الطبيب سلامة.. مواجهة متطورة لقهر السرطان
عُلا موقدي
قبل 15 يوماً فقط، عاد الدكتور يوسف سلامة (32 عاماً) إلى أرض الوطن، قادما من اليابان، بعد أن أمضى 7 سنوات في دراسة الأبحاث الطبية في مجال التحاليل الجينية، وعمل أستاذاً مساعداً في جامعة طوكيو، ليعود حاملاً خبراته وامكانياته وعلاقاته لتوظيفها في تطوير تشخيص وعلاج مرضى السرطان في فلسطين.
سلامة المولود عام 1987، في بلدة بديا غرب سلفيت، نشط في مجال السرطان والخلايا الجذعية، وسجل فيها براءة اختراع، ومؤسس لبرنامج علاجي للحد من نمو الخلايا السرطانية ونشر العديد من الأبحاث في كبرى المجلات الطبية المتخصصة على مستوى اليابان والعالم.
وبين سلامة في حديث مع "وفا"، أنه درس في جامعة طوكيو، ثم أصبح أستاذا فيها، ودرب أطباء في اليابان في مجال تخصصه، قبل أن يعود إلى فلسطين لاستكمال مسيرته، حيث يقوم بالتدريس في كلية الطب بجامعة النجاح كما يعمل طبيبا في مستشفى النجاح.
وأضاف، لدينا نقص في الخبرات والأدوات التكنولوجية المتخصصة بالكشف عن مرض السرطان وتشخيصه، في اليابان هناك الكثير من التكنولوجيا المتطورة في هذا الخصوص، ويجري العمل على زيارة بعثة طبية على رأسها وزير الصحة الياباني ووفد من (30 شخصية) من أطباء مهرة وأكاديميين في الطب، إلى فلسطين خلال هذا الصيف، للاطلاع على وضع مرضى السرطان وتقديم ما يلزم من أدوات وخبرات وتدريبات، في إطار تحركات حثيثة قمت بها شخصيا وبدعم من السفارة الفلسطينية في طوكيو على رأسها السفير وليد صيام، والحكومة الفلسطينية.
وتابع سلامة: خلال دراستي في اليابان أقمت علاقات واسعة هناك، لتطوير تشخيص وعلاج السرطان في فلسطين، وتأسيس نواة لمركز مختص بعلاج مرض السرطان على غرار مركز خالد الحسن أو تطويره، وتأثيث مستشفياتنا بالتكنولوجيا والخبرات الكافية للحد من الموت الذي يسببه، وتحقيق نوع من الاكتفاء الطبي يقلل أو يمنع تحويل مرضانا الى مستشفيات خارجية. وأتمنى أن نتمكن خلال الفترة المقبلة بالتعاون مع جامعة النجاح والحكومة وبدعم ياباني من توفير المعدات والتقنيات الحديثة، ونقوم بتدريب الخبرات لنصبح أنموذجا في طب وعلاج السرطان.
وقال: في الغرب هناك أجهزة كشف مبكر عن السرطان، كتقنية Liquid biopsy (خزعة سائلة)، وهي عينة من الدم يعرف عن طريقها اذا كان هناك سرطان أو بأخذ نسيج من داخل العضو، وهي طريقة حديثة ومتقدمة تقود في حالات الكشف المبكر إلى التخلص من السرطان نهائيا أو على الأقل الحد من انتشاره وتخفيف أعراضه.
وتابع سلامة: اليوم بات من المقدور علينا اعطاء المريض دواء يتوافق مع الـDNA الخاص به، من خلال فحصنا لـ (الجينومكس) الخاص به. وهو بديل عن الدواء بالكيماوي. ومن خلال Immunotherap= العلاج المناعي، و Cell therapy= العلاج بالخلايا.
وأشار إلى أنه حين يصل الانسان اليابان يعتقد أنه لن يرجع إلى بلده، نظرا للتطور الهائل في كافة المجالات، والواقع أنه عرض علي العمل في مستشفيات وجامعات كثيرة في اليابان وأمريكا واوروبا، لكنني فضلت الرجوع إلى بلدي والعمل فيها وخدمتها، جميل أن يكون لدينا طموح، العقول موجودة لكن كيف ندير طواقمنا ونأتي بدعم خارجي من شأنه أن يطورنا في مجال الطب.
وقال سلامة: "توفيت خالتي وعدد من أقاربي بمرض السرطان، وبشكل يومي كنت أسمع من الأخبار بحالات وفاة في كافة أنحاء العالم، بسبب السرطان، وأنه مع تفرعاتها تعد المسبب رقم واحد للموت، ما دفعني لدراسته ومحاولة فهمه وتشخيصه والعمل على علاج المصابين به والتقليل من حدته".
وكان الدكتور سلامة أوضح في حوار أجرته جامعة النجاح معه قبل فترة، أن فريقا من الباحثين من معهد العلوم الطبية بجامعة طوكيو نجح مؤخرا بالتوصل لآلية جديدة قادرة على تحديد بروتين ومستقبلات موجودة على الخلايا السرطانية التي تسبب تكوين سرطان الجلد (الميلانوما)، وكان هو المؤلف الأول للورقة البحثية وأحد أعضاء الفريق البحثي لجامعة طوكيو والمكتشف لفكرة البحث.
ويمثل "الميلانوما" حوالي واحد في المئة من سرطانات الجلد، ولكنه يسبب الغالبية العظمى من وفيات هذا النوع من السرطان، وفقاً لجمعية أمراض السرطان الأمريكية، وتنمو أورام سرطان الجلد "الميلانيوما "بشكل أكبر مقارنة بغيرها، وتنتشر على الأرجح بسبب تفاعلات بين زوج من الجزيئات، ومن خلال عملية الانتشار التي تعرف باسم (metastasis) تصل الأورام إلى الرئتين والكبد والطحال وغيرها من أعضاء الجسم.
وأشار إلى أن العلاج الوراثي قد يكون مرتبطاً بالعلاج المناعي للسرطان، عندما يتم استهداف الآلية التي يسلكها السرطان باستخدام البروتينات وبالتالي تمكين الجهاز المناعي من العمل والنتيجة تكون في تثبيط ومنع انتشار السرطان في الجسم.
وتحدث سلامة بالنيابة عن الفريق البحثي، وقال: "عند قيامنا بإجراء التجارب على الفئران من خلال حقنها بخلايا سرطانية معدلة وراثياً بحذف الجينات التي تؤدي إلى إنتاج بروتينات TPA , LRP1 ، وجدنا توقفا ملحوظا لانتشار الخلايا السرطانية، وبالتالي استطاعت الفئران العيش تقريباً بنفس عمر الفئران الطبيعية التي لم يتم حقنها بأي نوع من الخلايا السرطانية".
ويُعد هذا الاكتشاف الجديد بمثابة نقلة نوعية في إيجاد آلية جديدة تمكن من الحد من انتشار هذا النوع من السرطان المميت ذو الخطورة العالية من خلال اكتشاف العلاقة الطردية بين بروتينات (TPA LRP1)، وقد يضعنا على أعتاب عصر علاجي جديد يعتمد على تصنيع عقاقير وأدوية ومضادات علاجية جديدة تسـتطيع أن تستهدف بشكل أساسي الطفرات الوراثية للأورام.
يُذكر أنه تم نشر الاكتشاف الجديد في مجلة علمية مشهورة في علم الوراثة الجزيئية (THE FASEB JOURNAL)، وتم وضع اسم الدكتور سلامة كناشر أول في المجلة.