محمد صافي.. عذبته مليشيا "حماس" حتى فقد البصر
غزة- عماد فريج
في غرفة رقم (2) في قسم الباطني بمستشفى الشفاء في غزة، يرقد الشاب محمد ذيب سليم صافي (27 عاما) من بلدة بيت لاهيا شمال القطاع، بعد تعرضه للضرب دون رحمة من قبل ميليشيات حماس، ما أفقده بصره.
محمد الذي خرج مع رفاقه في مختلف أنحاء قطاع غزة، ليقولوا كفى للظلم "بدنا نعيش"، "بدنا نشتغل"، "بدنا نحكي بحرية"، لترد على مطالبهم "سلطة الأمر الواقع" بالقمع، والإجرام، والضرب، والإهانة، والاعتقال، والتنكيل، حيث تعرض للاعتقال من أجهزة حماس خلال فترة الحراك الشعبي، وأمضى ثلاثة أيام في الزنزانة، تعرض خلالها للذل والإهانة.
وأضاف: قلت لهم إن لدي عملية مستعجلة في عيني، فقاموا بضربي 3 ضربات حتى لا أرى إطلاقا وفقدت بصري في العين الأخرى، أصبحت الآن دون بصر، وأطالب الجميع وكل من لديه ضمير وإنسانية بأن يعيد لي بصري".
أحمد شقيق محمد نشر مناشدة على صفحته في موقع التواصل الاجتماعي "الفيسبوك"، قال فيها: "ذنبك الوحيد انك غلبان يخوي، أخي محمد فقد بصره عقب استدعائه لمقر الأمن الداخلي بالشمال لأكثر من 5 مرات على خلفية الحراك السلمي #بدنا_نعيش، مع العلم أنه يعاني من اضطرابات عصبية تؤثر على العين والرؤية، وتم إخبار أجهزة حماس بحالته وتم إعلامهم بموعد عملية له في اليوم التالي ولم يكترثوا وصمموا على حضوره ضاربين بعرض الحائط موعد عمليته .. وأثناء التحقيق معه أبلغ المحقق بأنه فقد البصر في عين واحدة فقام بضربه على رأسه ثلاث مرات من الخلف قائلا له (علشان تبطل تشوف بالمرة). ومحمد الآن يرقد في مجمع الشفاء الطبي فاقداً بصره،، لك الله يا اخي".
بدوره، أشار أحد أقرباء محمد في حديث لـ"وفا"، إلى أن محمد ما زال يخضع لفحوصات في مستشفى الشفاء للوقوف على حالته، في انتظار الحصول على تحويلة للعلاج في الخارج.
وقال الصحفي رامي أمان، من تجمع الشخصيات المستقلة في غزة، إن محمد صافي على قدر عال من الأخلاق والأدب وصاحب جهد كبير من العمل التطوعي مع المؤسسات والوزارات في قطاع غزة، تم استدعاؤه لأحد مقراتها في الشمال بتاريخ 19 آذار الماضي، واحتجازه لـ3 أيام، وتعرض للضرب والإهانة والشبح، بسبب حراك "بدنا نعيش"، رغم أنه أخبرهم بمعاناته من اضطراب للأعصاب وحاجته للعلاج، وإجراء عملية، وتم مصادرة جواز سفره، وجواله الشخصي في حينه.
وأضاف: خلال الأسابيع الماضية طلب منه المراجعة والحضور لمقر الشمال، وفي كل مرة كان يحضر للمقابلة ولم يتأخر، فيقوموا بوضعه إما في زنزانة انفرادية أو في غرفة لأكثر من 5 ساعات، ثم يطلبون منه المغادرة والعودة من جديد.
وتابع: قبل أسبوعين تعرض لانهيار عصبي بعد مغادرته المقر، والزنزانة، وفقد البصر في عينه اليسرى، وهو في طريقه للبيت، فذهبت به عائلته لمستشفى العيون في غزة التي طالبت بإجراء عملية عاجلة، بعد أن عالجته، وأمضى ليلته في المستشفى، وعاد له بصره. وقبل يومين كانت له مراجعة في مقر "حماس" في الشمال، فذهب كالعادة وأخبرهم بحالته الصحية، فتم احتجازه في زنزانة لأكثر من 5 ساعات ثم طلبوا منه العودة بعد يومين. وعند خروجه من المقر شعر بدوخة شديدة ولم يتمالك نفسه وأعصابه وجلس على الرصيف حتى شاهده أحد جيرانه الذي سأله عن سبب جلوسه، فأكد له الشاب باكيا أنه لا يرى شيئا!!!"
وختم أمان: لمن يهمه الأمر ممن تبقى من أصحاب النخوة والمسؤولية في هذا الوطن، فهذا الشاب البسيط يقضي ليلته نائما حاليا في مستشفى الشفاء في غزة، وعائلته تنتظر نتائج التحليلات والفحوصات، بعد أن فقد القدرة على البصر بكلتا العينين".
وقال عضو المكتب السياسي لحزب الشعب وليد العوض، إن "الاعتداء بوحشية على الشاب محمد صافي في أحد سجون أجهزة "سلطة الأمر الواقع" شمال غزة، والتسبب بفقدانه لبصره، يمثل استهتارا فظا بحياة الناس، وجريمة لا تغتفر، تستوجب محاسبة المسؤولين عنها فورا، دون مماطلة أو تسويف".
وأضاف العوض، عقب زيارته للشاب صافي في مستشفى الشفاء، "وأنا أزور الشاب محمد ذيب صافي بعد أن فقد بصره في سجون "سلطة الأمر الواقع" في غزة، وجدت انه الوحيد الذي يرى بيننا".
من جهته، قال الحراك الشبابي "بدنا نعيش" في منشور على صفحته الرسمية: "منذ اثني عشر عاما ونحن نحتمل مرغمين سياسة "حماس" التي فرضتها علينا الظروف، وكانت المقاومة هي ورقتهم التي ترفعها في وجوهنا اذا عبرنا عن استيائنا، وايضا صبر الشعب بكل ثبات مع الظروف التي نعايشها بحجة الحصار، وحين فكر شباب القطاع بالخروج والمطالبة بحقوقهم بالحراك لقينا اسوأ المعاملات، وانتقلت هذه المعاملة عبر كل مواقع التواصل ليعرف الناس كيف تواجه أجهزة حماس الأمنية مطالبنا السلمية".
وأضاف: آخر ضحايا الحراك كان محمد صافي الذي فقد بصره إثر ضربات تلقاها على رأسه بعد تنبيه الشرطي بوضعه الصحي، وضرورة إجرائه لعملية في عينه، ولو أردنا احصاء الانتهاكات التي مارستها حماس على شباب الحراك، فإنني أؤكد لكم ان هناك مئات الشباب الذين طالهم الأذى الجسدي والنفسي، شاهدنا نحن شباب الحراك كل الانتهاكات بأشكالها اللفظية والجسدية، حتى توقيعنا على تعهدات كان انتهاكا واضحا، لماذا تستمر حماس بهذه السلسلة من المضايقات تجاه حراكنا السلمي ومطالبنا المعيشية".
وتابع: "القانون واضح ومحاسبة الأشخاص الذين قاموا بضرب محمد وغيره واجب، قانون رقم(6) لعام 1998 يمنح أي شخص رهن الاعتقال حقوقا من بينها الرعاية الصحية، والكشف الطبي، وأن تؤخذ كل شكوى بوجود إعياء أو مرض على محمل الجد".
وفي منشور آخر، قال الحراك: "الخطر القائم علينا كشباب غزي من جهاز "الأمن الداخلي"! هو خطر وجب فعلا أن نتحرك لنحمي أنفسنا من هذا البطش ويتحرك معنا العالم أجمع. هذا الجهاز السادي يا سادة، يتعامل معك عندما تدخل البوابة على أنك متخابر أو عميل أو ما شابه وأنت ليس لديك أي تهمة! هذا الجهاز قائم على الهوس الأمني، قائم على نظرية المؤامرة، قائم على قمعنا، قائم على ابتزازنا، قائم على كسر إرادتنا ونفوسنا كشباب، قائم على توقعينا على تعهدات بعدم المشاركة بأي حراك، قائم على تركيعنا، قائم على سلبنا حريتنا! أوهمونا أنه جهاز يحمي ظهر المقاومة! لكن هذا جهاز يحمي وجود الفاسدين والمتسلقين ويحمي بقاءهم ويعمل على هجرتنا .. خوفا على أنفسنا منه!"
يذكر أن الحراك الشبابي السلمي "بدنا نعيش" يهدف الى إنهاء معاناة أبناء شعبنا في قطاع غزة، وجرى توثيق العشرات من الجرائم التي تعرض لها المشاركون في الحراك من قبل ميليشيات حماس، والتي وثقتها المؤسسات القانونية والحقوقية ووسائل الإعلام، ومنها الاختطاف، والحجز الجماعي، وفرض منع التجول، وتكسير العظام، والاستخدام المفرط للقوة.