصلة العمل الجاد لبناء الدولة الفلسطينية المستقلة، وأن يكون 2019 عام الحسم السياسي لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي وانهاء الانقسام، مشددين على ضرورة إعادة الوحدة الوطنية الفلسطينية لمواجهة المراحل الصعبة القادمة .
وأكد رئيس مجلس أمناء المؤسسة عمرو موسى في كلمته الافتتاحية خلال الاجتماع الذي استضافته الجامعة اليوم، أهمية هذه المؤسسة في تخليد ذكرى وتاريخ ياسر عرفات النضالي، مضيفا أن المنطقة تمر في مرحلة حساسة وخطيرة خاصة بالنسبة للقضية الفلسطينية.
من جانبه، قال الأمين العام للجامعة العربية أحمد ابو الغيط، إن تواصل نشاطات هذه المؤسسة وتوسعها "هو رسالة وفاء للزعيم الراحل ابو عمار، وعنوان الاعتراف بدوره الرائد كقائد استثنائي ومُلهِم للشعب الفلسطيني في أصعب وأعقد مراحل نضاله من أجل الحُرية والاستقلال، فالشعب الفلسطيني يعرف قيمة البطولة وهي أمة مكتملة الأركان... والقضية الفلسطينية تمر بواحدٍ من أصعب فصولها على الإطلاق ثمة محاولاتٌ، نرصدها ونرفضها ونستنكرها، لتقويض الركائز التي قامت عليها هذه القضية، وتفريغها من محتواها القانوني والسياسي، وتحويلها إلى مجرد أزمة إنسانية، أو مشكلة معيشية تُحل ببعض الإجراءات الاقتصادية هنا وهناك، مضيفا ان هذه المحاولات لن تنجح، ولكن كشفها ومواجهتها يتطلب منّا جميعاً يقظة كاملة وعملاً متواصلاً من أجل الحفاظ على حالة الاجماع الدولي المساند للحق الفلسطيني المشروع في الاستقلال، وإقامة الدولة على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية".
وأضاف في كلمته، إن الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، ومنذ البداية يفتقر إلى التكافؤ حيث هناك طرفٌ يُمارس الاحتلال والقهر، مدعوماً بآلة عسكرية وقوة دولية كبرى تُسانده وتُقدم له مظلة الأمان التي تكفل له الإفلات من العقاب مهما أمعن في الإجرام والخروج على القانون، وثمة طرف ليس أمامه من طريق سوى التشبث بالأرض، والحفاظ على الوجود، وعدم التفريط في حُلم الاستقلال إنها معادلةٌ مختلةٌ، غير أن قوة الشرعية الأخلاقية للقضية الفلسطينية، وعمق المساندة والدعم الدوليين للشعب الفلسطيني يعوضان –ولو قليلاً- هذا الاختلال الهيكلي.. لهذا السبب تسعى دولة الاحتلال اليوم إلى تقويض هذه الشرعية الأخلاقية والسياسية، وتعمل بالتناغم مع الإدارة الأمريكية الحالية للأسف- على التشكيك في عدالة القضية .. وتحاول جاهدة اختراق أوساط وتكتلاتٍ دولية كانت إلى وقت قريب تُمثل رصيداً مضموناً لتأييد القضية الفلسطينية.. وتسعى بكل طريقٍ إلى تمييع المحددات المتعارف عليها دولياً لتسوية نهائية تقوم على حل الدولتين.. فتُشكك في عدالة قضية اللاجئين، بل وفي دور الوكالة الدولية التي تُخفف من وطأة ما يتعرضون له من معاناة مستمرة منذ ما يربو على سبعين عاماً.. وتقوم بإجراءات في القدس بهدف تغيير مركزها القانوني ووضعيتها التاريخية والدينية... إلى غير ذلك من الممارسات والسياسات التي تستهدف الشعب الفلسطيني في حاضره ومستقبله، بل وتحاول سلبه ماضيه وذاكرته.
من جانبه، أكد سفير فلسطين لدى مصر، مندوبها الدائم في الجامعة العربية دياب اللوح، أهمية هذا الاجتماع للاحتفاء بالقائد ياسر عرفات "الذي جسد النضال والقيم الانسانية عبر الزمان، فقد كان رجلا استثنائيا دافع عن مثل وقيم حتى الرمق الأخير"، كما نقل تحيات الرئيس محمود عباس للمشاركين وأمنياته بتحقيق نتائجه المأمولة."
وقال اللوح: إن مسيرة الشعب الفلسطيني التي قادها الرئيس الشهيد ياسر عرفات، ومن بعده أخيه الرئيس محمود عباس، واستمرت لأكثر من نصف قرن في ظل الاحتلال العسكري والاستيطاني الإسرائيلي العنصري المباشر، ولأكثر من قرن منذ صدور وعد بلفور المشؤوم، لا بد أن تتوج بتمكينه من ممارسة حقه في تقرير مصيره وتجسيد استقلاله الوطني الكامل على أرضه، فالاحتلال الإسرائيلي بكافة أشكاله ووعد بلفور المشؤوم، وقرار ترمب بإعلان القدس عاصمة لإسرائيل، وكل محاولات الالتفاف على الحقوق الثابتة والتاريخية للشعب الفلسطيني في وطنه وعلى أرضه، وكل محاولات الالتفاف على قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة بالقضية الفلسطينية أيضاً، ستبوء بالفشل الذريع، لأن الشعب الفلسطيني صاحب الحق المشروع وممثله الشرعي فخامة الرئيس محمود عباس هو صاحب الكلمة الفصل، هو من يقول ( نعم)، وهو من يقول ( لا)، ونحن على ثقة مطلقة به وبقيادته لشعبنا ومن هنا ومن على هذه المنصة نؤكد رؤيته للسلام في الشرق الأوسط وحل القضية الفلسطينية، التي تقدم بها أمام مجلس الأمن في فبراير 2018م، بعقد مؤتمر دولي للسلام تحت مظلة الأمم المتحدة وفق آلية متعددة الأطراف، ونُجدد ثقتنا بقيادته الحكيمة وقراراته السديدة وسياساته الهادفة لبناء غدٍ أفضل ومستقبل واعد بالأمل والنصر لعموم أبناء الشعب الفلسطيني في داخل الوطن وفي المنافي والشتات.
وأضاف، إن استهداف مسيرات العودة السلمية على خطوط قطاع غزة ما زال مستمراً، وأعمال القنص والإعدام والقتل بدم بارد في القدس والضفة الغربية ما زال مستمراً، والممارسات الإسرائيلية العنصرية غير القانونية التي تتناقض مع أبسط قواعد القانون الدولي والقانون الإنساني الدولي ما زالت مستمرة في تهويد الأرض والمقدسات، ووضع قانون القومية اليهودية العنصري موضع التنفيذ، والذي لا يستهدف الوجود الفلسطيني الأصيل داخل كيان دولة إسرائيل فقط، وإنما يستهدف مجمل وجود الشعب الفلسطيني على أرضه، فنحن نريد إقامة دولتنا على أرضنا وليس على أرض غيرنا، دولة يتنسم فيها أبناء الشعب الفلسطيني وأسراه الأبطال عبق الحرية ويعيشون بكرامة وشموخ، يأكلون مما يزرعون، ويلبسون مما يصنعون، دولة لها سيادة على مواردها، لن تكون عبئاً مالياً أو اقتصاديا على أحد، فإن إنهاء الاحتلال الإسرائيلي العسكري والاستيطاني لأرضنا سيمكننا من الحياة بشكل كريم ويضع حداً للخسائر التي تلحق بنا والتي تُقدر بأكثر من تسعة مليار دولار سنوياً حسب الأرقام الرسمية الموثقة.
وأعرب السفير اللوح، عن شكره للأشقاء العرب، ولجامعة الدول العربية، ولمصر رئيساً وحكومةً وشعباً على كل ما تُقدمه من دعم مستمر لكفاح الشعب الفلسطيني، وخاصة جهودها المستمرة والمخلصة لإنهاء الانقسام الفلسطيني واستعادة الوحدة الوطنية الفلسطينية، مؤكداً تمسكنا بالرعاية المصرية الكاملة لهذه المصالحة، واختتم: معاً وسوياً وصولاً إلى حلم القائد المؤسس الشهيد ياسر عرفات وحلمنا جميعاً بالحرية والاستقلال وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة الكاملة وعاصمتها القدس الشرقية، دولة خالية من المستوطنات والمستوطنين، دولة تعيش جنباً إلي جنب بأمن وسلام كاملين وحسن جوار وتعاون كامل مع دول وشعوب المنطقة والعالم، تحترم الشرعية الدولية وتكون جزءا لا يتجزأ منها ومن التزاماتها وقراراتها، مؤكدا اننا نفتخر بالرسالة السامية التي تسهر عليها وترعاها نخبة متميزة من القامات الفلسطينية والعربية وفق البوصلة التي حددها الشهيد ابو عمار وناضل من اجلها، ولا يخفى عليكم ان انعقاده اليوم في رحاب بيت العرب والعاصمة العربية الام القاهرة له دلالات قومية وعربية نحرص عليها.
وقام رئيس مجلس الأمناء، والامين العام للجامعة العربية، بتكريم رئيس الوزراء الإيطالي الأسبق ماسيمو دليما، وماندلا مانديلا، حفيد الزعيم الراحل نيلسون مانديلا، تقديرا وتكريما لهما، حيث أعربا عن شكرهما الكبير للمؤسسة وأستذكرا مواقف الشهيد ياسر عرفات التاريخية .
حضر الاجتماع، الامين العام للجامعة العربية الأسبق نبيل العربي، ومدير إدارة فلسطين بوزارة الخارجية المصرية السفير خالد راضي، ورئيس مجلس إدارة مؤسسة ياسر عرفات ناصر القدوة، بالإضافة إلى عدد كبير من الشخصيات الفلسطينية والعربية.
وتخلل الاجتماع عرض فيلم وثائقي تفصيلي عن جائزة ياسر عرفات وما لها من قيمة كبيرة وتاريخية، وإنجازات المؤسسة خلال السنوات الماضية.
يذكر أن مجلس أمناء مؤسسة ياسر عرفات يضم نحو 100 من كبار الشخصيات الفلسطينية والعربية ورئيسه الفخري هو الرئيس محمود عباس.