إحدى عشرة ساعة كأنها الدهر..
إيهاب الريماوي
بدا خائفاً ومرتجفا، حين طلبنا التحدث إليه عبر الهاتف لمعرفة حيثيات اعتقاله.
لم أكن أعلم أنني أشكل كل هذا "الخطر" على الجيش الأكثر "أخلاقا" في العالم. قال الطفل رامي التميمي، وأضاف "إنها إحدى عشرة ساعة من الاعتقال عشتها وكأنني عشت الدهر كله.. كنت معصوب العينين ومقيد اليدين، ومتروكا في العراء لساعات طويلة، ومحاطا بالجنود وكلابهم المدربة".
وقال رامي التميمي (11 عاما): من دير نظام شمال غرب رام الله، الذي احتجزه الجنود منذ الساعة الثانية بعد ظهر أمس الاثنين، حتى ساعة مبكرة من فجر اليوم. "عشت حالة من الرعب.. لما أصعدوني إلى الدورية العسكرية، كنت مقيداً، انهالوا علي بالضرب، خفت كثيراً، هذه المرة الثانية التي أتعرض لمثل هذا الموقف".
وأضاف: قبل عامين اعتقلت عندما كنت في التاسعة، وفي كل مرة يدخل فيها جيش الاحتلال إلى قريتنا يتم احتجازي.
جنود الاحتلال الذين اعتقلوا الطفل رامي يوم أمس، أجبروه على حمل الحجارة ثم قاموا بتصويره، وهو ما حدث معه في مرات سابقة.
وقال: "في مستوطنة (شعار بنيامين) تم شتمي وضربي بعنف، كان الجنود يضحكون عليّ بينما كنت أصرخ وسطهم مقيدا ومعصوب العينين.
الاحتلال أفرج عن رامي في ساعات الفجر بعد أن وقّعوه على أوراق بالعبرية لا يعرف محتواها.
ويقول الوالد محمد التميمي/ أبو راغب: "عندما جاءوا لاعتقال ابني رامي قال لي أحد الضباط إن أي حجر يضرب على دورياتهم سيتم اعتقال أحد أبنائي".
وأضاف: "اعتدوا علي بالضرب رغم إعاقتي، وفي مرات سابقة اعتدوا على زوجتي وإحدى بناتي، وأطلقوا الغاز السام والمدمع داخل المنزل رغم وجود رضيع بعمر شهرين داخله".
رامي هو شقيق طفلين أسيرين آخرين اعتقلا قبل نحو شهر، وهما: راغب (16 عاماً) الذي فشل الاحتلال باعتقاله أكثر من 5 مرات، ورامز (14 عاماً) الذي اختفى يوماً كاملاً قبل أن يبلغ الاحتلال بأنه تم اعتقاله على أطراف القرية.
الأب "أبو راغب" لديه من الأبناء خمسة، ومن البنات ثلاث: راغب، ورامي، ورامز، ومحمود، ومصعب، ورند، ورناد، ورشا.
في إحدى المرات التي اقتحم فيها جيش الاحتلال المنزل، سأل أحد الضباط في جيش الاحتلال أبو راغب عن أسماء أبنائه، ولما وصل لاسم مصعب جن جنونه رغم انه بعمر شهرين، لكنه هذا هو اسم لشهيد قتله الاحتلال بداية العام الماضي خلال مواجهات اندلعت في دير نظام.. لكن أبو راغب رد عليه بأن القرية ستطلق على كل أبنائها اسم مصعب.
أطفال "أبو راغب" الذي يعاني من إعاقة حركية منذ عدة سنوات نتيجة إصابته في ورشة بناء داخل أرضي 48، والتي أقعدته عن العمل، هم "عمود البيت" كما قال.
تعيش أسرة "أبو راغب" التميمي، المتواضعة والشجاعة أيضا، على ما تيسر من خيرات الطبيعة، حيث يجمع الأطفال الميرمية والزعتر، والحطب، والحديد والنحاس، ويقومون ببيعه.
في شهر تشرين أول/ اكتوبر الماضي كان راغب ورامز يقطفون ثمار الزيتون، وتفاجأوا بعدد من جنود الاحتلال يحيطون بهما، حيث تم اعتقالهما، وحكم راغب بالسجن 4 أشهر، ورامز 15 يوماً.
وبحسب الصحفي والمصور مجاهد التميمي، فإن الاحتلال اعتقل ما لا يقل عن 20 طفلا في العام 2018، في سياسة ترهيب ضد القرية، كان أخطرها اقتحام مدرسة القرية بشكل متكرر واعتقال طلبة منها، واطلاق الغاز السام والرصاص وقنابل الصوت داخل الصفوف المدرسية.
ويضيف: خلال احدى اقتحامات الاحتلال للمدرسة، حاول موظف الخدمات محمد الخطيب منع جنود الاحتلال من اعتقال أحد الأطفال من داخل الصف، وجرى يومها عراك بينه وبين جنود الاحتلال انتهى باعتقاله والحكم عليه بالسجن 5 سنوات.
وتابع التميمي: تأتي هذه السياسة الإجرامية من الاحتلال بالتزامن مع الاغلاق المتكرر للمداخل الرئيسية للقرية بالبوابات الحديدية، والتي عانت منها القرية قبل نحو أسبوعين، حيث تم اغلاق معظم مداخلها لمدة 5 أيام متتالية، مع إبقاء طريق وحيده مفتوحة من مستوطنة "حلميش" المقامة على أراضي القرية، وهي طريق خطرة، وفي كثير من الأحيان يلقي المستوطنون الحجارة على سيارات المواطنين، بالإضافة لإجراءات الجنود على المدخل من تفتيش وتدقيق وحجز للأهالي لفترات طويلة.