محاولة جديدة من "حماس" للالتفاف على الشرعية
عماد فريج
مرة أخرى، تضع حركة "حماس" نفسها خارج الصف الوطني الفلسطيني، بالإعلان عن نيتها تشكيل هيئة عليا لمواجهة ما تسمى "صفقة القرن"، لتقف "حماس" في خانة المتآمرين على مشروعنا الوطني، بمحاولة جديدة منها للالتفاف على الشرعية الفلسطينية التي تمثلها منظمة التحرير.
ويرى محللون سياسيون ومراقبون أن محاولة "حماس" الجديدة للالتفاف على منظمة التحرير ستبوء بالفشل.
وقال الكاتب والمحلل السياسي أحمد رفيق عوض، إن "صفقة القرن" بحاجة إلى موقف موحّد وشراكة من الكل الفلسطيني وفعل كامل وليس ردة فعل.
وأضاف في حديث لـ"وفا": "إذا كان الجميع متفق على أن الصفقة هي اعتداء على حقوقنا ومصادرة لمستقبلنا وإجهاض لكل ما فعلناه وتجاوز لدمنا وعرقنا، فإن الأجدر أن يكون الجهد الموحّد هو الذي يحقق نتائج، أما وجود مواقف مختلفة وجبهات متعددة سيشتت ذلك العمل والجهد ويقلل التمثيل والشرعية وقوة الحضور ويضعف جبهة الأصدقاء والحلفاء".
وتابع: "خطوة حماس لا تصب في هذا الاتجاه على الإطلاق".
وأوضح عوض: "من يريد أن يقف ضد صفقة القرن، فهناك مظلة واحدة هي منظمة التحرير الفلسطينية والجميع يجب أن ينضوي تحتها، فهي الضامن والعنوان الموحّد لشعبنا، وهي التي تأخذ القرار حتى يكون لموقفنا الفلسطيني ثقل ووزن على المستوى الإقليمي والدولي ولتعزيز التفاف أصدقائنا في العالم حولنا".
وأكد أن "أي موقف انفصالي أو تشكيكي سيضعف قدرتنا على المواجهة، ولا حاجة له، ولن يأتي بنتائج، بل محكوم عليه بالفشل."
بدوره، قال الكاتب والمحلل السياسي عبد المجيد سويلم، إن "حماس" تعتبر خطوة تشكيل هيئة عليا في سياق الرد على تشكيل حكومة محمد اشتية.
وأوضح سويلم، في حديث لـ"وفا"، أن "هناك لجنة إدارية موجودة بالفعل لتقود العمل المدني والميداني لحركة حماس في قطاع غزة، وكل الأحاديث السابقة عن أنه تم حل اللجنة وغير ذلك كان مجرد خداع وأضاليل".
وأشار إلى أن مسألة التلاعب حول أنه سيعاد تشكيل اللجنة أو ستشكّل هو نوع من التكتيكات المضللة التي تحاول أن تستخدمها حركة "حماس".
وأكد أن "حماس لا تؤمن بإنهاء الانقسام، وهذه المسألة لم تعد بحاجة إلى دلائل، لأن الشارع الفلسطيني بدأ يشعر شيئا فشيئا أن مسألة الانقسام بالنسبة لها هي مسألة وجودية، لأنه لولا هذا الانقسام لما ظهرت "حماس" بهذه الأهمية، وبات الانقسام هو سر حياة ووجود وبقاء الحركة.
وأضاف سويلم: "الناس بدأت تدرك هذه الحقيقة، حركة حماس عندما تذهب إلى تفاهمات مع الإسرائيليين أو مع أطراف إقليمية وكل شيء قابل للتفاهم إلا مع السلطة الشرعية ومع قيادة منظمة التحرير لماذا؟ لأن قيادة منظمة التحرير والشرعية الفلسطينية تريد إنهاء الانقسام فعليا وتريد وضع حد نهائي له، وتريد أن تعبر بالمجتمع الفلسطيني إلى الديمقراطية، وإلى انتخابات، وإلى إعادة بناء النظام السياسي، وإلى شراكة وطنية حقيقية قائمة على أسس سياسية واضحة المعالم، وهي القبول ببرنامج منظمة التحرير والتزاماتها وقراراتها باعتبارها الممثل الشرعي والوحيد لشعبنا".
وشدد سويلم على أنه في حال انخراط "حماس" في النظام السياسي القائم على برنامج منظمة التحرير، ستصبح فصيلا كغيرها من فصائل المنظمة، "لكن أعتقد أن حماس لا تريد أن تكون فصيلا، بل تريد أن تكون جسما موازيا أو بديلا لمنظمة التحرير، أو يأتي الطوفان".
وكان أمناء وممثلو الفصائل الوطنية تحدثوا لـ"وفا" عن تشكيل "حماس" هيئة عليا.
واعتبر أمين سر المجلس الثوري لحركة "فتح" ماجد الفتياني، إعلان حماس تشكيل هيئة عليا إصرارا منها على المضي قدما بالانقسام، ورفضا صريحا منها للعودة إلى اللحمة والوحدة لصفوف شعبنا، مبينا أن "حماس" تحاول الهروب إلى الأمام بانقسامها استعدادا لانفصالها عن الجسم الوطني الفلسطيني.
بدوره، أكد عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية واصل أبو يوسف، أن أية محاولات أو أحاديث أو إجراءات خارج إطار منظمة التحرير الفلسطينية ستبوء بالفشل، في حين، أكد أمين عام المبادرة الوطنية مصطفى البرغوثي، أن التصدي لما تسمى "صفقة القرن"، يتطلب توحيد كل الطاقات وبشكل جماعي، مشددا على أنه "لا أحد بإمكانه التفكير بإيجاد بديل لمنظمة التحرير، التي ستبقى الممثل الشرعي والوحيد لشعبنا".
من جهتها، اعتبرت القيادية في الجبهة الشعبية مريم أبو دقة تشكيل "حماس" لما تسمى "هيئة مواجهة صفقة القرن" تساهم في تعزيز الانقسام، مؤكدة رفضها لأي إطار أو هيئة لا تندرج تحت إطار منظمة التحرير.
من جانبه، أكد عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية طلال أبو ظريفة، أن الإدارة الأميركية ودولة الاحتلال تريدان تفتيت الشرعية والوحدة الفلسطينية، وتعتبران المرحلة الراهنة في ظل بقاء الانقسام وخطوات "حماس" فرصة لتمرير ما تسمى "صفقة القرن".
من جهته، اعتبر القيادي في حزب الشعب وليد العوض خطوة "حماس" بمثابة ذر للرماد في العيون، محذرا من مغبة التعاطي معها، وأعرب عن قلقه من أن تكون هذه الهيئة لدحرجة الأمور فيها من أجل التفاوض على "صفقة القرن" وليس لإيقافها.