يوم الأرض: الاشتباك للعام الـ43 على التوالي
يامن نوباني
لم تهدأ الأرض المحتلة في يوم من الأيام، فمنذ الـ30 من آذار 1976، والاشتباك اليومي بين الفلسطيني صاحب الأرض والحق، والمحتل الإسرائيلي مستمر وعنيف.
ستة شهداء (خير ياسين من عرابة البطوف، خديجة قاسم شواهنة من سخنين، رجا أبو ريا من سخنين، خضر خلايلة من سخنين، محسن طه من كفر كنا، رأفت زهدي من مخيم نور شمس)، و49 جريحا و300 معتقل، رسموا الطريق للأجيال، التي تستعد في الذكرى الـ43 للمواجهة، بالحجارة والمتاريس والإطارات، وبالندوات الثقافية وعروض الأفلام، وبزراعة الأشجار والمسارات الطبيعية، والتمسك بالأرض.
منحت مواجهة آذار 1976، في أول انتفاضة في أراضي العام 48، بمواقعها العديدة التي اشتعلت في وجه قرار الاحتلال بمصادرة 21 ألف دونم تعود ملكيتها لفلاحين فلسطينيين من بلدات سخنين، وعرابة، ودير حنا، وعرب السواعد؛ منحت القضية الوطنية شعلة الدفاع عن الأرض، بالشهداء والجرحى والأسرى، فاستمرت القافلة حتى اليوم ... مزيدا من النضال حتى التحرير.
الأراضي التي صودرت كانت لصالح بناء مزيد من المستوطنات، علما أن سلطات الاحتلال قد صادرت خلال الأعوام ما بين 1948 حتى 1972 أكثر من مليون دونم من أراضي القرى العربية في الجليل والمثلث، إضافة إلى ملايين الدونمات الأخرى التي استولت عليها عام 1948.
محاولات إفشال الإضراب
سارعت حكومة الاحتلال في 29 آذار 1976 إلى إعلان حظر التجول على قرى سخنين، وعرابة، ودير حنا، وطرعان، وطمرة، وكابول، من الساعة الخامسة مساء، وأعلنت أن جميع المظاهرات غير قانونية، وهددت بإطلاق النار على "المحرضين" بهدف منع تنفيذ الإضراب.
كما حاول "اتحاد الصناعيين الإسرائيليين" بالاشتراك مع "نقابة العمال الإسرائيليين العامة" المعروفة بــ"الهستدروت" على إفشال الإضراب، عن طريق تهديد العمال العرب الذين يعملون في المصانع الإسرائيلية بأن عليهم أن يعتبروا أنفسهم مفصولين عن العمل من دون أي حق في التعويض إذا ما استجابوا لنداءات المطالبين بالإضراب.
ووزعت وزارة "المعارف" الإسرائيلية تعميما على رؤساء المجالس المحلية ومديري المدارس العربية، طالبت فيه بالعمل على ضمان سير الدراسة كالمعتاد يوم الثلاثاء 30 آذار من ذلك العام، وعدم الانسياق وراء الداعين إلى الإضراب العام. كما اتخذ مندوبو جميع المنظمات الاقتصادية في حيفا قرارا بأن كل عامل يتغيب في ذلك اليوم لأسباب سياسية سيتعرض للفصل من عمله.
إضراب ومظاهرات في القدس والضفة والأردن والمغرب تأييدا للإضراب
في اليوم التالي، الأربعاء 31 آذار، أغلقت المحال التجارية والمدارس والدوائر الرسمية أبوابها في القدس والضفة الغربية احتجاجا على مصادرة الأراضي في الجليل الغربي. وكانت سلطات الاحتلال اتخذت إجراءات مشددة تحسبا من وقوع حوادث في القدس وسائر أنحاء الضفة.
مظاهرة شعبية ضمت 400 شخص انطلقت من عمان، وصولا إلى معبر الكرامة شارك فيها رجال دين وممثلون رسميون عن الهيئات النقابية والطلابية والنسائية، في ذلك اليوم.
كما شهدت المدن المغربية مظاهرات تضامنية مع الشعب الفلسطيني، وخصص التلفزيون المغربي برامجه للحديث عن يوم الأرض والقضية الفلسطينية.
كيف بدأ يوم الأرض
تعود بداية الأحداث إلى إعلان حكومة الاحتلال برئاسة اسحق رابين عام 1975 عن خطة لتهويد منطقة الجليل، بهدف بناء تجمعات سكنية يهودية على أرض تعود ملكيتها للمواطنين العرب الفلسطينيين الذين يمثلون الأغلبية في هذه المنطقة، تحت مسمى (مشروع تطوير الجليل).
في أعقاب قرار المصادرة، اجتمعت لجنة الدفاع عن الأراضي التي انبثقت عن لجان محلية في إطار اجتماع عام أجري في مدينة الناصرة في 18 تشرين الأول 1975، لبحث آخر التطورات، وسبل التصدي لعملية المصادرة، واتفقوا على إعلان إضراب عام وشامل لمدة يوم واحد في 30 آذار 1976.
ورغم تهديدات الاحتلال، عم الإضراب كافة التجمعات السكانية الفلسطينية من الجليل شمالًا، إلى النقب جنوبًا؛ وخرجت المسيرات العارمة المنددة والرافضة لقرار مصادرة الأرض؛ فكان رد الاحتلال لكسر الإضراب، عسكري دموي بقيادة "رفائيل إيتان"، إذ اجتاحت قواته، المدعومة بالدبابات والمجنزرات، القرى والبلدات العربية الفلسطينية، وشرعت بإطلاق النار عشوائياً، ليرتقي ستة شهداء، أربعة منهم قتلوا برصاص الجيش، واثنان برصاص الشرطة؛ إلى جانب إصابة العشرات بجروح.