ليت هندا...!!
كتب: رئيس تحرير صحيفة "الحياة الجديدة"
في ثمانينيات القرن الماضي انتشرت طرفة عن أحد فصائل اليسار الديمقراطي (..!!) في ساحتنا الفلسطينية، مفادها أن هذا الفصيل كمثل مركبة تشغل "غماز" الانعطافة إلى اليسار، لكنها تنعطف باتجاه اليمين دائما، ومع التجربة نرى اليوم أن الأمر مع هذا الفصيل، بات أبعد من طرفة وأفجع من واقع..!! حتى أن "غماز" اليسار في هذه المركبة التي صارت تتوغل باتجاه اليمين الرجعي، صار باهتا كمثل شمعة تلفظ ومضتها الأخيرة..!!
وأفجع من واقع لأن مركبة هذا الفصيل، وبعد هذا التوغل، لم تعد قادرة على الرجوع إلى طريقها الأول، وفي طريق اليمين الرجعي - بالمناسبة هذا التوصيف لليمين المتحجر لم يعد حاضرا البتة في بيانات هذه المركبة - نقول في طريق هذا اليمين، لا يوجد سوى اتجاه واحد لا يقود إلا إلى حيث الهاوية..!!
وعن بيانات هذه المركبة حدث ولا حرج، من حيث إنها لم تعد بيانات الرؤية والموقف الوطني الصحيح، ولا بيانات التحليل العلمي الرصين، بقدر ما هي بيانات التلاعب بالوقائع والحقائق، وليس لصالح موقفها الحزبي الضيق المحمول على رغبة النكاية فحسب، وإنما كذلك -وهذا هو الاسوأ- لصالح علاقتها "الغامضة" مع اليمين الرجعي الذي لا طروحات لديه سوى طروحات التكلس والتخلف، والمساومة حتى على أنبل القضايا الاجتماعية، وأقدس القضايا الوطنية، وهذه اليوم ليست سوى طروحات قيادة حماس التي ذهبت في تفاهماتها مع إسرائيل الاحتلال والاستيطان، إلى أكثر ما يهدد المشروع الوطني التحرري بخطر التدمير، وهي تتماهى مع صفقة ترامب الصهيونية، التفاهمات التي تحاول قيادة حماس اليوم تمريرها على قواعدها، وعلى أبناء شعبنا في قطاع غزة المكلوم، تحت ذريعة الضرورة كما أعلن ناطقها "المثقف" احمد يوسف، والذي لا شك أنه يعرف أن الضرورة لا تبرر الخيانة الوطنية، ولا بأي حال من الأحوال.
من المؤلم والمؤسف معا أن تظل تلك المركبة في طريق هذا اليمين الرجعي، ولعلنا لا نجد الآن ما نقول لأصحاب هذه المركبة، سوى عتاب الشاعر عمر بن ربيعة لهند: "ليت هندا أنجزتنا ما تعد / وشفت أنفسنا مما تجد / واستبدت مرة واحدة / إنما العاجز من لا يستبد ".