خيام صامدة في مسافر يطا
صلاح الطميزي
"من هالمراح ما في رواح، هاي أرضي بدي اضل في شمسها ما برحل عنها"، عبارات رددتها الحاجة بسمة النواجعة، وهي تلملم ما تبقى من حاجياتها، بعد أن هدم الاحتلال الخيمة التي تؤويها للمرة الرابعة خلال شهر، في قرية سوسيا بمسافر يطا جنوب الخليل.
يبدو التعب والارهاق ظاهرين على وجه الحاجة بسمة في العقد الخمسين من عمرها، لا سيما بعد عمل شاق الليلة الماضية، لنصب خيمتها التي هدمها الاحتلال يوم أمس الأربعاء، ولم تر النور في صباح اليوم الخميس.
"بعثروا الاواني وسكبوا اللبن والجميد على الأرض، حتى لقمة عيشنا لم تسلم من همجيتهم، هذه المنتجات التي جمعناها بشق الأنفس بعد رحلة شاقة ومطاردات متواصلة لمنعنا من رعي اغنامنا، يريدوننا أن نرحل بشتى الطرق، لكن نحن باقون في أرضنا مهما كلفنا الامر"، تقول الحاجة النواجعة.
يسعى الاحتلال من خلال اجراءاته المتواصلة لتضيق الخناق على سكان المسافر، لإجبار السكان والمزارعين ورعاة الأغنام على ترك هذه الأراضي، التي تعتبر مطمعا لحكومة الاحتلال التي تسعى الى السيطرة عليها لصالح الاستيطان.
الحاج حسين راضي النواجعة يبدو عليه الإصرار والتحدي عليه، يقول: "اعتدنا على الاحتلال وظلمه، هدموا خيمتنا أربع مرات خلال الشهر، وبنيناها في كل مرة، ويهدمها من جديد، سنبقى صامدين في ارضنا لن نرحل عنها او نتركها للاحتلال ومستوطنيه".
ويدعو النواجعة، المؤسسات المحلية وغيرها لضرورة توفير الدعم ومقومات الصمود لعائلته وغيرها من سكان مسافر يطا المرابطين في ارضهم بوجه شبح الاستيطان المدعوم من حكومة الاحتلال، التي تعزز الاستيطان من خلال تشجيع المستوطنين على البقاء في الأراضي التي اخذت من سكانها الأصليين عنوة.
منسق اللجان الوطنية والشعبية لمقامة الجدار والاستيطان جنوب الضفة الغربية راتب جبور، يقول: إن الاحتلال يستهدف كافة القرى والتجمعات السكانية في مسافر يطا، من خلال ممارسات يومية متمثلة باقتلاع الأشجار وهدم الخيام وحظائر الأغنام، وتسميم الابار وتخريب المزروعات والأراضي الرعوية، بهدف اجبار السكان على ترك أراضيهم وترحيلهم لتنفيذ المخططات الاستيطانية وتوسيع المستوطنات المقامة على أراضي المواطنين.
خبير الخرائط والاستيطان في جنوب الضفة الغربية عبد الهادي حنتش، يؤكد أن عمليات الهدم التي تجري في مسافر يطا، تأتي في سياق مخطط إسرائيلي استيطاني لإيجاد منطقة "أمنية عازلة" في المناطق القريبة للتجمعات الاستيطانية، من أجل الاستيلاء على مزيد من الأراضي الفلسطينية.
وأشار إلى أن ما يسمى بـ"مجلس المستوطنات الإسرائيلية"، بالضفة الغربية ينفذ هذه السياسة المتواصلة لتطال جميع المناطق المحاذية للمستوطنات، وجدار التوسع العنصري، للاستيلاء على المزيد من الأراضي الفلسطينية.
وبين أن عمليات الهدم والتجريف تزيد من نسبة البطالة والفقر في هذه المناطق، حيث إن غالبية العائلات هناك تعتمد على الزراعة ورعي الأغنام، التي سلبت مناطقها الرعوية، وباتت بلا ماء، بعد أن هدمت الآبار التي ترتوي منها.