رغم التفجير والهدم.. غرفة عمر صامدة
عُلا موقدي
منذ 50 يوما لم تتوقف ملاحقة جيش الاحتلال لعائلة أبو ليلى، حتى بعد المعركة الأخيرة التي انتصر فيها نجلهم عمر باستشهاده ليلة التاسع عشر من آذار الماضي، بعد أن رفض تسليم نفسه لمئات الجنود الذين حاصروه في بلدة عبوين شمال رام الله.
صباح اليوم، فجّر الاحتلال منزل ذويه مرتين، بعد اقتحام بلدته الزاوية غرب سلفيت لأكثر من 10 ساعات، بواسطة 30 آلية عسكرية ترافقها جرافتان عسكريتان، وما يقارب 300 جندي، حيث بدأ منذ العاشرة والنصف من مساء أمس بإخلائه والمنازل المحيطة، وزرع المتفجرات بداخله، تمهيدا لتفجيره.
الاحتلال لم يكتفِ بالتفجير، الذي أحدث خرابا كبيرا في المنزل المكون من طابقين، ليعاود اقتحامه بجرافة ضخمة لتهدم ما تبقى منه، خصوصا السقف، قبل انسحاب قواتها في الثامنة والنصف صباحا.
وبرغم التفجير مرتين والهدم، بقيت غرفة عمر صامدة، وتضررت بشكل جزئي وبسيط جدا، مقارنة بالدمار الهائل الذي حل في جميع أنحاء البيت.
أمين أبو ليلى، والد الشهيد، وقف فوق دمار منزله الذي كان يعيش بداخله 7 أفراد، مبتسما وصلبا، بعد انسحاب قوات الاحتلال، مستقبلا أهالي بلدته والقرى المجاورة الذين احتشدوا بالعشرات للتضامن معهم.
وقال أبو ليلى لـ"وفا": كل ما نملك هو فداء لروح عمر الطاهرة ولفلسطين، لم يكن هم الفلسطيني يوما المنزل وحجارته، عمر كان محبوب العائلة، اليوم هو محبوب الشعب الفلسطيني والعالم العربي وكل من يؤمن بعدالة قضيتنا ويشد على أيدينا.
وأضاف وهو يشير إلى بيت الدرج الذي دمرته الجرافة، بنيت منزلي فوق منزل أهلي عام 2006، حينها كان عمر طفلا يبلغ من العمر 6 سنوات، وكانت من عاداته اليومية تقبيلي أنا وأمه، ثم ينزل إلى منزل جدته ليحضنها.
بدورها، جدة عمر، رفعت يديها إلى السماء، داعية: "الله يرضى عليك يا عمر، يرضى عليك يا حبيبي، يرضى عليك يا روحي" .
غدير، والدة الشهيد، قالت: في هذا المنزل كان عمر يحتضن شقيقته الصغيرة مجد، ويأخذها لتنام قربه، وصباحا يقوم بتوصيلها للمدرسة، وقبل استشهاده وزع ملابسه على أشقائه.
وأضافت غدير، "والله ما بتعيط ع الشهيد، ابني وفخورة بي، وهدم المنزل المراد منه قهري وقهر والده، لكنه جاء بنتيجة عكسية على الاحتلال، لأنه علمنا الصبر والفخر بأبنائنا، ولن نبكي، الغالي راح، لن نبكي على حجارة.
غدير التي كررت طوال الاقتحامات السابقة للبيت جملة "فشرت عين الاحتلال"، خرجت بعد الهدم لتؤكدها وتكررها أمام عدد من عدسات الكاميرات. وتضيف إليها: اقتحم الاحتلال بيتنا أكثر من 4 مرات خلال الأسابيع الأخيرة، لتسليمنا قرار الهدم وأخذ القياسات واقتحامات استفزازية، وتمزيق والاستيلاء على صور عمر المعلقة على المدخل، وفي كافة زواياه، جيش بكل هذه القوة والعتاد يخاف من صورة! فكيف نخافه!؟
وتضيف حول الحاضنة الشعبية: أي ضيف بعد هدم البيت أضعه في عيوني، لم يمنعني الاحتلال من استقبال الضيوف والمباركين باستشهاد ابني، والجلوس معهم على عتبة البيت.
عمر، المطارد، ثم المشتبك، ثم الشهيد، إلى المحتجز جثمانه، وصولا إلى صاحب البيت المفجر والمهدوم، كان طالبا في سنته الأولى -تخصص إدارة أعمال- في جامعة القدس المفتوحة. يحب مداعبة الأطفال الصغار وأخذهم للدكان والشراء لهم. كان يعشق السيارات، والساعات الفخمة، واللبس الأنيق.